الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جدل «أصحاب ولا أعز».. المرأة تدفع الثمن كاملاً!

بين كفى الرحى وسط زحام من المساومات، تحتسب خطواتها بدقة تارة أو تترك لعفويتها العنان تارة أخري.



ماذا تفعل وسط مجتمع مراقب بصاص لم يعرف يومًا أن يتركها وشأنها، هو الخصم والحكم دفعة واحدة هى المرأة التى تريد النجاح اليوم !!

أتخيل لو لم تكن منى زكى من شاركت فى فيلم «أصحاب ولا أعز» وكان بدلا منها ممثل مصرى قدم أحد الأدوار الذكورية فى الفيلم كانت وطأة الحدة والهجوم مختلفة تمامًا، حتى وإن كان دور أكثر جرأة وانفتاحا، لم تتعر منى داخل الفيلم ولم تصبها قبلات ساخنة، هى امرأة مصرية تحاول مسايرة أجواء بلد عربى به المرأة أكثر تفتحًا، والمجتمع أكثر رحمة من المجتمع المصرى لأسباب كثيرة يطول شرحها، ماذا قدمت منى زكى داخل الفيلم سوى امرأة تبحث عن الحب، تبحث عن كلمة تعطى لأنوثتها ثقة بل بالأحرى تعيد لها ثقتها فى نفسها حتى لو افتراضيًا من خلال رجل افتراضى 

خلعت منى زكى رداءها الداخلى وضعته كومة داخل حقيبتها، لم يعلم أى شخص داخل الفيلم بهذا الخلع لملابسها الداخلية، لم تبرز ساقيها داخل مشهد الفيلم، وأتخيل لو كان الفيلم من إخراج حسن الإمام لكن سلط الكاميرا على ساقى البطلة حتى ركبتيها ولكن  ما حدث أفجع مجتمع اليوم أكثر من أفلام الكبار للسينما الواقعية، مشهد سريع فتح العنان لكل الخيالات المريضة التى تعيش بيننا .

ندفن جميعنا رؤوسنا فى الرمال لأنه بالتأكيد كل الرجال الجالسين على مواقع التواصل الاجتماعى يتحدثون مع نساء فى غالبية الوقت لا يعرفوهن غريبات عنهم لم يقابلهن من قبل، فإذا كان جرم منى زكى داخل الفيلم أنها خلعت رداءها وتتحدث لرجل غريب لم تقابله فأى جرم هذا الذى يحاسب فيه المجتمع امرأة لم تقدم على الخيانة بمعناها الدينى أو الاجتماعى بل لم تقابل هذا الرجل الذى تحادثه يومًا!!

نساء أصحاب ولا أعز .. المثيرات لأغلب الجدل لم تقدم أى واحدة منهن مشهدًا جريئًا واحدًا وداخل اللعبة الكاشفة لهواتفهن المحمولة لم تخرج أى منهن عن إطار المعقول أو المنطق حتى وإن دارت أغلب الجمل الحوارية بشكل جرىء عفوى بين مجموعة من الأصدقاء !

 نساء أصحاب ولا أعز بداخل كل واحدة منهن حلم تجاهر به أحيانا وتتراجع عنه أحيانا إلا أنهن لا يخرجن خارج سياق الحدود !

 داخل الفيلم يذهل المشاهد أن ابنة الطبيبة النفسية «نادين لبكى» الشابة تحمل الواقى الذكرى بحقيبتها  وهى تهم بالخروج مع أحد أصدقائها ولكن نجدها فى نهاية الفيلم هذه الابنة الشابة المتحررة تتراجع عن إقامة علاقة لا ترتاح لها عندما تستشير والدها فى الموضوع بكل جرأة وبشكل كاشف لنعرف فى النهاية أنها  فتاة بداخلها هذا الوازع النفسى  الذى يتحول إلى لجام يلجم تهورها تارة أو عندها مع أمها تارة أو حتى إثبات أنها كبيرة وواعية بشكل كاف ولا تحتاج إلى وصى أو رقيب لنعرف من خلال أحداث الفيلم أنها لم تقدم على أى علاقة جنسية من قبل بل هى متخوفة من مجرد الإقدام على هذه العلاقة دون أن تتحقق من عواطفها وما يجول فى وجدانها وقلبها !!

 نساء فيلم أصحاب ولا أعز يحاولن تقديم أنفسهن كنساء جريئات، ولكن فى حقيقة الأمر يتراجعن خطوة إلى الوراء فى تريث وتمهل خوفا على خراب البيت أو الأسرة، الفيلم يقدم «نادين لبكى» الطبيبة النفسية والتى تكشف مكالمتها على المحمول أنها تريد إجراء عملية تجميل لثدييها مع دكتور آخر غير زوجها الذى هو طبيب للتجميل له اسمه ونجاحه، لكنها تفضل إجراء العملية بعيدا عن زوجها ودون معرفته، ومع الأحداث تكتشف أنها ربما لن تجرى هذه العملية لمزيد من الرضا الجنسى بينها وبين زوجها أكثر منه طلبًا لرضاها الداخلى والنفسى .. 

 يشير الفيلم بين طياته برمزية شديدة أنها قد خانت هذا الزوج الذى يبدو أنه الشخص الوحيد المتصالح مع نفسه بشكل كبير حتى وإن شعر بهذه الخيانة بينه وبين نفسه، ولكنه فى النهاية لا يريد أن يصدق ذلك خوفًا على أسرته وحبًا لزوجته!

 يقدم الفيلم اللبنانية «ديامان أبوعبود» شابة جميلة تتزوج بعد حب وتحلم بالإنجاب لتصدم بأن زوجها يخونها مع أخرى بل وهى حامل منه، فينهار كل شيء بداخلها وتشعر بأنها كانت فى بيت رملى يهدم فى ثوان تنهار ولكنها تعود لتواجه الواقع بكل قوة !

 فى نهاية الفيلم تعود الأحداث كأن شيئًا لم يكن وكأنها لعبة لم تحدث وكأنه عشاء مر هادئًا لطيفًا خاليًا مما يعكر صفوه . 

 احتفظ كل واحد بأسراره على هاتفه فى عالمه الافتراضى داخل كهف أسراره .

خرجت نساء فيلم أصحاب ولا أعز يكملن حياتهن بهدوء، وخرج الرجال يتابعون كل شيء فى الخفاء . 

ليكتشف المشاهد أن ملل الحياة ربما يكون أرحم من معرفة أشياء يخفيها شريكه قد تسيء إليه وتهدم معبده فوق رأسهما، لنعلم جميعًا أنه مهما وصل الأمر فى أى علاقة من قرب وود وصداقة وحب، فهناك ما هو مستور خلف جدران عوالم أخرى نعيش فيها وحدنا ونرفض أى دخيل مهما كان قربه أو صلته، حبيبًا أو صديقًا أو زوجًا . 

 وبالعودة إلى بطلة الفيلم المصرية الوحيدة منى زكى، تلك المتمردة التى اجترت خبرات  السنين لتصل إلى أوج النضج فى اختياراتها دون أن تلتفت إلى مهاترات سجنتها لسنوات فى أدوار الفتاة البريئة فى سينما بلا لون أو طعم أو نكهة سميت بالسينما النظيفة  ذات يوم،  سينما لم تعرف عنها أى شيء نجمات سابقات كن يكسرن كل قيد وكل تابوه يحطمن الأرقام فى شباك التذاكر لأنهن قدمن كل شيء دون خوف أو خجل !!

لا نعلم هل تدفع منى زكى اليوم هذا الثمن الباهظ من الهجوم عليها لأنها ممثلة مصرية أم لأنها تمردت على منى زكى البريئة بطلة السينما النظيفة، فى كلا الحالين كان لزامًا عليها أن تتمرد وتتوقع كل شيء أمام تمردها، فكم زوبعة فى فنجان مرت على نجمات سابقات مصريات قبلها لم يرحمهن المجتمع ذات يوم، وإن كان الهجوم فى زمنهن مقتصرًا على بعض المقالات أو الآراء الصحفية .

لكن زمن الهجوم اليوم بات يشمل كل السماوات والفضائيات ووسائل التواصل المفتوحة على مصراعيها لذا يبدو الهجوم كبيرًا وإن كنت أراه أنه بالون ضخم يمتلئ هواءً سيمر بكل التنويريين والمثقفين واصحاب العقول الداعية الفاهمة المستنيرة.

وهو ما تحتاجه منى زكى اليوم  لكل من يقف بجانبها كامرأة  أولاً ثم  كنجمة مصرية ثانيًا، ولا عزاء للمنتحبين المزايدين على الفضيلة، فالفضائل يحميها الكشف والمصارحة فى مرآة الحقيقة فقط.