
أسامة سلامة
البحث عن منتحب وطنى فى كل المجالات
قدم منتخبنا الوطنى أداء مميزا فى بطولة إفريقيا لكرة القدم، وعلى عكس كثير من توقعات المحللين الرياضيين كان اللاعبون على قدر المسئولية، واستطاعوا تحقيق نتائج رائعة، النجاح لا يأتى بالصدفة ويحتاج إلى عوامل عديدة لتحقيقه، وهو ما حدث مع المنتخب، أول هذه العوامل الاختيار الجيد للاعبين والذى تم بناء على المهارة والقدرة على العطاء وتنفيذ التعليمات والقيام بالواجبات بدقة، ولم تكن الاختيارات حسب الانتماء القبلى لأندية بعينها أو الشللية والحب والكراهية، وتم منح الفرصة للاعبين قادمين من أندية غير جماهيرية بعضها يلعب لأول مرة فى الدورى الممتاز، ما أعطاهم حماسا لإثبات ذاتهم وإبراز قدراتهم، بعدما تبين لهم أن الكفاءة هى المعيار الأول فى الاختيارات، وهو نفس ما ينطبق على اللاعبين صغار السن الذين أثبتوا قدرتهم على العطاء عندما وضعوا فى هذه التجربة الصعبة، هذا الأسلوب فى الاختيار يعطى الأمل للاعبين آخرين لا ينتمون إلى الأندية الكبرى فى الانضمام للمنتخب طالما ظل معيار الكفاءة موجودا، فيبذلون جهدا وينمون مهارات تؤهلهم لشرف تمثيل بلدهم، من العوامل المهمة أيضا فى نجاح المنتخب هو تجانس اللاعبين وإعلاء شعار أن الفريق فوق الجميع، وأكبر من الأشخاص، وانتهاء نغمة الانتماء للأندية التى عزفتها بعض البرامج الرياضية وتسببت فى إشعال نار التعصب والفرقة خلال الفترة التى سبقت الدورة الإفريقية، وليت هذه البرامج تتوقف عن هذا الشحن الطائفى البغيض بعد أن أصبح اللاعبون على قلب رجل واحد واستطاعوا تحقيق النجاح والوصول إلى الأهداف المنشودة، من أسباب تفوق المنتخب أيضا وجود قائد داخل وخارج الملعب قادر على احتواء اللاعبين صغار السن والتعامل مع أصحاب الخبرات، وإذابة أى خلافات تظهر، ومنح الثقة للاعبين الذين يلعبون لأول مرة دوليا وخاصة عند دخولهم الملعب كبدلاء وعند تنفيذ ضربات الترجيح التى تحتاج إلى أعصاب هادئة، يضاف إلى ما سبق وجود مدرب صاحب خبرة كبيرة سبق له تحقيق نجاحات مع منتخبات أخرى، ولديه طموحات فى تحقيق نجاح آخر، ما أعطى اللاعبين الثقة فى قدرته على قيادة الفريق، وهو ما ظهر فى تعامله مع إصابات بعض اللاعبين المهمين وإيجاد بدائل لهم لا تقل عنهم فى الكفاءة والعطاء، وأخيرا حماس اللاعبين والجهاز الفنى الذى انعكس على الأداء والقدرة على مواصلة اللعب لوقت اضافى فى ثلاث مباريات متتالية، هذه روشتة نجاح المنتخب وهى تصلح فى جميع المجالات، مثلا نحتاج منتخبًا مماثلاً فى التعليم، يتضمن خبرات كبيرة وشبابًا لديه طموح وحماس من أجل إصلاح منظومة التعليم، ويكون اختيار الفريق بناء على الكفاءة والقدرة على العطاء وليس الحظوة والولاء، ويكون لديهم الفهم فى هذا الملف ومعرفة جميع جوانبه، ثم نهيئ لهذا المنتخب التعليمى المناخ الذى يساعده على تطوير التعليم فى ظل إمكانيتنا المتاحة، وليس ما هو موجود فى خيالنا وأحلامنا، ويتطلب ذلك وجود عين لاقطة للمواهب وقادرة على الانتقاء بحياد، ووقتها سنحقق أهدافنا فى التعليم، أيضا نريد منتخبا مماثلا فى الصحة، ينحى الخلافات جانبا ولا يتحيز لفريق بعينه، ويضم الكفاءات أيا كانت انتماءاتهم، والمهم أن ينصهر المنتخب الصحى فى بوتقة واحدة بهدف تحقيق بطولة فى هذا المجال الحيوى، مع إبعاد أى عناصر فاسدة تهدم ولا تبنى مهما كانت قدراتها، نريد أيضا منتخبا مشابها فى الإعلام، يعتمد على الكفاءة فى اختيار أفراده وليس الولاء، وأن يكون هناك هدف محدد وخطة واضحة للنهوض به، خاصة فى ظل المعطيات الجديدة والتقنيات الحديثة فى هذا المجال، كما لا بد له من إيجاد المناخ الذى يستطيع أن ينجح من خلاله ويتيح له منافسة الإعلام فى الدول الأخرى، نفس الأمر ينطبق على مجالات أخرى عديدة فى الاقتصاد والصناعة والتجارة والثقافة والفن وفى تجديد الفكر الدينى وفى دراسة القضايا الاجتماعية، نعم نحتاج منتخبا فى كل مجال مثل منتخب كرة القدم.