السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لإنقاذ «السودان» من الانقسامات والصراعات قرارات حازمة فى لحظات حاسمة

أحداث سريعة متتالية سيطرت على المشهد السودانى الداخلى يوم الاثنين الماضى. فقد استيقظ السودانيون على انتشار أمنى مكثف، وسط انقطاع للإنترنت وخدمات الهاتف، تلاه سلسلة من الأحداث، انتهت إلى إعلان حالة الطوارئ فى جميع أنحاء «السودان»، من قبل القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول «عبد الفتاح البرهان»، ما أثار رد فعل واسع على المستوى الدولى، والإقليمى، والداخلى.



> المشهد السودانى الداخلي

خلال الشهور الأخيرة، تفاقمت حالة عدم اليقين السياسى فى «السودان»، خاصة بعد اجتياح وباء كورونا البلاد هناك، فى ظل حالة غير مستقرة للاقتصاد السوداني، فضلًا عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، وكفاح السكان ضد البطالة المتزايدة.

ثم تطور الوضع السودانى بعد أزمة سياسية مستمرة منذ أسابيع، أخذت فى التصاعد بين الجيش والحكومة السودانية، التى انعكست -بدورها- على الشارع السودانى، الذى انقسم  بين مؤيدين ومعارضين لكل من الحكومة والجيش، فى صورة مظاهرات واعتصامات أنذرت بانفجار وشيك.

وعليه، تحرك  الفريق «البرهان» لإنقاذ الوضع السودانى، وهو ما أكده خلال تصريح رسمى يوم الاثنين الماضى، إذ قال، إن: «الشعب السودانى رفض أن يحكمه فرد أو فئة لا تؤمن بالحرية والسلام والعدالة. لذلك، عندما هتف شباب ثورة ديسمبر المجيدة بهذه الشعارات، واحتشد الآلاف منهم أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، استجابت القوات المسلحة، وعزمت -من وقتها- العمل على تحقيق حلمهم فى بناء الوطن الذى جوهره هذه الشعارات»؛ مؤكدًا على مضى القوات المسلحة السودانية فى إكمال التحول الديمقراطى حتى تسليم قيادة الدولة لحكومة مدنية منتخبة.

ثم أضاف: «شرعية الفترة الانتقالية الراهنة قامت على أساس مرحلى، وهو التراضى المتزن بين الشركاء العسكريين والمدنيين للسير فى طريق الانتقال حتى الوصول إلى التفويض الشعبى بموجب انتخابات عامة»؛ موضحًا أن التراضى المتزن انقلب إلى صراع بين مكونات الشراكة، قاد بلاده إلى انقسامات تنذر بخطر وشيك يهدد أمن الوطن، ووحدته، وسلامة أرضه، وشعبه.

وأكد الفريق «البرهان» أن شبح الانقسام لم يكن السبب الوحيد الذى حرك الجيش السودانى، بل عدة أسباب أخرى، ومنها: الخلافات الحادة داخل قوى الحرية والتغيير التى أحبطت تطلعات السودانيين؛ ومعاناة «السودان» من نهج المحاصصة وسياسة تقسيم الوزارات؛ وغياب الاهتمام بالبرامج والخطط التنموية؛ وتعطل مسار الإصلاح الاقتصادى، وزيادة معدلات الفقر؛ وقفز معدل التضخم إلى أكثر من %400، والبطالة إلى نحو %66؛ وارتفاع الأسعار بمعدلات قياسية بما فيها المواد الغذائية والبترولية؛ وضعف الإنتاج، والخلل الواضح فى السياسات المالية والنقدية؛ وتدهور أداء القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، وزيادة حجم الصرف الحكومي؛ وتلكؤ بناء مؤسسات الدولة فى ما بعد مرحلة السلام؛ واستمرار النزاعات القبلية فى إقليم «دارفور» وشرق «السودان».

> قرارات حاسمة

وعليه، لم يقف القائد العام للقوات المسلحة السودانية مكتوف الأيدى بعد ملاحظته تلك الأوضاع التى تمس الأمن القومى لبلاده. لهذا، اتخذ عدة قرارات حاسمة، تهدف إلى تأمين «السودان»، حتى تسليمها إلى بر أمان الانتخابات العامة فى منتصف عام 2023.

وأعلن الفريق «البرهان» فى خطابه الموجه إلى الشعب السودانى، فرض حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد؛ وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية مع الالتزام الكامل باتفاقات السلام؛ وحل مجلس السيادة الانتقالى وإعفاء أعضائه؛ وحل مجلس الوزراء السوداني؛ وإنهاء تكليف ولاة الولايات؛ وإعفاء وكلاء الوزارات؛ وتكليف المدراء العامين بتيسير العمل؛ وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين حتى تتم مراجعة أعمالها.

واختتم قراراته، قائلًا: «نعمل جميعًا - اعتبارًا من اليوم، وحتى قيام الانتخابات فى يوليو من العام 2023 - على تحسين معاش الناس، وتوفير الأمن والطمأنينة لهم، وتهيئة المناخ والبيئة المناسبة للأحزاب، لتعمل من أجل الوصول للموعد المحدد للانتخابات، وهى أكثر جاهزية واستعدادًا لتولى قيادة الدولة السودانية».

وفى اليوم التالى، أصدر جملة من القرارات، من بينها حل النقابات والاتحادات المهنية.

> كشف الحقائق

أصر  الفريق «البرهان» على توضيح الأوضاع الحقيقية التى حدثت داخل بلاده خلال الأسابيع الأخيرة فى مؤتمر صحفى يوم الثلاثاء الماضى، ليواجه -بجرأة- الشائعات التى تناولها البعض، من أجل إحباط العزيمة السودانية.

فأكد الفريق «البرهان» - خلال كلمته - على حفاظ القوات المسلحة على استقرار «السودان» وشعبه، إذ أوضح أنهم اتخذوا هذا الموقف، لإعادة البريق لثورة الشعب السودانى، لأنه من واجبهم الوقوف مع الشعب السودانى، قائلًا: «سنعمل من أجل بناء السودان».

وكشف عن وجود تحريض وهجوم على القوات المسلحة السوانية؛ بجانب تحريض الشعب السوداني للذهاب نحو حرب أهلية، خاصة أن أحد وزراء الحكومة السودانية دعا إلى فتنة واسعة. كما حث الشعب السودانى على التعاون مع قواته المسلحة حتى يعبر بالسودان بر الأمان، قائلًا: «القوات المسلحة لا تستطيع إكمال المرحلة الانتقالية منفردة.. ونحتاج لمشاركة الشعب السودانى لإكمال المرحلة».

وفيما يخص المستقبل القريب، فقد أوضح الفريق «البرهان» ماهية الخطوات المقبلة، ومنها: تشكيل هياكل العدالة من بينها المحكمة الدستورية، مشيرًا إلى عدم تدخل القوات المسلحة فى تشكيلها؛ كما سيتم تشكيل مجلس سيادة وحكومة بتمثيل حقيقى يشمل الجميع؛ وتعيين رئيس جديد للوزراء؛ بجانب اختيار وزير من كل ولاية سودانية فى الحكومة المقبلة التي ستتكون من كفاءات؛ وستحرص القوات المسلحة على أن يكون المجلس التشريعى السودانى من شباب الثورة». وفيما يخص الادعاءات المختلفة التى نشرتها الصحف المتنوعة حول العالم طوال يوم الاثنين الماضى، فقد كشف الفريق «البرهان» حقيقتها، إذ أكد أن «عبدالله حمدوك» ضيف فى منزله وليس معتقلًا، وسيعود لبيته بعد هدوء الأمور. وفيما يخص فرض قانون الطوارئ، فعقب أن المقصود منه ليس تقييد الحريات، مشيرًا إلى إلغائه بعد إعادة تشكيل مؤسسات الدولة.

كما أصر القائد العام للقوات المسلحة السودانى على طمأنة المجتمع الدولى، إذ قال: «تعهدنا للمجتمع الدولى أننا سنقوم بحماية عملية الانتقال فى السودان».

> ردود الفعل الدولية

اهتم الجانب المصرى بمجريات أحداث «السودان»، وفقًا لما أكده بيان وزارة الخارجية المصرية، حيث ذكر أن «جمهورية مصر العربية» تتابع عن كثب التطورات الأخيرة فى «جمهورية السودان» الشقيق؛ مؤكدةً على أهمية تحقيق الاستقرار والأمن للشعب السودانى. والحفاظ على مقدراته، والتعامل مع التحديات الراهنة بالشكل الذى يضمن سلامة هذا البلد الشقيق؛ ومؤكدةً كذلك أن أمن واستقرار «السودان» جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار «مصر»، والمنطقة.

كما دعت «مصر» كافة الأطراف السودانية الشقيقة، فى إطار المسئولية وضبط النفس لتغليب المصلحة العليا للوطن والتوافق الوطنى.

وفى ذات السياق، تلقى وزير الخارجية المصرى «سامح شكرى» اتصالًا هاتفيًا من المبعوث الأمريكى للقرن الإفريقى «چيفرى فيلتمان»، تناولا فيه التطورات الأخيرة على المشهد السودانى. وصرح المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، السفير «أحمد حافظ»، أن المبعوث الأمريكى استعرض خلال الاتصال نتائج زيارته الأخيرة إلى «الخرطوم». كما أشار معه الوزير «شكرى» إلى متابعة «مصر» -عن قرب- التطورات الأخيرة فى «السودان»، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار السودان.

من جانبها، أكدت وزارة الخارجية السعودية أنها تتابع بقلق واهتمام بالغ الأحداث فى «السودان»، داعية إلى ضبط النفس، والتهدئة، وعدم التصعيد.

ثم شددت على وقوفها إلى جانب الشعب السودانى، ودعمها لكل ما يحقق الأمن، والاستقرار، والنماء، والازدهار للبلاد هناك.

واتفقت معهم دولة الإمارات، ومملكة الأردن بأنهما يؤيدان كل ما يحقق مصلحة الشعب السودانى، داعين إلى ضبط النفس والهدوء، وتغليب المصلحة الوطنية العليا بما يحافظ على استقرار «السودان» وسلامة مواطنيه.

ولم يتوقف الأمر عند تصريحات الدول فحسب، بل اهتمت المنظمات الإقليمية والدولية بما يحدث فى «السودان» من تطورات.. فقد أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية «أحمد أبو الغيط» عن بالغ القلق إزاء تطورات الأوضاع فى «السودان».

وطالب جميع الأطراف السودانية بالتقيد الكامل بالوثيقة الدستورية، التى تم توقيعها فى أغسطس 2019، بمشاركة المجتمع الدولى والجامعة العربية، وكذلك باتفاق جوبا للسلام لعام 2020.