الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. من يملك عصا الإصلاح.. بعد 9 سنوات على البابا تواضروس الثانى!

مصر أولا.. من يملك عصا الإصلاح.. بعد 9 سنوات على البابا تواضروس الثانى!

بمناسبة مرور 9 سنوات على تولى البابا تواضروس الثانى مَهام البابوية.. احتفت الكثير من الكتابات ببعض مقولاته الوطنية ومواقفه التى انحازت منذ أول يوم له وإلى الآن لصالح استقرار الدولة الوطنية المصرية وسلامتها. والجدير بالملاحظة والإشادة، أن البابا تواضروس الثانى قد تولى البابوية فى وقت حرج، وكان بمثابة اختبار عملى لتحديد المواقف والانحيازات.



أتناول فى هذا المقال بعض الرؤى والأفكار الخاصة بالمستقبل لبعض الملفات المهمة بعد مرور 9 سنوات بما لها من إنجازات وما عليها من تحديات وأزمات. وهى جميعها تتسق مع توجهات الدولة المصرية فى ترسيخ قوة المؤسّسات الدينية المصرية التى تعتبر من أعمدتها الرئيسية.

ملف التعليم الكنسى: إن المتتبع لأحوال الكنيسة المصرية خلال مرحلة البابا الراحل كيرلس السادس.. يعرف جيدًا الحالة الخلافية والجدلية التى صاحبت تنصيب الراحل القدير د.وهيب عطا الله باسم الأنبا إغريغوريوس «أسقفًا للدراسات العليا والثقافة القبطية والبحث العلمى» فى ظل وجود البابا الراحل شنودة الثالث كأسقف للتعليم حينذاك. وبالتالى من المهم أن تقوم الكنيسة بإعادة النظر فى دور كل من أسقفية التعليم وأسقفية الدراسات العليا والثقافة القبطية والبحث العلمى.. سواء بدمجها أو باستحداث أسقفية جديدة منوط بها التعليم.. بدلًا من إلغائها، وذلك لكى نتمكن من تحقيق نهضة حقيقية للتعليم الكنسى.. خصوصًا فى ظل ما يمكن أن يكون من إشراف تلك الأسقفية على كل من: الكليات الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية ومعهد الرعاية. كما يمكن ضم المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى لما له من صلة مباشرة بتخصص تلك الأسقفية. ومن المتوقع أن يؤدى ذلك إلى الاهتمام بالحالة العلمية والتعليمية للكهنة والأساقفة بحيث تتاح لهم المزيد من فرص التعلم والارتقاء والحصول على درجات علمية لاهوتية.. تعيد مكانة رجال الكنيسة المصرية ضمن قائمة أهم لاهوتيى العالم.

كما أذكر هنا الأهمية القصوى لتطوير الأديرة والاهتمام بها، وإعادة الاعتبار لما تملكه من محتوى دينى وثقافى أثرى.. يمثل كنزًا معرفيًا للباحثين والعلماء والخبراء.. لا تتم الاستفادة العلمية منه بالشكل الكافى.

ملف التطوير المؤسّسى والمقصود به التطوير الداخلى للكنيسة المصرية على مستوى الإدارة الكنسية أو الإدارة المالية للكنيسة أو الإدارة القانونية لبعض الجوانب المهمة. وذلك كالتالى:

- الجانب الإدارى والمالى: وذلك من خلال تطوير هيكل عمل الكنيسة لتتحول بشكل كامل للعمل المؤسّسى الجماعى. وهو ما يتطلب وجود نظام إدارى واضح ومتكامل لعمل كل من: المقر البابوى، والإيبارشيات بكنائسها، والأسقفيات، والأديرة، والهيئات مثل: هيئة الأوقاف، والمجالس مثل: المجلس الإكليريكى للأحوال الشخصية، والكليات اللاهوتية مثل: الكلية الإكليريكية، والمعاهد المتخصصة مثل: معهد الدراسات القبطية. وهو ما يعنى وجود نظام مالى عام وموحد وواضح للكنيسة بإشرافها ومتابعتها دون تدخُّل من أجهزة الدولة المصرية حسبما يدعو البعض.. وبالتالى، فمن الأولى أن يقوم المجلس الملى (الذى لا يعرف أحد مصيره بشكل دقيق إلى الآن) بدور متابعة النظام المالى للكنيسة باعتباره المجلس المدنى المنتخب تحت إشراف لجنة الانتخابات بوزارة الداخلية. وبالتبعية.. يترتب على ما سبق، الاهتمام بالحالة المادية لكهنة الكنيسة وموظفيها وعمالها سواء فى المرتبات أو التأمينات.. حفاظًا على كرامتهم الإنسانية وهيبتهم الدينية. 

- الجانب القانونى: والذى يتضمن كلاً من:

1 – إعادة النظر فى لائحة 57 لانتخاب البطريرك وتعديلاتها. وهو تعديل لا يرتبط بزيادة عدد الناخبين كما يطالب البعض؛ بل يرتبط بتعديل معايير الاختيار للمرشحين للبابوية حسب قوانين الكنيسة، وحسب المعايير الشخصية الدقيقة للمرشحين. بالإضافة إلى تعديل شروط الناخبين بما يضمن التمثيل العادل لكل فئات المواطنين المسيحيين المصريين من العلمانيين والأراخنة والرموز المسيحية المصرية. 

2 – تعديل لائحة 38 للأحوال الشخصية. وهو تعديل يرتبط بالتمسك بالثوابت الكنسية فى شروط الزواج المسيحى من جهة، وإيجاد حلول لمشكلات الزواج كحالة اجتماعية من جهة أخرى. وعلى أن يتم هذا التعديل بالشكل القانونى لحل حاسم فى قضايا الأحوال الشخصية المتداولة فى ساحات المحاكم الآن. فضلًا عن دراسة جدية لمشكلة المواريث والتبنّى فى المسيحية. ويترتب على هذا التعديل إعادة النظر فى دور المجلس الإكليريكى للأحوال الشخصية. وربما يكون القانون الجديد المنتظر حلًا لما سبق.

3 – وجود لائحة واضحة ومحايدة وعادلة لمحاكمات الكهنة «التأديبات الكنسية» بحيث يكون فيها رصد لأنواع التجاوزات التى يمكن أن تحدث، وما يترتب عليها من عقوبات أو إنذارات أو ملاحظات. فضلًا عن وجود درجات متعددة للنقض بحيث يحق لمن تجاوز الدفاع عن نفسه بشتى الطرُق والوسائل. ويترتب على هذا التعديل إعادة النظر فى دور المجلس الإكليريكى لمحاكمات الكهنة.

4 – حسم وجود المجلس الملى من عدمه، وما يترتب على وجوده من أهمية تعديل اسم وشكل ودور المجلس الملى ليصبح مجلسًا حقيقيًا للعلمانيين المسيحيين المصريين، ويمكن أن يكون الاسم الجديد للمجلس هو مجلس العلمانيين المسيحيين المصريين. كما يمكن أن يكون هو قناة الاتصال المدنية المنتخبة فى علاقة الكنيسة بالدولة؛ خصوصًا أن المجلس الحالى المجمد قد انتهت دورته الانتخابية قبل رحيل البابا شنودة الثالث، ولظروف رحيله.. شارك فى الإعداد والتنفيذ لانتخاب واختيار البابا تواضروس الثانى.

ملف العلاقات الطوائفية «المسكونية»: ويقصد بها العلاقات بين الطوائف المسيحية الرئيسية فى مصر والعالم، وذلك على غرار: الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الإنجيلية والكنيسة الأسقفية (الإنجليكانية). وأيضًا العلاقة مع المجالس الدولية مثل مجلس الكنائس العالمى والمجالس الإقليمية مثل مجلس كنائس الشرق الأوسط. وهو ما يمكن أن يساعد على تحقيق الوحدة المسيحية بعيدًا عن الخلافات والمشاحنات التى حدثت خلال السنوات الماضية.

ملف العلاقات الدينية: من خلال علاقة الكنيسة المصرية بالأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء.. تلك المؤسّسات المصرية العريقة، والتى تمثل جميعها صمام أمان هذا الوطن لتجاوز أى أزمات أو توترات طائفية، وللحفاظ على سماحة مصر وأمنها وأمانها فى ظل وجود الإمام الأكبر د.أحمد الطيب «شيخ الأزهر الشريف» ود.محمد مختار جمعة «وزير الأوقاف» ود.شوقى علام «مفتى الجمهورية».

ملف الإعلام

خاصة القنوات الفضائية الأرثوذكسية المسيحية، وهى قناة CTV تملكها عائلة رجل الأعمال الراحل د.ثروت باسيلى ويضم مجلس أمنائها العديد من الأساقفة، والثانية هى قناة «أغابى» التى يديرها ويشرف عليها الأنبا بطرس، والثالثة هى قناة ME Sat التى يشرف عليها الأنبا أرميا، وقناة «لوجوس» التى تبث من الولايات المتحدة الأمريكية، وقناة «كوجى» الخاصة بالأطفال. وأعتقد أنه من المفيد توحيد هذه القنوات فى قناة فضائية مسيحية واحدة.. لما  فى ذلك من تلافى التكرار فى الأفكار والبرامج وعدم إهدار المزيد من التمويل.. فضلًا عما يمكن أن يؤديه هذا التوحيد إلى رفع مستوى المحتوى الإعلامى لقناة فضائية أرثوذكسية مسيحية مصرية واحدة تعبر عن الكنيسة المصرية. 

نقطة ومن أول السطر

يمثل البابا تواضروس الثانى بداية لمرحلة جديدة داخل الكنيسة فى سياق موازٍ لمرحلة جديدة للنظام السياسى المصرى.. وهى مرحلة الجمهورية الجديدة لمصر بما فيها الكنيسة المصرية كواحدة من أهم مؤسّسات الدولة المصرية. ولذا تأتى أهمية تقديم أفكار للتطوير المؤسّسى للكنيسة المصرية.

التاريخ لا يَنسى الأحداث، ولا يَرحم شخصياته ورموزه.. وما لا يُدرَك كله.. لا يُترَك كله!