الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
ع المصطبة.. حرب أوكرانيا تكتلات عالمية وحرب باردة جديدة

ع المصطبة.. حرب أوكرانيا تكتلات عالمية وحرب باردة جديدة

على وقع ما يجرى الآن ميدانياً على أرض المعارك الحربية الدائرة فى أوكرانيا، يتشكل نظام جديد لموازين القوى والتكتلات العالمية على نحو متسارع سيعيد أجواء الحرب الباردة مرة أخرى، مع الأخذ فى الاعتبار أن الصين لم تعد تلك الدولة المنغلقة على نفسها طوال عقود الحرب الباردة السابقة، بل باتت تتحكم فى الكثير من مفاصل الاقتصاد العالمى، كما أن روسيا الجريحة بعد تفكك الاتحاد السوفيتى السابق أصبحت قوة اقتصادية وعسكرية عظمى.



الواضح أن الدول الغربية وفى مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كانت تدفع دفعاً نحو نشوب هذه الحرب، بل تعمل حالياً على إطالة أمدها قدر الإمكان من أجل إنهاك روسيا اقتصادياً وعسكرياً، بعدما نجحت فى تقديم أوكرانيا طعماً وطريدة للدب الروسى، وربما تهدف أمريكا من وراء ما يحدث الآن إلى إغراء التنين الصينى بالتهام «تايوان» التى طالما ظل ضمها تحت مظلة سلطات بكين حلماً لم يبارح مخيلة قادة الصين، حيث يرون أن تايوان مقاطعة منشقة سيعاد ضمها إلى البر الرئيسى فى نهاية المطاف، ومن ثم تنزلق الصين فى صراع يؤثر على اقتصادها أو يعرقله ولو مرحلياً، كما هو حال الصراع الذى تخوضه روسيا حالياً.

فى المقابل، حققت روسيا مكاسب عسكرية، كما رسخت صورة دولية واضحة بأنها لن تتوانى فى الدفاع عن أمنها الإقليمى بأى ثمن، وإن بدت محاصرة اقتصادياً، خصوصاً أن هذا الحصار يضر بالعديد من الدول الأوروبية التى تعتمد بشكل كبير فى مصادر الطاقة على الغاز الروسى، ومن ثم فإن هذا الحصار مصيره عاجلاً أم آجلاً الانحسار أو الالتفاف عليه بشكل أو بآخر.

كما أدى تطور الصراع العسكرى إلى إحراج بعض الدول التى حاولت الإمساك بالعصا من المنتصف، وبالتحديد النظام التركى الذى حاول فى البداية الظهور بموقف ملتبس سرعان ما انتهى تحت الضغوط الغربية ولكونها عضوا فى حلف الناتو، إلى الاصطفاف مع المعسكر الأمريكى، وهو موقف ستكون له تبعات مستقبلية، فلن يترك الدب الروسى ثأره دون أن يغرز مخالبه فى عمامة الخليفة التركى عقاباً له على غلق مضيق البسفور أمام السفن الحربية الروسية.

وتعد الدول الأوروبية المتاخمة لمنطقة الصراع الأكثر تضرراً اقتصادياً، فهذه الدول بدأت تستشعر الخطر المحدق باقتصاداتها نتيجة حالة عدم الاستقرار المحيطة بها، ناهينا عن ملايين اللاجئين الأوكرانيين المتدفقين إليها بما يمثله ذلك من ضغوط اقتصادية واجتماعية تزيد من ضغوط موجودة بالفعل نتيجة تدفق اللاجئين السوريين وغيرهم خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى الموجات المتلاحقة من الهجرة غير الشرعية براً وبحراً.

هناك أيضاً حلف الناتو المريض الذى يعانى أعراض الشيخوخة، حيث جاءت الأحداث الحالية بمثابة غرفة الإنعاش التى عاد من خلالها للتنفس من جديد، بعدما كثرت التساؤلات الغربية حول جدوى وجوده.

وبغض النظر عما يجرى عسكرياً حالياً، فالمتوقع أن يصل الجانب الروسى مع أوكرانيا وحلف الناتو إلى حلول دبلوماسية تحقق العديد من شروط موسكو لوقف عملياتها العسكرية، تعيد تشكيل حدود حلف الناتو القريبة من روسيا، بما يضمن الأمن الروسى، فلن تقبل موسكو بأن يكون هناك موطئ قدم لأمريكا وحلف الناتو داخل الأراضى الأوكرانية.

محلياً، فإنه إذا كانت هناك تأثيرات سلبية على حركة السياحة المصرية التى تعتمد فى جزء كبير منها على السياح الروس والأوكرانيين، فإنه فى المقابل هناك مكاسب لسوق الغاز المصرية ولمشروع تحويل مصر إلى مركز إقليمى للغاز المسال، فأوروبا ستسعى جاهدة لتعويض مصادر الغاز الروسى بأخرى بديلة، وهنا يمثل الغاز المصرى بديلاً ناجعاً، خصوصاً فى ظل التعاون المصرى اليونانى القبرصى على وجه التحديد فى هذا الشأن.