الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الطلبة وأولياء الأمور والمدرسون يحتاجون إلى التكاتف لقبول التغيير لنجاح العملية التعليمية الدولـة تواجـه مافيـا مراكـز الدروس الخصوصية

على الرغم من جهود الدولة المبذولة فى محاولة إصلاح العملية التعليمية، وتغيير النظام التعليمى لجعله يعتمد على الفهم وتنمية مهارات الطالب وقدرته على الابتكار،فإننا مازلنا نواجة مافيا مراكز الدروس الخصوصية وتحميل الأسرة الكثير من الأعباء والضغوط لتعليم أبنائها، فنجد النظام الجديد لا يستطيع الوقوف على أرض صلبة، فالعقول غير مهيأة لاستيعاب هذا النظام. والطلبة وأولياء الأمور وأيضًا المدرسون والمدرسة بأكملها تحتاج إلى  التكاتف لقبول التغيير ونجاح العملية التعليمية والارتقاء بها لمواكبة تطورات العصر.



 

رصدت «روزاليوسف» العديد من الآراء للبحث عما وراء المراكز وإلى أى مدى يصل الأمر.. هل يتقلص دورها وتنتهى بمرور الوقت أم أنها تجد شكلًا آخر لابتزاز أولياء الأمور وتحميلهم المشقات لتعليم أبنائهم.

إغلاق المراكز

يقول النائب فايز بركات عضو لجنة التعليم بمجلس النواب سابقًا: لم تعد المراكز الآن بنفس القوة التى كانت بها فى السنوات السابقة، فهناك العديد منها تم إغلاقها وذلك لأن النظام الحديث وطريقة الامتحان أصبحت بشكل مختلف، جعلت الكثير من المدرسين ليس لديهم دراية كافية بطريقة ونظام الامتحان فى الوقت الحالى، فبدأت الأمور تخرج من زمامهم، وتحول الكثير من المدرسين إلى الأونلاين بنظام الأكواد والشحن الفورى دون الحاجة إلى الذهاب إلى  السنتر.

وأضاف بركات: تكمن الخطورة فى تلاشى دور المدرسة فى الوقت الحالى  أيضًا، فلم يعد غالبية الطلاب يذهبون إلى  المدارس، وكنا نرى ذلك فى بعض المدارس الحكومية سابقًا أما الآن ففى المدارس الخاصة أيضًا. يدفع أولياء الأمور المصروفات المدرسية ولم يذهب الطلاب إلى المدارس. ويأخذ الطالب دروسًا فى جميع المواد سواء سنتر أو دروسًا خصوصية أو أونلاين، والغريب هو المبالغة فى الأون لاين نجد الطالب بمادة واحدة 11 ساعة كيمياء، 7 ساعات عربى أشياء عجيبة نراها ونسمعها لأن هذا النظام سوف يؤثر على صحة الطلاب العقلية والبدنية.

وأضاف: أعتقد أن نظام الأونلاين الآن هو الغالب والكاسح وبمرور الزمن سوف تتلاشى هذه المراكز أيضًا.

وأكد بركات على دور الدولة لمواجهة كل هذه الأمور وتنظيم العملية التعليمية، فعلى الرغم من أن النظام الجديد يدعم الأون لاين، وتم عمل العديد من القنوات لخدمة الطلاب إلا أنها لا تفى حاجة الطلاب، وعلى الرغم من إلغاء الكتاب المدرسى الورقى وتوزيع التابلت إلا أن  الطلاب ما زالوا يؤدون الامتحان ورقيًا. فنجد الطالب لا يذهب إلى المدرسة والمدرس غير مؤهل للنظام الجديد.

وطالب بركات بتمكين الشباب الخريجين أوائل الطلبة من كليات التربية والعلوم واللغات وتدريبهم وتعيينهم بالمدارس للنهوض بالعملية التعليمية لقدرتهم على استيعاب النظام الجديد أكثر من المدرسين الحالين بالمدارس.

 

طبل ومهرجانات

من جانبه يقول سيد معوض موجه أول اللغة العربية بإدارة الوايلى: إن ارتفاع عدد الطلبة وزيادتهم فى الفصول جعل من السناتر والمراكز التعليمية تعليمًا موازيًا للتعليم فى المدارس، يجد الطالب فى هذه عروضًا لا يجدها فى المدارس، فطريقة العرض فى السنتر مختلفة، فنجد الطبل والزمر والمهرجانات ومطربين لجذب الطالب وأيضًا تقديم الهدايا القيمة مثل مبالغ مالية ويصل أحيانًا إلى إعطاء الطالب محمولًا وتصوير المدرس مع الطالب والشهادة بتفوقه ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى.

وأضاف معوض: والغريب فى الأمر أن فى الوقت الذى نشتكى فيه من كثافة الطلبة بالفصول المدرسية ليصل إلى50 طالبًا، نجد الطلاب بالمئات والآلاف فى السناتر ولم يشتك أحد. ولكن يجد الطالب متعة فى الخروج من القيود ويجد حرية وطريقة عرض وجذب بالموسيقى والغناء والهدايا مختلفة عن المدرسة. ولكن هذا لا يلغى دور المدرسة، ففى المدرسة يدخل مدرس اللغة العربية على سبيل المثال حصتين فى اليوم وأكثر من يوم فى الأسبوع ونجد المدرس فى كل وقت، أما فى السنتر حصة واحدة أسبوعيًا. كما أن العدد المهول من الطلبة فى السنتر يجعل المدرس لا يستطيع الإجابة على تساؤلات الطلاب فيلجأ الطالب إلى  المساعدين وهم ذو خبرة أقل وأحيانًا يكونون غير مؤهلين.

حافظ مش فاهم 

وأكد معوض على أن الحصيلة التعليمية فى السنتر هى حصيلة تحفيظية غير قائمة على العلم والوعى والفهم وهذا يسبب كارثة لحصول العديد من الطلاب على درجات عالية بدون فهم، وتعود على عدم الفهم «حافظ مش فاهم».

وأشاد معوض بالمنهج الجديد للصف الرابع الابتدائى والنظام الجديد فيقول: إنه نظام مفتوح جميل جدًا قائم على الفهم والوعى والدروس به ليس لها فائدة على الإطلاق، وهذا ما شعر به الطلاب والأهالى فى العام الماضى والآن وغدًا سوف يتم استيعابه بشكل كامل.

وأضاف معوض أن التعليم عن بعد لجأت إليه الدول فى جائحة كورونا، ولكنه لا يؤتى ثماره، فلابد أن يكون هناك احتكاك مباشر بين الطالب والمدرس لمساعدته على الفهم الصحيح والتعبير والحديث بشكل صحيح، لا بد من المباشرة.

فالمدرسة دورها أهم وأكبر من السناتر، وأهم من التعليم عن بعد، لا بد من الاهتمام برجوع دور المدرسة مرة أخرى. 

وألقى معوض اللوم على أولياء الأمور لنزع أهمية المدرسة ومكانتها من قلوب أبنائهم، فلابد من الاهتمام برجوع دور المدرسة وأن يقوم المدرس بالتدريب والتأهيل الكافى والتطوير من ذاته ليجارى النظام الجديد، فلو تضافرت قيادات الوزارة إلى جانب المعلمين والموجهين وأولياء الأمور تصبح العملية التعليمية ناجحة.

وفى السياق ذاته،يقول عبدالناصر عبدالمنعم موجه اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم: إن موضوع السناتر لم يظهر إلا فى فترة التسعينيات وبعد حدوث تعديل بالثانوية العامة لتصبح سنتين الصف الثانى الثانوى والثالث الثانوى ووضع نظام التحسن لتكون الدراسة على أربعة فصول مما عمل على إرهاق المدرسين والطلبة ولم توضع ضوابط للتحسين، فزاد الإقبال على الدروس الخصوصية، وبدأ تجميع الطلبة فى البداية بمكان غير معلن وبعيدًا عن الأنظار حتى أواخر التسعينيات، فدخل الفساد إلى  التعليم والحياة العامة، وأصبح هناك أمر خطير هو أن السناتر تأخذ شكلًا رسميًا موضوعيًا، وبدأ الاهتمام بالمدرسة يقل وأجيال تخرج من السناتر وتصبح خريجة هذه السناتر فنجد الأوائل بدل من قول خريج مدرسة.... يقول خريج سنتر... 

وأضاف عبد المنعم أن العديد من المدرسين الذين لم يحالفهم الحظ فى التعيين كانوا يلجأون إلى السنتر، وأصبح الهدف الأساسى كسب المال وليس التعليم.

بل انتشر الفساد فى العملية التعليمية وسمعنا عن تسريب الامتحانات من خلال مدرسي مراكز، كما انضم أيضًا الأطباء والمهندسون إلى السناتر لكسب أموال أكثر، فلم يقتصر الأمر على المعلمين بل تخصصات مختلفة، كما نجد أحيانًا مدرس اللغة العربية يعطى جغرافيا ويحصل على أموال كثيرة لتحفيظ الطلبة.

الأمر زاد خطورة حيث تداخلت الأمور على بعضها بدون أى ضوابط، حتى بعد أن يتم الشكوى وإغلاق السنتر، يعود بعد يومين ولا نعرف لماذا؟ وماذا يحدث؟ 

ناقص الفهم

وأكد عبدالمنعم أن المنظومة الجديدة قائمة على أساس أن يتفاعل المدرس مع الطالب وتخرج نواتج التعلم لتقيس المستوى التحصيلى للطالب، ولكن هناك مشكلتان الأولى: أن المدرس الحاصل على تدريبات ناقص الفهم لهذه التدريبات وتطبيقها على أرض الواقع وربما يرجع ذلك لعدم ذهاب الطلبة إلى المدرسة وتطبيق التدريب، فالمدرسة خاوية من الطلاب والمعلم لم يبذل جهدًا لتطوير التدريب وتطبيقه.

المشكلة الثانية تتمثل فى السناتر التى تفتقد الجانب التربوى واكتساب المهارات الحياتية ويقتصر دورها على تحصيل المعلومة فقط. وأصبح الطالب متكاسلًا لم يرد الذهاب إلى المدرسة ويردد «أروح أعمل إيه؟». 

أصبحت السناتر تنافس العملية التعليمية بجرأة بأماكن وقاعات كثيرة وبدون أى إشراف تربوى. فلا يوجد قانون ملزم بمن يمارس العملية التعليمية خارج إطار المنظومة.

وأكد عبدالمنعم على دور الدولة إما بالتصدى لهذه الظاهرة والغلق التام ومعاقبة المخالف للقوانين بردع أو تقنيين دورها من خلال إشراف كامل عليها من الوزارة والحى والشرطة ومنع استخدام الشاشات، وألا يزيد الطلاب عن 50 طالبًا، كما أكد على ضرورة توحيد التعليم فى مصر على نظام واحد لعدم التفرقة والتمييز بين الطلاب وبعضهم، وتطبيق كل مهارات التعلم فى نظام موحد.

وفى السياق ذاته تقول «ن.ع» ولى أمر طالب بالثانوية العامة أن السنتر يعتبر أفضل للطالب، لأن المدرس بالسنتر يقوم باختبار كل حصة على ما سبق وتقييم الطالب، كما أنه بنهاية الحصة يعطى أسئلة تطبيقية ليقيس استيعاب الطالب للدرس الذى تم شرحه. ولكن ثمن الحصة مبالغ فيه، كما يتم إجبار الطالب على شراء الملزمة قبل دخول الحصة بحجة أنه سوف يشرح ويتابع بها أثناء الحصة.

مأساة

كما تقول «ن.م»: ابنى بالثانوية العامة يأخذ دروسًا فى كل المواد فى أكثر من سنتر لاختيار أكفأ المدرسين، ولكن تتراوح أسعار الحصص من المواد العامة مثل اللغة العربية واللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية ما بين 70 إلى 90 جنيهًا للحصة، أما مواد التخصص البيولوجى والفيزياء والكمياء ما بين 120- 150 جنيهًا فى الحصة غير الملازم والمواصلات فيحتاج إلى 4 آلاف أو5 آلاف جنيه شهريًا دروسًا فقط، ولد واحد غير إخوته، وهذا مجهد جدًا مما يجعلنى أنا ووالده نعمل طول الوقت ولا نستطيع الانتباه أصلًا إلى الأولاد وهذه مأساة!

ومن جهتها تقول «ر.ش»: ابنتى ثانوية عامة أدبى والسنتر ممتاز وسمعته كويسة، والبنت دلوقتى بتحضر معظم الدروس أونلاين، ولكن توجد مواد تحتاج الذهاب إلى السنتر، ولكن المشكلة الأساسية بالنسبة لنا هى عدم اتباع الإجراءات الاحترازية أو التأكيد عليها مع زيادة أعداد الطلاب. 

وتقول «ف.س»: أنا ابنى فى ثانوية عامة ومش بيروح السنتر نهائى، ولكن بيشترى أكواد وبيحضر أونلاين، أما السنتر بهدلة وهرجلة وعدد كبير وعدم قدرة على التركيز وهناك مبالغة فى أسعار الحصص، كما أن الولد إذا كان لديه تساؤلات يلجأ إلى المساعدين للمدرس.