الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هل يدخل محمد العزبى الجنة؟!

يعترف عمنا محمد العزبى أنه بدأ فى كتابة العمود الصحفى بالصدفة.. وبأمر مباشر من رئيس التحرير.. بعد سنوات من الشغل اللذيذ.. محررًا ومراجعًا ومندوبًا ومترجمًا.. كعب داير حتى تربع على كرسى.. وفى البداية لم يجعل لما يكتبه عنوانًا لعشرين سنة كاملة.. إحساسًا منه أنه لا شىء يدوم.. حتى جاء رئيس تحرير آخر أصر على عنوان دائم للعمود.. وكان ولابد وأن يسمع الكلام..



 

 وعندما بدأ فى كتابة العمود الصحفى قبع فى ركن بالصفحة الثانية ثم انتقل بعد سنوات إلى صفحة داخلية ثم انتقل إلى الصفحة الأخيرة دون أن يسعى وإنما بقرار من مدير التحرير ليشعر بمزيد من المسئولية.. ففى نفس المكان كان مقال أستاذنا كامل زهيرى تحت عنوان «من ثقب الباب».

وهكذا يقدم لنا محمد العزبى نفسه فى أحدث كتبه: هل يدخل الصحفيون الجنة عن دار ريشة للتوزيع ويقع فى حوالى 300 صفحة معجونة بالهم الصحفى ومسكونة بدروس السياسة والتجربة الحياتية.. مع أن الكتاب ساخر فوق العادة.. لكنها دروس عمنا العزبى يتحفنا بها فى الحياة وفى آخر إصدار أدبى قبل أسابيع قليلة.

لا يجوز أن أقدم الأستاذ.. فهو غنى عن التعريف على اعتبار أنه واحد من الكبار.. كبار الكتاب والساخرين.. صاحب البصمة والسلاسة فى الأسلوب والمعجون بهموم المهنة وهو يطرح السؤال المشروع الذى لا إجابة له: هل يدخل الصحفيون الجنة؟!

محمد العزبى نموذج حقيقى لجيل الأساتذة المؤسسين الذى لا يستسلم أبدًا وقد حضر الفيلم من أوله.. هو يحكى على لسان فتحى غانم عن سرادق العزاء فى قاعة مجلس الوزراء بحضور كبار الصحفيين فى اجتماع تأميم الصحافة.. وإدراك الصحفيين وقتها أن الفقيد هو حرية الصحافة!!

ومع هذا لا يستسلم العزبى وقد أدرك مبكرًا أنه لن يكون وحيدًا.. ومن المؤكد أن هناك من لا يستسلم مثله ويحاول أن يعبر مثله عن الرفض وعن عدم الرضا.. ويذكر لنا آخر دروس موسى صبرى فى أيامه الأخيرة وهو يهمس لصديقه أحمد عباس صالح أن المتصارعين من أجل السلطة قد استخدموا الصحافة أسوأ استغلال!

أدرك محمد العزبى أن اليد الوحيدة تستطيع أن تصفق وأن تصنع الثورة وتخلق الرفض.. وحتى النفخ فى الهواء يمكن أن يغير الكون الذى يتغير بالتذمر والقلق والرفض.. رفض المكتوب والقضاء والقدر.. وعندما تحولت رواية الكرنك إلى فيلم سينمائى قام صلاح نصر برفع قضية على نجيب محفوظ مؤلف الرواية.. لكن القاضى أصدر حكمًا ببراءته!

أدرك العزبى أن الاستسلام لما هو كائن والخضوع للمكتوب هو نوع من العجز والكسل والخنوع.. وقد أدرك أنه لا يستطيع ترويض القوة والوقوف فى مواجهتها وجرها لملعب السخرية تمهيدًا للسيطرة والقضاء عليها تمامًا.. فكانت صفحات كتابه الأخير والجميل.. هل يدخل الصحفيون الجنة؟!