الثلاثاء 17 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
ع المصطبة.. أمراض الرياضة المصرية

ع المصطبة.. أمراض الرياضة المصرية

التعصب الأعمى تجاوز كل الخطوط ووصل إلى تقديم الرؤية الضيقة لمشجعى الأندية على مصلحة المنتخب الوطنى بغض النظر عن نتائج المنتخب الوطنى فى بطولة الأمم الإفريقية الحالية، فمن المؤكد أن قطاع الرياضة بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، يعد أبرز النماذج السيئة فى حالات الفساد والتعصب الأعمى والعنصرية والطائفية.



ومع كل خيبة أمل وصدمة تتلقاها الجماهير من المنتخب الوطنى تتفجر فضائح فساد ضمن سلسلة مستمرة منذ عقود طويلة طالت كل مفاصل المنظومة الكروية، لعل أبسطها البنود الملغومة فى الشروط الجزائية المجحفة بعقود المدربين الأجانب.

أما حال الأندية، فحدث ولا حرج، وما نراه من تراشق واتهامات بين قيادات هذه الأندية، وما يتم كشفه على السطح من حين إلى آخر مجرد جزء يسير من جبل جليد ضخم يضرب بجذوره فى أعماق مستنقع يفوح بروائح فساد وصفقات مشبوهة.

هناك أيضاً التعصب الأعمى الذى تجاوز كل الخطوط الحمراء للتشجيع النظيف حتى وصل الأمر إلى تقديم المصلحة الضيقة للأندية والرؤية الضيقة لمشجعى الأندية على مصلحة المنتخب الوطنى، فبات الهجوم أو الرضا على أداء المنتخب مرهونًا بضم هذا اللاعب أو ذاك إلى المنتخب من عدمه، بل وصل الأمر إلى أن هناك من الجماهير من يتعصب لمنتخبات غير مصرية لمجرد أن أحد لاعبيها محترف فى النادى المصرى الذى يشجعه، بل يتعصب ويغضب أشد الغضب إذا فاز منتخب عربى أو أجنبى به لاعب محترف فى فريق محلى مصرى منافس.

وباتت الرياضة بشكل عام وقطاع كرة القدم بشكل خاص، نموذجًا سيئًا للطائفية والتعصب الدينى، حتى أصبحت خارج سياق مبادئ المواطنة التى رسختها الجمهورية الجديدة، ربما تكون القطاع الوحيد الذى لا يوجد فيه تمثيل لمختلف فئات المجتمع، ولم يتورع بعض القائمين على كرة القدم منذ سنوات عن التفوه بمبررات طائفية مستفزة بأن الأقباط لا يجيدون لعب كرة القدم.

ومع اتساع دائرة الفساد فى الرياضة، تحولت إلى نوع من التوريث، وكون أى شاب ابن نجم سابق يعطيه «جرين كارد» للولوج إلى المستطيل الأخضر بغض النظر عن موهبته من عدمها.

الأمر الأكثر خطورة، أن الأجهزة المعنية بقطاع الرياضة ضاعت بوصلتها، صحيح أن تحقيق البطولات أمر بالغ الأهمية، لكن الأهم أن تكون ممارسة الرياضة سلوكا مجتمعيا بدلاً من تحولها إلى مجرد ترفيه يمارسه لاعبون فى الأندية عبر المنافسات المحلية، ويكتفى الجمهور بمشاهدتها فى المدرجات أو أمام الشاشات، وهذا يدفعنا بدوره إلى الفلسفة الأشمل لرعاية الدول لقطاعات الرياضة بمختلف أنواعها، فالرياضة إذا لم تكن أسلوب حياة وممارسة يومية لرجل الشارع العادى، فلا معنى لأى دعم لهذا القطاع.

والأجدر أن يتم تحويل الدعم المادى للأندية إلى النشاط الرياضى فى مختلف المحافظات وتوسيع رقعة ممارسة الرياضة بما تمثله من أهمية وضرورة قصوى لصحة الإنسان العادى، تماماً مثلما تمثل القراءة أهمية وضرورة لتغذية العقل.

لذا بات قطاع الرياضة فى مصر بحاجة إلى ثورة شاملة تستأصل الفساد المترهل من جذوره، وتفكك شبكات المصالح والتنفيع، وتعيد المؤسسات الرياضية إلى دورها الطبيعى.