الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
لا يديره موظفون وعليه رقابة محكمة صندوق مصـــر السيادى يغلق أبواب سرقة ثروة مصـــر

لا يديره موظفون وعليه رقابة محكمة صندوق مصـــر السيادى يغلق أبواب سرقة ثروة مصـــر

 يا ترى ماذا يعنى إنشاء مصر لصندوق سيادى؟



وهل أصبحنا دولة ثرية فجأة؟ 

ما هو هذا الصندوق وما هو دوره وما الذى سيستفيده المواطن؟

 قبل الإجابة على هذه الأسئلة نرجع قليلاً إلى الوراء؛ تحديدًا حكومة الدكتور عاطف عبيد التى شهدت تسارع ما يسمى ببرنامج الخصخصة الاقتصادية؛ حيث تم بيع العديد من الشركات، منها شركات مهمة لمستثمرين مصريين وعرب وأجانب، وشاب هذا البرنامج العديد من اتهامات الفساد والتربح وللأسف جزء كبير منها صحيح وضاعت ثروة صناعية وعقارية بأبخس الأثمان وتربح العشرات من وراء هذا الفساد.

يكفى أن تعلم أن شركة واحدة- مثلاً- قام المستحوذ عليها بإلغاء أحد المصانع التى تمتلكها الشركة وكانت تقع فى منطقة سكنية وحولها إلى مجمع سكنى وحقق من بيع قطعة الأرض وحدها أرباحًا فاقت ما دفعه بمئات الملايين، وقِس على ذلك الكثير.

كانت الشركات تباع كشركات أو مصانع وكل ما يفعله المستثمر هو أن يستغل الأراضى التى تمتلكها هذه الشركات والتى لو تم تقييمها تجاريًا لوصل سعر الشركة إلى عشرات الأضعاف.

لكن الفساد كان يبيعها كشركة أو مصنع ويقوم المستثمر بنقل المصنع إلى أحد المدن الجديدة ويحصل على إعفاء من الضرائب عشر سنوات وقروض من البنوك بزعم تحديث المصنع ثم يبيع الأرض المقام عليها المصنع داخل كردون القاهرة أو الإسكندرية أو أيًا من المدن الكبرى ويحقق أرباحًا تتجاوز 100 ضعف ما دفعه فى شراء المصنع.

لذلك عندما قررت مصر أن تبنى العاصمة الإدارية الجديدة وبالتالى آلت ملكية المبانى القديمة للوزارات والهيئات مثل مجمع التحرير للدولة وخوفًا من الرئيس «السيسى» من ضياع الثروة المصرية مرة أخرى وجَّه بإنشاء صندوق مصر السيادى.

والمفاجأة أن الصندوق السيادى لا يتواجد إلا فى الدول الغنية التى لديها فوائض فى الميزانية الخاصة بها وتسعى لاستثمارها مثل دول الخليج التى تقوم صناديقها السيادية بشراء الأراضى والعقارات والصحف والشركات والفنادق والنوادى الرياضية فى أوروبا وتديرها وتحقق أرباحًا تعود على دولها.

بل إن بعض الدول الخليجية تخطط ليصبح الصندوق السيادى الخاص بها المدخل الأول والأساسى لتحقيق أرباح تتكون منها الموازنة العامة للدولة دون الاعتماد على البترول.

لكل هذه الأسباب كان القرار بإنشاء الصندوق السيادى المصرى الذى يستهدف استغلال أصول مصر الاستغلال الأمثل لتعظيم موارد الدولة والحفاظ على تلك الأصول؛ خصوصًا أن هناك أصولاً عديدة بمئات المليارات غير مستغلة وغير مُفَعّلة ومُهدرة ولا يوجد عليها عائد للشعب المصرى وخزانة الدولة. 

 الصندوق سيكون له حق شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها أو الترخيص بالانتفاع، وهو بالمناسبة لا يهدف إلى خصخصة شركات قطاع الأعمال؛ بل يهدف إلى العمل مع الكيانات الحكومية المختلفة لتعظيم العائد من أصول هذه الكيانات وتطويرها، وذلك عن طريق تكوين شراكات مع القطاع الخاص لتحقيق نمو حقيقى فى جميع القطاعات فى مصر.

وستكون هناك جهات رقابية تتابع عمل صندوق مصر السيادى؛ حيث يتولى مراجعة حسابات الصندوق مراقبا حسابات أحدهما الجهاز المركزى للمحاسبات والآخر من المراقبين المقيدين لدى البنك المركزى المصرى أو الهيئة العامة للرقابة المالية، ويقدمان تقريرًا سنويًا تفصيليًا عن نشاط الصندوق وخطته للعام التالى على الجمعية العمومية للصندوق؛ تمهيدًا لعرضها على رئيس الجمهورية خلال ثلاثة أشهُر من انتهاء السنة المالية كما ألزم البرلمان مجلس إدارة الصندوق بعرض القوائم المالية للصندوق وتقرير مراقبَىْ الحسابات على مجلس النواب للاعتماد.

تم تشكيل مجلس إدارة الصندوق بموجب قرار من رئيس الجمهورية بناءً على عرض رئيس مجلس الوزراء ويتكون من الوزير المختص وهو رئيس مجلس إدارة غير تنفيذى و5 أعضاء مستقلين من ذوى الخبرة، وممثل عن كل من وزارة من الوزارات المعنية بشئون التخطيط والمالية والاستثمار وتكون مدة عضوية المجلس للأعضاء المستقلين من ذوى الخبرة أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة ويكون للصندوق مدير تنفيذى متفرغ لإدارته ويمثل الصندوق فى معاملته مع الغير وأمام القضاء، ويصدر بتعيينه وتحديد اختصاصاته ومعاملته المالية قرار من مجلس الإدارة، وينعقد كل 3 شهور.

السؤال الذى يطرحه البعض: الصندوق سيحصل على رأس ماله من أين؟ والإجابة: إن موارد الصندوق المعلنة من رأس مال مصرح به قدره 200 مليار جنيه مصرى، ورأس مال مدفوع قدره 5 مليارات جنيه مصرى وسيكون المَصدر الأساسى لموارد الصندوق قاعدة الأصول التى سيستثمر فيها الصندوق وبمشاركة القطاع الخاص وستشمل الموارد الأخرى استثمارات المؤسّسات المالية المحلية والدولية واستثمارات الشركات والصناديق بالإضافة إلى الأرباح المتبقية من استثمارات الصندوق

وبعد أقل من سنتين وتحديدًا فى سنة 2020 وضع معهد صناديق الثروة السيادية العالمية، صندوق مصر السيادى ضمن قائمته التى تصنف صناديق الثروة السيادية العالمية.

وحل الصندوق السيادى المصرى فى المرتبة الـ 43 بين صناديق الثروة العالمية التى تصنفها المؤسّسة والبالغ عددها 93 صندوقًا، بإجمالى أصول 8.229 تريليون دولار.

ووفقًا لبيانات معهد صناديق الثروة السيادية تقدر أصول الصندوق بـ 11.959 مليار دولار، مستحوذا بذلك على 0.14% من إجمالى أصول الصناديق السيادية العالمية.

وتعد هذه المرة الأولى التى تصنف فيها المؤسّسة العالمية المتخصصة فى بيانات الصناديق السيادية، الصندوق السيادى المصرى الذى تأسّس فى 2018، والمملوك بالكامل للدولة المصرية لكنه يتمتع باستقلال مالى وإدارى.

مصر لديها طموح أن يصل رأس مال الصندوق إلى تريليون جنيه (63 مليار دولار) من 200 مليار جنيه حاليًا.

السؤال الأهم: هل التريليون جنيه أو 63 مليار دولار يمتلكها الصندوق هو رقم جيد؟

لن نعرف جودته إلا بالمقارنة مع صناديق سيادية أخرى، مثلاً ووفقًا لأحدث البيانات ظل صندوق التقاعد الحكومى النرويجى العالمى فى المرتبة الأولى بأصول تقدر بـ 1.186 تريليون دولار، تلاه صندوق مؤسّسة الاستثمارات الصينية بأصول 940.6 مليار دولار، وفى المرتبة الثالثة جاء صندوق أبوظبى للاستثمار بأصول قيمتها 579.6 مليار دولار.

وجاء صندوق الهيئة العامة للاستثمار الكويتية فى المركز الرابع بقيمة أصول 533.6 مليار دولار، وفى المركز الخامس جاء صندوق هونغ كونغ «المحفظة الاستثمارية لهيئة النقد بهونغ كونغ» بأصول قيمتها 528 مليار دولار، وفى المركز السادس جاء صندوق «GIG» السنغافورى بأصول قيمتها 440 مليار دولار.

وصندوق الاستثمارات العامة السعودى فى المرتبة التاسعة بأصول قيمتها 360 مليار دولار.

إذن الطريق لا يزال طويلاً أمام الصندوق السيادى المصرى حتى يصبح ذراعًا مالية قوية تسند الدولة المصرية، لكننا أخذنا المبادرة والخطوة الأولى وفى انتظار مزيد من الخطوات التى ستمكن هذا الصندوق لو أحسن إدارته من سداد ديون مصر يومًا ما.