السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مؤسس الجمهورية الجديدة

مؤسس الجمهورية الجديدة

مع انتقال الحكومة المصرية لمباشرة عملها من مقرها الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة، بدأت مصر مرحلة جديدة من تاريخها، وهو إعلان جمهورية جديدة بعد 8 سنوات فقط من تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم؛ حيث بدأت مصر مرحلة أخرى فى تاريخها الحديث، مرحلة ترسم مستقبل الاجيال الجديدة، بعد أن مرت البلاد بمرحلة مخاض صعبة منذ عام 2011.



وإننا إذا كنا نتحدث عن مرحلة جديدة تعيشها مصر، تشهد فيها تحديثًا لكل أركان الدولة، فإننى أرى تشابهًا كبيرًا بين ما نعيشه الآن على يد الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤسس الجمهورية الجديدة منذ عام 2014، وبين محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة منذ عام 1805 وحتى عام 1848 م.

فبداية من استقلال القرار الوطنى وبروز الهوية الوطنية المصرية الذى تجسد بعد ثورة الـ30 من يونيو من عام 2013، وتحدى مصر للعالم بعد دحر تنظيم الإخوان الإرهابى استجابة للإرادة الشعبية فى تلك الفترة، حتى أصبحت مصر قوة إقليمية فاعلة فى أزمات الإقليم، خاصة مع انهيار أو تراجع دور عدد كبير من القوى التقليدية فى المنطقة كالعراق وسوريا، بعد أن أصبحت مرتعًا للتنافس الإقليمى والدولي، وهو أشبه بما كانت فيه مصر دولة مستقلة، فى وقت كانت فيه القوى الاستعمارية تتوسع وتبسط نفوذها على جميع الأقطار المحيطة فى عصر محمد على باشا والدولة العثمانية بعد أن شهدت حربًا داخلية ضد المماليك والإنجليز؛ لتظهر عدة سمات مشتركة بين العصرين، نهضت فيها مصر نهضة شاملة اقتصاديًا وعسكريًا وصناعيًا وزراعيًا وتجاريًا.

وبدءًا بالبنية التحتية وتحديث الجيش، اتجهت القيادة السياسية بعد ثورة الـ30 من يونيو إلى تنويع مصادر السلاح بالاتجاه شرقًا، مع زيارة الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع برفقة وزير الخارجية نبيل فهمى إلى روسيا، خاصة بعد محاولات غربية لخنق وحصار مصر ومنع توريد السلاح إليها، وقرار وقف المعونة الأمريكية الذى أصدرته إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، ومن ثم صفقة طائرات الرافال الفرنسية تليها الغواصات الألمانية، وشراء عدد كبير من الأسلحة الروسية والطائرات حتى التعاقد على طائرات السوخوى من الجيل الخامس والتى تعادل أو تتفوق على طائرات F15 الأمريكية الأقوى لديها، حتى وصل الجيش المصرى إلى المرتبة الحادية عشرة عالميا على مستوى الجيوش فى تصنيف موقع جلوبال فاير باور، وهو ما يذكرنا بما قام به محمد على باشا مع تأسيس نواة الجيش المصرى عن طريق إنشاء المدارس الحربية بعيدًا عن الوالى العثماني، حتى وصلت القوات المصرية فى تلك الفترة لحدود الدولة العثمانية فى معركة نزيب وتوسعت شرقًا وغربًا.

وبالنسبة لقطاع الزراعة فقد أولت الدولة اهتمامًا كبيرًا لهذا القطاع بداية بمشروع تبطين الترع بطول 20 ألف كم للحفاظ على الموارد المائية ورفع كفاءة الحقول لزيادة إنتاجية الأرض، كما قامت بإزالة التعديات على الأراضى الزراعية وعلى نهر النيل، بإلإضافة إلى مشروع المليون ونصف المليون فدان، والذى تم تطويره حتى أصبح 2.5 مليون فدان، وأيضًا الصوب الزراعية وصولًا إلى مشروع توشكى الذى قامت الدولة حاليًا بالتغلب على كافة المعوقات التى أفشلته فى السنوات الماضية، وكل هذه الخطوات تذكرنا بما قام به محمد على باشا من حفر للترع والقنوات وإنشاء نظم متطورة للرى لكافة الأراضى الزراعية.

وفى المجال الصناعى، قامت الدولة بمراجعة كافة قوانين الاسثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية وتفعيل نظام الشباك الواحد، كما قامت بإنشاء عدد كبير من المصانع المجهزة بالكامل لصغار المستثمرين، كما دعمت المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بعدد من المبادرات، حتى نافست بعض المنتجات عالميا خاصة فى المجال الزراعي، كما بدأت عدد من الدول تتنافس على إنشاء مناطق صناعية خاصة بها داخل مصر وخاصة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهو أيضًا ما حدث فى عهد محمد على باشا حين شهدت مصر الثورة الصناعية الحديثة، وارتقت الصناعات المصرية ونافست منتجاتها فى السوق العالمية خاصة القطن المصرى طويل التيلة ومنتجات الغزل والنسيج.

ومن الناحية الاقتصادية، فقد استطاع محمد على باشا أن يؤسس لنظام اقتصادى متطور فى ذلك الوقت، وهو النهج نفسه الذى اتخذته الدولة المصرية من اعتماد برنامج الإصلاح الاقتصادى بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي. وعلى المستوى الصحى، أيضا أطلقت مصر 5 مبادرات صحية، مثل مبادرة 100 مليون صحة ومبادرة الكشف عن الأمراض غير السارية، ومبادرة القضاء على فيروس C وبلا شك أن أهم مشروع تعمل عليه الدولة الآن هو التأمين الصحى الشامل، والذى ظل حلمًا لكل المصريين على مدار عقود، مرورًا بالاهتمام بالمرأة وتمكينها، كما لا يمكن أن نغفل مبادرة الدولة المصرية (حياة كريمة) التى صنفت كأهم مشروع تنموى فى العالم (بحسب الأمم المتحدة) والتى بدأت بالفعل، ومن المقرر أن تعمل على تنمية الريف المصرى خلال 3 سنوات فقط، وتخدم 60 مليون مواطن من الأكثر احتياجًا.

وفى نهاية هذه السطور لا يسعنى إلا أن أقول إن هذا بعض من كل ما تقوم به الدولة المصرية حاليا، فى محاولة تشمل كافة المستويات والأصعدة، حيث يحتاج الموضوع إلى سلسلة مقالات لشرح ما تطمح إليه القيادة السياسية للأجيال القادمة ولبناء مصر الحديثة، حتى تستكمل مصر خطة 2030 الطموحة وتصل إلى مصاف الدول، وأخيرا لا يسعنا إلا أن ندعو الله لمصرنا الحبيبة تحت قيادة الرئيس السيسى الذى يستحق أن نطلق عليه لقب مؤسس الجمهورية الجديدة، كما أطلق على محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة، أن تشهد كل الخير وتكون قادرة على تعويض كل ما فات.