الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قواعد المجد العسكرية

قواعد المجد العسكرية

دوائر أمننا القومى ومجالها الحيوى



كيف استخلصت القيادة المصرية المشاريع الحضارية السابقة وأنتجت الجمهورية الثانية؟

 

السبت الماضى، كنا جميعًا نشاهد بفخر وعزة افتتاح ثالث القواعد العسكرية المصرية فائقة التطور (قاعدة 3 يوليو ) هذا التاريخ الذي يستحق أن يخلد فى الوجدان المصري والعربى والإنسانى.. تاريخ يقول هكذا تحرر الأمم العظيمة.. هكذا تبنى الدول القوية.

بالعمل لا بالكلام الفارغ.. استعادت مصر عنفوانها بعد اضمحلال.. عادت الدولة المركزية فى الشرق الأوسط لتعلن للعالم أنها كانت ولا تزال وستظل أساس استقرار وسلام المنطقة.

 

إن اللحظة لم تكن لتفرض علينا مشاعر وطنية منطقية بقدر ما تكلف عقولنا بالتدبر فى المعنى المصري الشامل.. قل المعجزة المصرية الحديثة.. تلك التي ندخل بها (الجمهورية الثانية).

 

 

 

لمصر دورات تاريخية متعاقبة يأبَى فيها القدر إلا أن يستجيب لمعادلة الزمن، وهى أن هذه الأرض التي بنيت على حضارة نهرية كتب عليها المعركة الأبدية بين الخير والشر.

منذ عهد الفراعنة والوطنيين الأوائل فى مختلف الأسر الفرعونية وصولاً إلى محمد على وجمال عبدالناصر.

كان لمصر مشاريع حضارية بل إمبراطورية.. لم تكتمل لأسباب واضحة حتى وإن تم تحديثها، ومع ذلك لم تختصم حدود مصر الأصيلة أبدًا منذ فجر التاريخ.. تتمدد مصر شرقًا وغربًا.. شمالاً وجنوبًا وتظل الكتلة الاستراتيجية الصلبة راسخة بجغرافيا سياسية ثابتة.

ولم تكن مصر أبدًا دولة معتدية.. هذه هى شخصية مصر.. دولة الحضارة التي بنيت على فلسفة العيش المشترك لم تكن أبدًا دولة تستبيح الشعوب ومقدراتها.. كانت هذه الشعوب تطلب حماية مصر وحضور مصر.. ومن هنا جاء مصطلح الشقيقة الكبرى، ولأن أعماقها التاريخية تضرب فى جذور بداية الإنسان على الأرض عرفت مصر بـ (أم الدنيا).

كتب الدكتور جمال حمدان تفصيليًا فى هذا السياق.. ولكن حديثنا الآن عن نسق وإن جاء فى السياق نفسه.

السياق هو بزوغ فجر (مصر العظمى)، أما النسق فهو (المشروع المصري الحديث) الذي يقوده الرئيس «عبدالفتاح السيسي».

 

 

 

 

كل مشروع حضارى مصري استند على مبادئ واضحة، وهى الحق والعدل والسلام والتنمية التي تستند على القوة الرادعة.. ولكن الفارق الواضح أن القيادة المصرية أنتجت مشروعًا حضاريًا ملائمًا لقيمة مصر وحق مصر فى مكانة تليق بها بين الأمم على أسس واقعية وليس أحلام يقظة حتى ولو دافعها وطني.

وفى تقديرى أن معجزة المشروع المصري الحديث بقيادة الرئيس «عبدالفتاح السيسي» يمكن قراءة ملامحه فى عدد من النقاط: 1 - إن الأمن القومى للدولة المصرية الذي استُهدف فى العمق عام 2011 لا يصح أن يكون مكتّفًا، ولكن فرض وطني امتداده وفق قيم رشيدة واضحة بمجال حيوى يليق بالطموح المصري.

2 - حصار الحصار.. تلك النظرية الأصيلة فى العلوم الاستراتيجية أنتجتها مصر فور ثورة يونيو عندما ظن البعض أنه من الممكن حصار مصر سياسيًا واقتصاديًا وتكبيلها داخل حدودها بلا تأثير.. حاصرت مصر دائرة كان يفترض أن تحاصر داخلها وامتدت شمالاً حيث جنوب أوروبا وانطلقت شرقًا حتى العراق وجنوبًا حيث القرن الإفريقى وغربًا حتى الأطلسى.

3 - امتلاك القدرة ليست رفاهية، ولكنها أعمدة لبناء الدولة المصرية الحديثة.. امتلاك القدرة عسكريًا.. امتلاك القدرة اقتصاديًا.. ومن ثم استقلال القرار السياسى نتيجة حتمية.

4 - التلاحم بين الشعب والقيادة وفق عقد اجتماعى واضح منذ اللحظة الأولى لتولى الرئيس «السيسي» المسؤولية.. عقد اجتماعى قائم على المصارحة والشفافية والمصداقية وهو المثلث الذي حصن الجبهة الداخلية ضد حروب استنزاف الذهن المصري الجماعى التي تستهدفه على مدار الساعة بنشر الشائعات وتشويه منجزات الشعب المصري بغية إدخاله فى دائرة إحباط.

5 - مضاعفة الكم الاستراتيجى لمصر بشكل غير مسبوق، وهو ما جعل للدور المصري مصداقية إقليمية وعالمية، وبالتالى أصبح الحضور السياسى المصري بالغ التأثير.. إذا تحدثت مصر العالم ينصت لها. 

6 - بناء إنسان مصري معاصر بشكل يجعله مواكبًا لعالم اليوم رغم مشقة المهمة إذا أخذنا بعين الاعتبار واقع المجتمع المصري عام 2014 ومكوناته وقمنا بعقد مقارنة بحال الإنسان المصري فى 2021.

7 - القدرة الذاتية لمصر فى امتلاك الدواء وامتلاك الغذاء.. مصر أصبح لديها اكتفاء ذاتى فى أغلب السلع.. تزرع ما يقرب من %60 من استهلاكها من القمح ولديها الصوامع المتطورة.. تمتلك مزارع سمكية هى الأكبر فى الشرق الأوسط.

8 -  فى عالم ما بعد كورونا القدرة الذاتية هى مربط الفرس وليس القدرة الشرائية فقط والقدرة الذاتية هنا تتحول إلى قدرة تأثير سياسية لأن الغير يمتلك الشراء، ولكنه يعتمد عليك.

 

 

 

9 - محورية الدور المصري فى الخريطة العالمية للطاقة ومستقبلها وقرار القيادة السياسية الاستراتيجى الحاسم بترسيم الحدود البحرية المصرية وتحديدها وتحديد المناطق الاقتصادية.

10 - قيم الدور المصري والعلاقة الطردية بين تراكم الكم الاستراتيجى وتراكم القيم الإقليمية وتعزيزها؛ بمعنى أن ثوابت العدل والسلام والتنمية واحترام الجوار تتعزز إقليميًا كلما تعاظمت قوة مصر.. وهذه عبقرية «السيسي».

11 - أخيرًا.. تكتب هذه السطور بينما يعقد مجلس الأمن جلسة مناقشة لبحث تطورات أزمة سد إثيوبيا وتهديدها للسلم والأمن فى إفريقيا ومن ثم تهديد الأمن والسلم الدولى.. إن قراءة النقاط العشرة السابقة بقدر من التمعن تجعلنا نطمئن ونثق فى قدرة الدولة الوطنية المصرية على تحقيق أهدافها وفق منظومة القيم التي وضعتها لدورها الإقليمى والدولى وأنها بالفعل تمتلك كل الخيارات.. ولكن لكل حدث حديث.