الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رعب تنقصه الإثارة فى (شقة ستة)

عندما تتعمق فى خبايا النفس البشرية تتضح لك الكثير من الحقائق، منها مثلا أن ما يخيفك حقًا هو أكثر شىء يمكن أن يحدث فى واقعك، بمعنى؛ لو حاولت إخافتك وأنت شخص ناضج بأسطورة أمنا الغولة أو النداهة لن ترتعب بل بالعكس ستشعر بسذاجة الكلام، لكن إذا أخبرتك أن شقتك يسكنها العفاريت لأن هناك جريمة قتل وقعت فيها من فترة بالطبع سوف ترتعب ويمكن أن يصل بك الأمر أن ترى خيالات ليست موجودة بالفعل..



 

وهنا تُبنى دراما الرعب فى وقتنا الحالى فى العالم كله، كلما اقتربت فكرتها للواقع كلما أثرت فى المتلقى، ودمجته بالأحداث كأنه يعايشها فيتحقق مبدأ أساسى فى الدراما وهو التطهير، تطهير النفس بعد إثارة مشاعر الخوف، الخوف من أن يحدث لك مثلما يحدث للبطل، ومشاعر الشفقة، تشفق عليه مما يعيشه طوال الأحداث.

ذلك ما تحقق بالفعل فى مسلسل (شقة ستة) الذى يُعرض على منصة «شاهد»، فقد اعتمد على حبكة الكشف، لأنك كمشاهد طوال الأحداث من بدايتها وأنت تحاول أن تستكشف سر الشقة وسبب كونها مسكونة بالأشباح، وسر الجيران وقصصهم وهل هم أحياء من الأساس أم مجرد هلاوس فى ذهن البطلة «إنجى، روبى». وكلها قائمة على فكرة الشقة المسكونة التى تتردد على مسامعنا كثيرًا ونسمع قصصًا مماثلة سواء حدثت لنا أو لمن حولنا. وهنا ينجح العمل الفنى فى دمج المُشاهد فى الأحداث رغبة منه فى كشف الحقائق ومعرفة النهاية. خاصة أن إيقاع العمل سريع وكل حلقة تتضمن أحداثًا جديدة يتكشف معها سر جديد، إلا أن الحوار لم يكن قويًا وتضمن الكثير من السذاجة فى بعض المشاهد، واختيار أبطال العمل لم يكن موفقًا إلى حد كبير، فعلى سبيل المثال روبى فى دور «إنجى» لم أشعر بتماهيها مع الشخصية وإحساسها الحقيقى بها، وبالتالى لم تنقله للمشاهد بشكل صادق مؤثر سلس، وأيضًا «ملك قورة» فى دور «سارة» كأنها دمية وليست إنسانة، فقد بالغت فى نظراتها ولغة جسدها لدرجة تفصلك عن الاندماج معها والتفكير فى ماهيتها، وعلى الجانب الآخر هناك فنانون أتقنوا أدوارهم لدرجة اعتمادك عليهم كمُشاهد لتستكمل أحداث المسلسل وتستمتع به، ومنهم «سما إبراهيم» فى دور «صباح» التى تأخذك لعالمها المتأرجح بين التعقل والذهان، ولمشاعرها الصادقة التى تجعلك تأخذ صفها رغم جريمتها، وأيضًا «حمزه العيلى» فى دور «زياد» الكاتب المضطرب التائه بين موهبته وقلمه وبين قوت يومه، الذى يحيرك معه فى دوافعه وصراعه النفسى الداخلى.

هناك عناصر أخرى ساعدت فى تماهيك مع مشاهد العمل ومنها حركة الكاميرا وزوايا التصوير واللقطات القريبة «close ups» التى تناسب أجواء الرعب والإثارة وأيضًا الإضاءة التى اعتمدت على الأزرق والرمادى لتعكس الموت والوحشة فى بعض المشاهد، والاعتماد على ضوء الشمس فى مشاهد أخرى لتعكس الشعور بالأمل فى يوم جديد.

دراما الرعب عبارة عن لعبة يجب أن يتقنها كل صنّاع العمل لأن كل تفصيلة بمثابة شعرة بين الصدق والتأثير وبين السذاجة وانفصال المشاهد عن روح العمل وإحساسه، ولذلك فهى من أخطر أشكال الدراما لأنها تحتاج إلى لاعبين محترفين.