الأحد 4 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مدرســة روزاليوسـف

مدرســة روزاليوسـف

عرفت «روزاليوسف» قارئاً وعاشقاً، ثم وقعت فى حبها وغرامها منذ جئت إليها صيف عام 1998 فى مهمة مؤقتة، لكن المهمة المؤقتة طالت وامتدت لأكثر من 22 عاماً، ثم غادرت موقعى كرئيس لمجلس إدارتها بعد عدة سنوات لأتشرف بثقة القيادة السياسية كرئيس للهيئة الوطنية للصحافة أواخر عام 2020.



 

ومهما مرت السنوات ستظل سنوات عملى ووجودى فى «روزاليوسف» مع زملاء أعزاء أصبحوا أسرة أتشرف بالانتماء إليهم هى أجمل وأغلى سنوات العمر.

سنوات طويلة تقاسمنا فيها كل شىء النجاح والاستقرار والحفاظ على اسم المدرسة التى شيدتها السيدة العظيمة الرائعة فاطمة اليوسف سنة 1925 عندما أصدرت العدد الأول من مجلتها فى 26 أكتوبر من نفس العام.

روزاليوسف تاريخ طويل من المعارك وقفت فيه مع الوطن ومؤسساته المختلفة ومع المواطن البسيط وحقه فى الحق والعدل والرخاء والكرامة الإنسانية.

لقد أسعدنى أن أنتمى إلى هذه المدرسة العظيمة، ولقد تعلمت فيها أن أول درس للنجاح هو أن تملك إرادة النجاح، هكذا علمتنا السيدة «روزاليوسف» وأصبح هذا الدرس هو السر فى نجاح وتألق كل من التحق بها تلميذاً ناشئاً ليكبر ويصير نجماً متألقاً فى عالم الصحافة، ثم يتركها ليتولى أرفع المناصب الصحفية والإدارية فى أماكن أخرى، كما حدث مع عشرات الأسماء اللامعة، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الأساتذة: محمد التابعى ومحمد حسنين هيكل ومصطفى وعلى أمين وغيرهم.  

ومن إرادة النجاح علمتنا «روزاليوسف» إرادة التحدى ومواجهة الصعوبات وهزيمة المستحيل، فعندما غادر الأستاذ التابعى ومعه أغلب محررى «روزاليوسف» المجلة توقع الكل توقف «روزاليوسف» عن الصدور، لكن السيدة العنيدة المقاتلة لم تستسلم، بل أصدرت «روزاليوسف» الجريدة اليومية بجوار المجلة الأسبوعية.

إن حياة «روزاليوسف» نفسها كانت هى أول درس نتعلمه من أجل النجاح واستمراره رغم كل المشاكل والصعوبات، فهذه السيدة التى لم تحمل شهادة دراسية، لكنها بإرادتها الحديدية وشخصيتها الفريدة فرضت نفسها على المجتمع الصحفى والسياسى ليس فى مصر فقط، بل العالم العربى.

وفى أصعب اللحظات والظروف التى كانت تمر بمجلة «روزاليوسف» من اضطهاد وتوقف عن الصدور ومحاكمات وغرامات مالية، كانت تواجه ذلك كله بالتحدى.

فأصدرت عشرات المجلات عندما كانت تتوقف مجلتها عن الصدور مثل «الرقيب» و«صدى الحق» و«الصرخة»، وغيرها.

لقد كان إيمان السيدة «روزاليوسف» بالشباب الناشئ لا مثيل له، وكانت تؤمن بأن مجلتها مدرسة تلمع فيها الأقلام الشابة الموهوبة والطموحة فى كل مجالات الكتابة من الخبر والمقال والتحقيق الصحفى والأدب إلى رسوم الكاريكاتير.

«روزاليوسف» هى مدرسة الكاريكاتير الأولى فى العالم العربى، وعلى صفحاتها لمع وبرز عشرات الأسماء والنجوم من صاروخان ورخا إلى جيل هذه الأيام.

وبلغ من تشجيع «روزاليوسف» للشباب الطموح أن أصدرت من أجلهم سلسلة «الكتاب الذهبى» لتنشر لهم قصصهم ورواياتهم، وكان على رأس هؤلاء نجيب محفوظ ويوسف إدريس ومحمود السعدنى وإحسان عبدالقدوس ومئات الأسماء الأخرى التى أصبحت ملء السمع والبصر.

ولم يكن لطموح وأحلام السيدة «روزاليوسف» سقف أو حدود، فسرعان ما قررت أن تصدر مجلة تخاطب الشباب والشابات هى مجلة «صباح الخير» واختارت لرئاسة تحريرها الشاب النابغ فى مدرسة «روزاليوسف» أحمد بهاء الدين، فى يناير سنة 1956.

درس آخر لا يقل أهمية عن كل الدروس السابقة، وهو درس تواصل الأجيال، كل جيل يسلم الراية لمن بعده فى هدوء واستقرار، فالمهم هو مدرسة «روزاليوسف»، الأشخاص تأتى وتذهب، لكن «روزاليوسف» باقية وخالدة تستمر فى مشوار العطاء والنجاح وخدمة الوطن، الكل من صحفيين وإداريين وعمال فى خدمة مدرستهم «روزاليوسف». إن روح الأسرة الواحدة هى التى سادت وبقيت وستظل موجودة فى «روزاليوسف» على مر الأجيال المختلفة. 

لقد لمست هذا بنفسى منذ توليت رئاسة مجلس إدارتها منذ عشر سنوات وبالتحديد فى نوفمبر سنة 2012 وروح الأسرة والأخوة والزمالة والمنافسة الشريفة، ونجاح فرد واحد هو نجاح للجميع. لا فرق بين زميل حالى وزميل خرج على المعاش منذ سنوات، والاحترام المتبادل يشمل الجميع.

إننى أعترف بصدق شديد ( لدور) المؤسسة العظيمة التى لعبت دوراً مهماً فى حياتنا السياسية والصحفية والفكرية ووقفت بجوار الوطن فى كل ما مر به من أحداث مهمة كبرى من ثورة 23 يوليو 1952 وحتى ثورة 30 يونيو سنة 2013.

ولعل أكثر ما أسعدنى عندما توليت المسئولية فيها أننى تحمست لإعادة نشر تراث «روزاليوسف» الرائع لكى يتاح للأجيال الجديدة أن تراه وتقرأه.. فمن لا ماضى له.. «لا مستقبل له».

ومن الظواهر الجميلة التى عشتها فى «روزاليوسف» تواجد رؤساء التحرير السابقين وحواراتهم مع الأجيال الجديدة فى حب واحترام وتقدير متبادل وتوجيه نصائح الكبار للأجيال الحديثة، فكلنا تلاميذ فى مدرسة «روزاليوسف».

وما أكثر الذكريات الجميلة والدروس المستفادة من مشوار وتجربة هذه المؤسسة العظيمة ذات التاريخ العريق. 

«روزاليوسف» تحتفل هذه الأيام ببدء عام جديد من عمرها وهى تواصل مسيرتها فى خدمة الوطن والقارئ.

بدأت «روزاليوسف» عامها السابع والتسعين وهى لا تزال شابة فى عنفوان شبابها بفضل أبنائها.

وعندما دعانى الزميل أحمد الطاهرى رئيس التحرير للمشاركة فى هذا العدد لم أتردد لحظة واحدة، فقد أنعش ذاكرتى بذكريات لا تنسى عشتها مع زملاء أفاضل لهم منى كل الاحترام والتقدير. 

كل سنة، بل كل عدد يصدر من «روزاليوسف»، وهى طيبة وبخير ومستقرة وناجحة، وإلى الأمام دائمًا.

العزيزة الغالية «روزاليوسف» كل سنة وأنتِ طيبة وكل تلاميذك بخير وسلام.