الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رسائل أمهات: العنف ضد بناتنا جريمة مش نكتة التطبيع مع التحرش الجنسى فى رمضان

«التطبيع مع التحرش الجنسى فى رمضان»، ربما يكون العنوان صادمًا للبعض ومُغضِبًا للبعض الآخر، ولكن للأسف هذا ما يحدث على نحو استفز مشاعر المتابعين لبعض الأعمال الدرامية فى الموسم الرمضانى الحالى، وهو الأقوى للدراما المصرية.



فرُغم الحملات العديدة التى يشارك بها الكثير من الفنانين للتنديد بالتحرش، واعتباره جريمة يعاقب عليها القانون ودعوة الفتيات إلى عدم الخوف، ورفض هذا السلوك المشين حتى لا يصبح المجنى عليه جانيًا.

أصابت بعض الأعمال الفنية المتابعين، خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، بخيبة أمل ودهشة من ترويج بعض المَشاهد للتحرش الجنسى وثقافة العنف وتحديدًا العنف ضد المرأة بشكل صريح، ما جعل المتابعين يتداولون هذه المَشاهد فيما بينهم عبر منصات التواصل الاجتماعى المختلفة.

وهى بالمناسبة عدد ليس بقليل من المَشاهد التى تحتوى على كلمات فيها تحريض على العنف فى العموم، وعلى العنف والتحرش ضد المرأة بشكل خاص. وهنا نحن لا نتحدث عن غزل صريح أو جرىء، ولكن عن كلمات تروّج للتحرش الجنسى بالمرأة بشكل واضح وصريح وفج.

وهذا ما دفع الكثير من الجمهور لمهاجمة إحدى الفنانات بسبب مشهد تحرّض فيه البطل على التحرش بها بطريقة ساخرة تستهين بخطورة هذه الجريمة، التى تعد أحد أعراض العنف ضد المرأة المتجذر فى المجتمع.

حوار مريب

أثارت عدد من مَشاهد مسلسل (ملوك الجدعنة) حالة من الجدل والتعليقات المتضاربة؛ حيث تظهر المرأة فيها ضعيفة أمام الرجل، ترحب بالتحرش والعنف الممارَس ضدها.

ووصف الجمهورُ الحوارَ الدرامى فى تلك المَشاهد بالمريب،المشهد الأبرز كان للفنانة ياسمين رئيس مع الفنان عمرو سعد، عندما تذهب إلى بيته للاطمئنان عليه، وعندما يحثها على الذهاب ويقول : يلا أمشى من هنا عشان احنا لوحدنا والشيطان شاطر. فترد عليه قائلة: يا ريت تتحرش بيا!! 

أمّا المشهد الثانى فكان للفنان «مصطفى شعبان» أو «سفينة» فى المسلسل، وهو يقابل حبيبته القديمة وعندما تخبره بأن زوجها يضربها، فيقول لها: ما أنتى إللى مختارة ومتجوزاه، فترد عليه: ما هو لو جوزى «سفينة» هو إللى بيضربنى بصراحة أنا موافقة!

 

ليست مادة للكوميديا 

تعرضت الفنانة ياسمين رئيس إثر هذا المشهد لموجة واسعة من الانتقادات؛ حيث أكد العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعى أن التحرش الجنسى ليس مادة للكوميديا؛ وإنما جريمة يجب علينا جميعًا وضع حد لها. 

وكانت من أبرز تعليقات الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعى: متى نبتت فى وادينا كل هذه الستات المازوخية! المسلسلات دى للأسف ثقافة جيل هيطلع فاكر أن التحرش بيرضى البنت وعمره ما يحس أنها جريمة.. ذنب البنات فى رقبة هذا الفن الهابط.

 

رسائل غاضبة

من جانب آخر، وجهت مجموعة من الأمهات على منصات مواقع التواصل الاجتماعى بعض الرسائل الحزينة والغاضبة لصناع هذه النوعية من الأعمال، وعبرن عن مخاوفهن من تكرار مضامينها ونشرها بين الشباب، واعتبرن أن صناع الدراما يحرّضون على البلطجة والتحرش والعنف، واتخاذ نهايات سوداء للمشاكل التى يعانى منها الشباب فى المجتمع.

 ثقافة قبيحة

وأكدت إحداهن فى رسالتها أن الدراما غير الواعية من أهم الأسباب التى علمت التحرش وشجعت عليه، كونها قدمت هذا الموضوع بأسلوب ساخر ضاعت معه خطورته الحقيقية، متسائلة كيف نحمى أبناءنا من هذه الثقافة القبيحة!

ونوهت أمّ أخرى إلى أنه فى الفترة الأخيرة، كان ملاحظًا أن هناك عددًا من الفتيات، وإن كان «قليلاً» بدأن بمشاركة قصص تعرضهن للتحرش الجنسى على صفحاتهن فى مواقع التواصل الاجتماعى، أملاً فى كسر الحاجز النفسى الذى كان من المحرم التحدث به، معتبرات أن زيادة الوعى والحد من التحرش ووقف المتحرش عن أفعاله كلها أمور تعد السبب فى قيامهن بهذا التصرف والتحدث بجرأة.

قائلة فى رسالتها: هل تعلمون معنى ثقافة التحرش بالمرأة، هل تدركون أنكم تروّجون لها فى أعمالكم؟!

علامة حمراء

وقد اعتبرالمَشاهدون ان ما تتضمنه هذه المشاهد تحتوى على سلوك يجب ألا يُعرَض على شاشة ويشاهده الأطفال والشباب. 

ومن الواضح أن صناع هذه الدراما سيدفعون بأن سلوك الشخصيات الرئيسية فى المسلسل جاء فى سياق القصة الدرامية، وأن الهدف كان إخراج المشهد بشكل «كوميدى».

بينما فى الواقع؛ فإن مثل هذه المَشاهد- لا شعوريّا- تساعد على التطبيع مع فكرة التحرش الجنسى الفاضح.

فيما وجهت سيدة أخرى رسالة خاصة لصناع مسلسلى (لحم غزال) و«(اللى مالوش كبير)، قائلة : نفضل طول السنة بنوجع فى قلبنا ونتكلم عن حقوقنا كستات ونتكلم عن كم جرائم العنف التى تحدث للستات فى البيوت من أهاليهم أو من أزواجهم ثم تأتى مسلسلات رمضان بمشهد لرجل يضرب زوجته على سبيل المزاح ويلا يا جماعة نضحك ونهزر!

 العنف ضد المرأة جريمة مش نكتة

وللتذكرة فإن حالات العنف ضد المرأة خلال شهر مارس فقط وصلت (54) حالة، (25) منهن على اختلاف أعمارهن وصل الموضوع لقتلهن. 

منهن (6) لم يتم التعرف عليهن وكان على أجسامهن آثار تعذيب،و(14) تم التعرف عليهن وكان القتل على يد شريك حالى أو سابق لهن أو احد ذويهن و(3) حالات شروع فى قتل، و(5) حالات اغتصاب.

أمّا بالنسبة لعدد بلاغات التحرش خلال شهر مارس فقط فكان أكثر من 7 بلاغات.

وخلال عام 2020 كان إجمالى عدد جرائم القتل ضد النساء 165 جريمة قتل! 

وهذه فقط الأرقام التي وصلت لنا من خلال الجهات الحكومية، ومن المؤكد ان هناك غيرها كثير لا نعرف عنه شيئا.

ونتمنى ان تتوقف الأعمال الدرامية عن الترويج لإهانة السيدات وكأنها أمر عادى أو شىء كوميدى.

نتمنى ان يمر رمضان دون إهانة للسيدات فى المسلسلات والأفلام التي يشاهدها كل الاسر من مختلف المستويات ومن مختلف الأعمار؛ لأن العنف ضد بناتنا جريمة مش نكتة.