
أسامة سلامة
بأى حال عدت يا يوم السعادة؟
«كلنا عايزين سعادة
بس إيه هى السعادة،
ولا إيه معنى السعادة قوللى يا صاحب السعادة، قوللى قوللى؟»
هكذا تساءل الفنان الكبير إسماعيل ياسين فى واحدة من أروع أغنياته.
الأمم المتحدة حاولت الإجابة على السؤال عندما حددت 20 مارس يوما عالميا للسعادة، واختارت هذا اليوم لأنه تاريخ اعتدال الطقس فى الكرة الأرضية، وهى ظاهرة يمر بها العالم كله فى نفس الوقت، ويحدث الاعتدال فى اللحظة التى يمر فيها خط الاستواء للأرض من خلال مركز قرص الشمس، فيأتى الربيع فى نصف الكرة الشمالى والخريف فى نصفها الجنوبي، ولذا تعتبر هذه الفترة «بداية جديدة وجميلة وسعيدة للجميع».
فكرة هذا اليوم ابتكرها المستشار الخاص للأمم المتحدة جايمى ليان، بهدف لفت نظر الناس لضرورة الاهتمام بالسعادة عن طريق تخصيص يوم عالمى لها، وطرح الفكرة عام 2011، ودعا الناس لتذكر الأسباب التى تجعلهم سعداء.. وأطلق ليان حملة عالمية ناجحة، وحصل على موافقة ودعم الأمين العام للأمم المتحدة حينها بان كى مون، وتمت الموافقة على إصدار قرار بهذا اليوم من جانب جميع الدول الأعضاء بالمنظمة فى 28 يونيو 2012، وتم الاحتفال به رسميا لأول مرة عام 2013.
9 سنوات مرت منذ بدء تدشينه ولكن هل شعر العالم فعلا بالسعادة؟ يأتى هذا اليوم فى هذا العام والعالم يعانى من حرب روسيا وأوكرانيا، ووسط مخاوف كبيرة من أن تتحول إلى حرب عالمية، وأن تستخدم فيها الأسلحة النووية، ويترقب الناس فى كل الدول ما ستسفر عنه هذه الحرب، ولكن فى كل الأحوال فإن السعادة لم تعد موجودة لدى أى إنسان إذ أن الخوف والقلق والتوتر يمنعان الشعور بالسعادة، فما بالك والكوكب كله مهدد بالفناء إذا تهور قادة العالم واتخذوا قرارات أدت الى حرب نووية ستقضى على الجميع إذا نشبت بالفعل، على أن المتفائلين الذين يستبعدون قيام هذه الحرب، أو يتوقعون انتهائها قريبا فإنهم يدركون التداعيات الاقتصادية والسياسية لها، فقد ضربت موجات الغلاء كل دول العالم وارتفعت أسعار البترول والغاز بشكل هستيرى، وكان لبلدنا نصيب كبير من هذا التأثير والذى استغله بعض التجار لتحقيق مكاسب لهم دون وجه حق، حيث ارتفعت أسعار كل السلع الأساسية من الخبز والفول والطعمية والبيض إلى الألبان ومنتجاتها والأرز والمكرونة والزيوت بأنواعها مرورا باللحوم والفراخ والأسماك، وتبعها الخضر والفاكهة، وهو ما يلقى بأعباء جديدة على المواطنين خاصة البسطاء ومحدودى ومعدومى ومحددى الدخل، وهؤلاء يمثلون الغالبية العظمى من المواطنين، فإذا أضفنا الى ذلك فواتير الكهرباء والغاز والمياه التى تتصاعد، بجانب أعباء التعليم وما يلاقيه المواطن من متاعب كبيرة فى تعليم أولاده، وحيرته بسبب تخبط برامج التطوير، بالإضافة الى ما يعانيه أحيانا من عدم القدرة على الحصول على رعاية صحية جيدة إذا أصيب هو أو أحد أفراد أسرته بالمرض، كل هذا يجعل المواطن فى خوف دائم وقلق مستمر من عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه أسرته، خاصة أن عددا غير قليل وبسبب ارتفاع الأسعار وعدم زيادة المرتبات والدخل بنفس النسبة تراجعوا من الطبقة الوسطى الى الفقيرة ومن الأخيرة الى المعدومة، ولن أتحدث عن متاعب أخرى كثيرة مثل البطالة التى يعانى منها عدد كبير من الشباب، ولا عما يحدث فى المجتمع من جرائم غريبة لم نعتد عليها، وهى كلها تخبرنا عن تراجع السعادة فى مجتمعنا، ولا ننسى أن العالم كله ونحن معه مازلنا نعانى من جائحة كورونا وما أدت إليه من ضحايا، ولعل هذا يجعلنا نتساءل باى حال عدت يا يوم السعادة؟ ونغنى مع إسماعيل ياسين فى أغنيته التى لحنها بنفسه من كلمات أبو السعود الابيارى «كلنا عايزين سعادة.. بس إيه هى السعادة.. ولا إيه معنى السعادة؟».