الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

السندريلا 20 عاما على الرحيل: فى الذكرى الـ20 لرحيلها، أهم 10 محطات فى حياتها الفنية: من تفعلها غير سعاد حسنى؟

يبدو أن خزانة سندريلا الشاشة المصرية، لا تحتوى فقط على أسرار حياتها الخاصة ووفاتها الغامضة؛ وإنما أيضًا على مفاتيح شخصياتها التى قدّمتها. فقد جسّدت 97 شخصية، تطلب البحث فى أسرارها مُشاهَدة هذه الأعمال وقراءة مئات الصفحات التى كتبت عنها، وبعد رحلة بقدر مشقتها بقدر متعتها فى عالم «أخت القمر»، تبين أن سر هذه الفنانة الاستثنائية لا يعرفه أحد. فقط بعض لمحات التقطها المقربون، وموهبة «ربانية» لم تتمكن هى نفسها من فهمها. وفى السطور التالية محاولة بسيطة للكشف عن سبب تميز «سعاد» فى عَشرة من أهم الشخصيات التى قدمتها على الشاشة.. ولا يزال البحث مستمرًا.    



 

زوزو

«أنا زوزو النوزو كونوزو..»، لم تكن تلك مجرد كلمات أغنية قامت «سعاد حسنى» بأدائها فى أشهَر أفلامها (خلى بالك من زوزو) إخراج «حسن الإمام» عام 1972؛ وإنما ظل مَطلع الأغنية ملازمًا لـ«سعاد»، كان رسالتها على البريد الصوتى لهاتفها، و«زوزو» هو الاسم الذى أصبح يناديها به الجميع بعد الفيلم. (زوزو) دفع بـ«سعاد» عَشْر سنوات للأمام - على حد تعبيرها فى حوار أجرته معها «نعم الباز» ونشر فى كتاب (سعاد حسنى أيام الشهرة والألم)- أمّا سر وسحر «زوزو» فقد نبع من استغلال «سعاد» للشكل المستقل الذى صنعه للشخصية كل من «صلاح جاهين وحسن الإمام وكمال الطويل»، فلم تقلد أحدًا ولم تستعر أى شخصية ظهرت من قبل.. طبعًا بالإضافة لظهور موهبتها الكبيرة فى الرقص الشرقى،  بشكل درامى تعبيرى ليس له مثيل. شخصية «زوزو» كتبت خصيصًا لـ «سعاد حسنى» ولم تكن لتقدر عليها سواها.

 

 

إحسان 

قبل بطولتها لفيلم (القاهرة 30) إخراج «صلاح أبوسيف» عام 1966، كانت «سعاد حسنى» قد مثلت 39 فيلمًا فى سَبْع سنوات، وبعد هذا الفيلم قدمت 48 فيلمًا فى 25 عامًا. وبنظرة سريعة يمكن القول إن رحلتها الفنية تنقسم إلى ما قبل وما بعد (القاهرة 30). هذا التحول الذى عبرت عنه بنفسها فى كتاب (السندريلا تتكلم) للكاتب «منير مطاوع»، قائلة «كنت فاكرة إن الأفلام الجادة جمهورها قليل ورخمة كده وبتاعة مثقفين، وإن الفيلم إذا مكنش لذيذ وبسيط وهيصة الناس متحبوش، لغاية ما بان إن العملية مش بالبساطة والسذاجة دى وإن المهم هو الفن الحقيقى والأصالة والصدق». لم نكره «إحسان شحاتة» فى الفيلم، بالعكس فهى الوحيدة التى تعاطفنا معها وتفهَّمنا موقفها، بينما فى الرواية كان من السهل أن نستاء منها. «سعاد حسنى» هى سر مَحبتنا لـ«إحسان» ورُغم أنها قدّمتها بفطرتها؛ فإنها استطاعت توصيل مشاعرها الحقيقية والتعبير -  دون الكثير من الكلمات - عن تمزقها واضطرارها لما قامت به من بيع جسدها للأرستقراطى الثرى والزواج من الانتهازى الوصولى.. «فى (القاهرة 30) كان دور الفتاة لا يصلح له فى ذهنى غير سعاد حسنى». هكذا عبّر «صلاح أبو سيف» عن اختياره لها.

 

 

 

فاطمة

«فاطمة» فى فيلم (الزوجة الثانية) إخراج «صلاح أبوسيف» أيضًا فى العام التالى لـ(القاهرة 30)، 1967، تظهر «سعاد» فى دور آخر من أدوارها المهمة. كان لـ«فاطمة» مفاتيح وازدواجية تضاهى تلك التى كانت عند «إحسان»، وجهان لامرأة واحدة، الطيبة المغلوبة على أمرها فى مقابل اللئيمة مدبرة المكائد، فنجد فى جلسة «فاطمة» على حافة الترعة وهى تغسل الصحون وتنتفض لتتحدث مع العمدة الذى يناديها ثم فيما بعد مشيتها بخطوات بطيئة أمام غرفة ضرتها فى محاولة لاستفزازها، إبداع صعب أن يخرج من غير «سعاد حسنى»؛ خصوصًا أنها حرصت على ملازمة فلاحات القرية التى تم بها تصوير الفيلم لتتعلم منهن كل تفاصيل الأشياء التى تؤديها فى الفيلم من طريقة الكلام والمشى والملابس لكيفية تأدية مختلف الأمور من تنظيف وخبز وغيرهما.. توحّد وارتداء كامل لجلباب «فاطمة» لم يكن ليليق إلا على «سعاد حسنى».   

 

 

سميحة

«أنا مش عارفة إزاى كمّشت نفسى كده».. هكذا تحدثت «سعاد حسنى» وهى تحكى عن ظروف تقديمها لشخصية «سميحة» فى فيلم (صغيرة على الحب) إخراج «نيازى مصطفى» عام 1966. «سميحة» الأنثى الناضجة كان عمر سعاد الحقيقى عند تصوير هذا الفيلم 24 عامًا - تمكنت من خداع كل من حولها، جعلت الجميع يصدق أنها طفلة فى الثانية عشرة من عمرها، «أنا دايمًا طفلة.. يمكن لأنى ما عشتش طفولتى ويمكن لأن براءة الطفولة أريح لى».. هكذا حاولت تفسر «سعاد» إتقانها للشخصية فى هذا الفيلم. وبالإضافة لذلك تألقت فى الغناء بألحان «محمد الموجى»، بصوت الطفلة والمرأة وقدمت أيضًا الموال، جواز مرور دبلوماسى أدخلها عالم الطرب الذى رفضت احترافه خارج حدود الشاشة الفضية.    

 

 

 

زينب

فى حكاياته عن كواليس فيلم (الكرنك) إخراج «على بدرخان» عام 1975، يقول الفنان الراحل «نور الشريف»: «وجدت «سعاد حسنى» تقوم بتمزيق جزء من الجونلة التى ترتديها، وعندما سألتها عن السبب قالت إن زينب بنت فقيرة وبالتالى فمن المؤكد أنها قامت بتغيير «سوستة» الجونلة أكثر من مرّة؛ لذلك يجب أن تبدو الجونلة مهلهلة من كثرة الترقيع».. إن مثل هذه التفاصيل التى كانت تهتم بها الفنانة الكبيرة هى التى صنعت من شخصياتها لحمًا ودمًا، لذلك تقتنص «زينب» أغلب التعاطف عن بقية شخصيات الفيلم؛ خصوصًا أنها أدت مَشاهد فى غاية الصعوبة، اعتمدت فيها على الأداء الصامت وكأن روح الشخصية قد قتلت بعد تعرضها للاغتصاب، فتحولت من المرح وحركة الجسد السريعة النشطة للحزن والخفوت والانزواء. من هنا ومن بين تلك التحولات فى شخصية «زينب» يقول المخرج «على بدرخان» فى كتاب (أنا المخرج): «سعاد لديها أداء صوتى حساس، تعبير بالعين متمكن، أداء حركى محكم، وقدرة فائقة على التلون».

اعتبرت «سعاد حسنى» إن (الكرنك) أهم أفلامها كإنسانة وبنت مصرية وممثلة وليس كنجمة سينمائية؛ حيث اختلطت فى هذا الفيلم السياسة بالوطنية بالفن بالمقاومة بالثقافة بالروح الشعبية.

 

 

 

شفيقة

ذاك الجلباب الواسع الفضفاض، وتصفيفة الشعر المشعثة، والوجه الذابل الذى يخلو من أى ملمح للحياة، فى مقابل الملابس الأنيقة الضيقة والشعر المصفف والمساحيق والنضارة التى تملأ الوجه والوجنتين. ازدواجية وتحول فى الشكل الخارجى وفى كلتا الحالتين تتألق النجمة الناضجة التى أصبحت - تقريبًا - فى تلك الفترة لا يضاهى نضجها وبريقها أحدٌ. فى (شفيقة ومتولى) إخراج «على بدرخان» 1975، تحرص «سعاد» - كعادتها - على الإمساك بالشخصية من جميع النواحى، لم يفلت منها خيط من خيوطها. العيون دائمًا ساهمة فى عالم آخر ومصير آخر تنتظره من أخيها «متولى». لذلك نجدها تفصل بين الحالة الجسدية التى تدل على شىء والحالة الروحية التى تعيشها فى عالم ثانٍ منفصل عمن حولها. واحد من أبرع وأهم أدوارها وتصل ذروة الأداء بهذا الفيلم فى أغنية (بانو بانو) التى جسدت فيها كل أنواع الاختلاط الانفعالى السابق ذكرها.

 

 

 

نوال

كانت «نوال» فى (موعد على العشاء) إخراج «محمد خان» عام 1981، لديها طريقة محددة، كانت تتنفس بصعوبة عندما تتحدث، تضحك، تبكى، تنفعل أو تغضب، كانت «مكبوتة»، وكأن حجرًا يطبق على صدرها جرّاء الضغوط من كل من حولها.. «على باب شقتها بالزمالك أوقفتنا رائحة شهية من الداخل، أنا وزميلى بشير الديك، ونحن نخمّن أصل الرائحة أيقنا أنها رائحة «المورتا»، خلاصة الزبدة التى تحضرها سعاد، ولا أنسى يوم دعتنا على أكلة لحمة راس، سعاد كانت تعشق الأكل البلدى» كتب هذه الكلمات المخرج «محمد خان» فى كتابه (مخرج على الطريق)، ولعلها مفتاح واحد من أهم المَشاهد فى سينما «خان» ومشوار «سعاد حسنى»، مَشهد العشاء فى الفيلم، أكلة «المسقعة» المسمومة التى أعدتها «نوال» لطليقها «حسين فهمى»، ويكمل «خان» فى كتاب (أنا المخرج): «هذا المَشهد استغرق تصويره ثلاثة أيام وتكوّن من 70 لقطة كان تدرُّج الانفعالات فيه بطيئًا جدًا وكانت الصعوبة فى الحفاظ على هذا التدرج البطء فى ازدياد الانفعالات حتى تصل إلى ذروتها».. ويضيف «خان»: «سعاد ممثلة قوية ونادرة وتبحث عن اللحظة».  

 

 

مديحة

شخصية «مديحة» فى فيلم (غروب وشروق) إخراج «كمال الشيخ» عام 1970، ربما تشعرك أنها شخصية عادية من الممكن أن تؤديها أى ممثلة، فلا يوجد لها الكثير من المَشاهد المهمة باستثاء «ماستر سين» واحد. ولكن لماذا منحت «سعاد حسنى» لتلك الشخصية بريقًا وحضورًا؟ السبب أن «سعاد» بدت فى هذا الفيلم وكأنها تؤدى ثلاث شخصيات وليست شخصية واحدة، المرأة القوية المتكبرة مع الرجل الذى أحبها والأنثى المنكسرة الذليلة مع الرجل الذى أحبته، والفتاة الضعيفة الجبانة أمام جبروت والدها.. أمّا عن «الماستر سين» الذى يُعَد من أهم مَشاهدها على شاشة السينما، فهو عندما ضبطها زوجها فى سرير أعز أصدقائه وهنا يحكى الفنان «إبراهيم خان» الذى قدّم دور الزوج وقام بضرب وسحل «سعاد حسنى» فى ذاك المشهد الطويل، إن الفنانة الكبيرة بعد أن أخفق فى أداء المشهد لأول مرّة لأنه لم يكن يريد أن يضربها بشدة، تحدثت إليه على انفراد قائلة «اضربنى بجد يا إبراهيم، أنت مش بتعمل أفلام أكشن، اضربنى بس أوعى تعورنى»، فما كان من «إبراهيم خان» إلا أن اندمج فى الأداء وأخذ يضربها ويسحلها.. مصداقية لا تتواجد عند الكثيرات ولكن امتلأ بها كيان «سعاد حسنى».   

 

 

بطة

فى فيلم (المشبوه) إخراج «سمير سيف» عام 1981، تنقسم البطولة بين «اللص والضابط» بينما حبيبة «اللص» دورها صغير، لم يكن يتطلب ممثلة فى حجم موهبة ونجومية «سعاد حسنى» ومع ذلك طلبت النجمة الكبيرة من صديقها «سمير سيف» أن تقرأ السيناريو، ثم طلبت وأصرت أن تؤدى شحصية «بطة»، وقد تمكنت السندريلا أن تجعل الدور لا يقل أهمية عن الدورين الرئيسيين، طبعًا وكالعادة بسبب فهمها العميق للشخصية شكلاً ومضمونًا، أمّا عن الشكل فقد اختارت ملابس وهيئة تتناسب مع المعاناة المادية التى تعيشها، فالملابس باهتة من كثرة ارتدائها وغسلها، والشعر غير مهذب ولا توجد مساحيق على وجهها، أمّا المضمون فيظهر فى حركتها وانحنائها ونبرة صوتها الهامسة فى لحظات الضعف ومحاولتها لمَط جسدها والصراخ بعنف فى مواجهة من يحاولون هدم حياتها وتعريض أسرتها للخطر.

يتحدث «سمير سيف» عن «سعاد حسنى» قائلا: «أنا أمنح سعاد أى دور وأى شخصية وأنا أعرف تمامًا كيف ستشتغل عليها مع نفسها بما يجعلها تتنفس على الشاشة وتمنحها صدقًا لا يمكن لممثلة أخرى أن تمنحه إياها». 

 

 

 

ناهد وميرفت

فى (بئر الحرمان) إخراج «كمال الشيخ» عام 1969، تؤدى «سعاد حسنى» شخصية المريضة النفسية لأول وآخر مرة فى مشوارها الفنى الطويل، «ناهد وميرفت» اسمين لامرأة واحدة تعانى من انفصام فى الشخصية. وقد قام كاتبا السيناريو «نجيب محفوظ ويوسف فرانسيس» بتغيرات كبيرة لقصة «إحسان عبدالقدوس». تغيرات تزيد من صعوبة الدور على البطلة؛ حيث جعلها السيناريو وكأنها امرأتين، بينما لم تظهر الشخصية الثانية فى القصة سوى مرة واحدة، ومع ذلك تمكنت «سعاد حسنى» من الالتزام بمواصفات بطلة «إحسان» مع الحفاظ على تعديلات «محفوظ وفرانسيس»، وفصلت تمامًا بين الشخصيتين، و«كأنها تقدم فيلمين منفصلين»، كما قالت فى محاولة لتفسير تميزها فى الفيلم.