الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

البحث عن علا.. والبحث عن الذات المفقودة

 فى رمضان 2010 ظهرت شخصية «علا عبدالصبور» لأول مَرَّة من خلال مسلسل (عايزة أتجوز) الذى لعب بطولته «هند صبرى، وسوسن بدر، ورجاء حسين، وأحمد فؤاد سليم» وأخرجه «رامى إمام» من تأليف «غادة عبدالعال» ليحكى عن معاناة فتاة فى نهاية العشرينيات فى إيجاد عريس، تناول حينها المسلسل مسألة العنوسة بشكل كوميدى، لا يخلو من المبالغة فى كثير من الأحيان، ومع ذلك تعلق الجمهور بشخصياته الأساسية, وضيوف الشرف الذين ظهروا خلال كل حلقة فى دَور العريس المنتظر.



 

ورُغم إصرار فريق عمل مسلسل (البحث عن علا) الذى عرض على منصة (نتفلكس) مؤخرًا على عدم اعتباره جزءًا ثانيًا من مسلسل (عايزة أتجوز) وأنه مجرد استغلال لشعبية البطلة، لتقديمها بحكاية مختلفة تتواكب مع متغيرات العصر، والمرحلة العمرية التى تمر بها؛ فإن الجمهور بالكاد تمكّن من التحرر من ماضى الحكاية الراسخة فى ذهنه، والتى لم يتبقَّ من أبطالها الأصليين سوى «هند صبرى، وسوسن بدر، وهانى عادل». 

المسلسل الذى أخرجه «هادى الباجورى» بشكل سينمائى أكثر منه تليفزيونى، تم تقديمه فى ست حلقات فقط، وتنطلق أحداثه بعد أن حققت «علا» حلمها وتزوجت وأنجبت، وصار عليها أن تواجه أزمة الطلاق بعد أن شعر زوجها بعدم رغبته فى استكمال حياتهما سويًا، ومن المؤكد أن المؤلفة «غادة عبدالعال» قد عالجت مشكلة الطلاق، وما تعانيه المرأة بعد حدوثه بشكل أكثر نضجًا مما فعلته قديمًا فى قضية العنوسة، رُغْمَ عدم اختفاء اللمسة الكوميدية طوال الأحداث؛ حيث انضمت إليها فى كتابة (البحث عن علا) «مها الوزير» مما جعل المعالجة الدرامية أكثر صدقًا وثراءً، ولا سيما أنها لم تقتصر على هموم المرأة المطلقة وما تعانيه من صدمات تعقب طلاقها؛ بل حولت الطلاق إلى نقطة انطلاق تعثر من خلاله البطلة على ذاتها المفقودة، كما امتد أيضًا ليقدم مواجهة بين ثلاثة أجيال، الجيل الأول تمثله «سوسن بدر» فى دور «سهير» والدة «علا» والتى لم يقدمها المسلسل كأم تقليدية تدافع عن مصالح ابنتها، وتعاونها على مواجهة مصاعب الحياة؛ بل سلط الضوء أيضًا على كل الموروثات الفكرية البالية التى أثرت بشكل سلبى على ابنتها، وقد تمكنت «سوسن بدر» من تقديم دور الأم التى تجمع بتلقائية بين قلقها الدائم على ابنتها وأحفادها ودعمها المستمر لكل خطواتهم، وبين محاباتها لطليق ابنتها، ورغبتها فى عودة حياتهما الزوجية بغض النظر عن أى اعتبارات أخرى، والجيل الثانى تمثله «هند صبرى»، التى استطاعت أن تقدم دور المرأة الأربعينية بنجاح؛ حيث الصراع الدائم بين ما تفعله وما تتمنى أن تفعله، أمّا الجيل الأحدث والذى يعكس التحرر، ويشجع «علا» على الانطلاق نحو فضاء رحب فتمثله ابنتها «نادية»، التى قامت بدورها «آيسل رمزى» بمشاركة صديقتها «زينة» التى لعبت دورها «ياسمين العبد» بشكل لافت للنظر.

وفى خط درامى موازٍ تظهر «نسرين» صديقة «علا» منذ الطفولة، وقد أدت «ندى موسى» دور الصديقة القادرة على أن تكون خير سند لصديقتها، حتى تتمكن من عبور أزمتها، ومع ذلك لم تقدم تلك الشخصية بشكل هامشى أو سطحى؛ فـ«نسرين» إنسانة تعانى من افتقاد الحب، وتبحث عنه فى كل رجل تلتقيه، كما تبحث عن ذاتها أيضًا، أمّا شخصية «منتصر» شريك «علا» فى مشروعها والمتخصص فى شم وتمييز روائح العطور فتعتبر واحدة من أجمل الشخصيات الكوميدية التى تم تقديمها مؤخرًا، والتى قام بها الفنان الكوميدى «محمود الليثى»، وجمال تلك الشخصية يتجاوز ملامحها المرسومة على الورق، فمن المؤكد أن «الليثى» قد أضاف لها بعض التفاصيل الخاصة، والإفيهات المبتكرة غير المستهلكة، التى ساهمت بشكل كبير فى جعلها ليست مجرد شخصية عابرة.

وإذا كان الأداء التمثيلى لفريق العمل قد بلغ حدًا كبيرًا من التناغم تحت قيادة «هادى الباجورى»؛ فإن الأزياء التى ارتدتها «علا» خلال الأحداث، وضيوف الشرف الذين وضعوا بصماتهم على الحلقات، والموسيقى التى صنعها «خالد الكمار» بالإضافة إلى اختيار عدد من الأغنيات التى صاحبت بعض المَشاهد جميعهم لعبوا دور البطولة أيضًا.