الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد انتشار مسلسلات الحكايات القصيرة ونجاحها: وأخيرا.. دراما بدون مط ولا تطويل

منذ سنوات قصيرة ظهرت فى الدراما المصرية «موضة» المسلسلات الطويلة التى تصل إلى 45 أو 60 حلقة، ولكن هذه الظاهرة التى قوبلت بترحيب محدود لم تستطع أن تستمر طويلا، خاصة بعد انتشار المنصات الإلكترونية التى وجد المشاهد أن المسلسلات المهمة التى تعرض عليها لا تتعدى الـ10 حلقات.



 

من هنا بدأ التوجه إلى إعادة إحياء المسلسلات القصيرة التى لطالما عشقها الجمهور المصرى فى فترتى السبعينيات والثمانينيات، وبسبب نجاح تلك النوعية، استعاد صناع الدراما أيضا من الذاكرة، مسلسلات الحكايات القصيرة أو الحلقات المنفصلة المتصلة، والتى كانت هى الأخرى تحقق نجاحا مدويا فى الماضى ولم يخفت بريقها أبدا رغم مرور عشرات السنين على عرضها، فمن ينسى أو يضجر من (هو وهى، اللقاء الثانى، غاضبون وغاضبات، مخلوق اسمه المرأة.. وغيرها).

التجربة بدأت فى عام 2017 من خلال مسلسل (نصيبى وقسمتك). هذا المسلسل بأجزائه الثلاثة فيما بعد، فتح الأبواب على مصراعيها لمثل هذه النوعية من جديد.. وجعل صناع الدراما يطمئنون لنجاح الفكرة، وجعل التوقيتات ما بين المواسم الرمضانية والشتوية منتعشة، والفرصة لمنافسة المنصات قائمة.. وقبل أن نتطرق للحديث عن الأعمال الجديدة والمنتظرة، عدنا إلى صاحب المبادرة الأولى الكاتب «عمرو محمود ياسين» صاحب (نصيبى وقسمتك) والذى قال: «أردت كمؤلف أن أقدم شكلا جديدا  للدراما المصرية، مجموعة من القصص التى تمس مجتمعنا المصرى وواقع حياتنا اليومية، فكل قصه تم طرحها، لها ما يماثلها على أرض الواقع وهذا ساعد أكثر على نجاح المسلسل، وفكرة عدد حلقات الحكاية الواحدة سواء جاءت فى ثلاث أو خمس حلقات كانت تعتمد على المحتوى الدرامى، ومحاولة سرد القصة بشكل يحمل الإثارة والتشويق وعنصر الجذب دون التطويل والحشو غير المبرر، وهذا ما تم تقديمه فى المسلسل، فالحكايات التى تم تقديمها من وجهة نظرى قدمت فيها أنماطا وأشكالا مختلفة من الكتابة الاجتماعية والرومانسية والكوميدية والرعب أيضا. وهذا كان تحديا كبيرا لنفسى قبل الآخرين وبفضل الله تقبل الجمهور ذلك وتفاعل معه بشكل إيجابى، وهذا ما كنت أحرص عليه، أن أقدم شيئا مختلفا وذا قيمة للجمهور خاصة أن المؤلف هو أول من يحاكم إذا كان العمل دون المستوى».. وقد أضاف «عمرو» أن هناك نية لتقديم جزء رابع من المسلسل ولكن مازالت المناقشات مع شركة الإنتاج قائمة.

بدأت الفكرة تتطور وتصبح أكثر تخصصا عندما عرض العام الماضى مسلسل من 60 حلقة، منقسم إلى 6 حكايات تعرض كل واحدة منها فى عشرة حلقات. المسلسل هو (إلا أنا) والذى اعتمدت على العنصر النسائى والقضايا التى تخص المرأة وكانت البطولة به – بطبيعة الحال – نسائية بامتياز.

الفنانة «حنان مطاوع»، كانت لها مشاركة متميزة فى (إلا أنا) بحكاية (أمل حياتى) ومن قبله فى (نصيبى وقسمتك – الجزء الثانى) بحكاية (604) وقد تحدثت عن التجربتين قائلة:» هذان العملان من أمتع التجارب التى عشتها، خاصة أن كل قصة منهما لها حالة خاصة، ففى حكاية (604) نجد رسالة لفتاة بسيطة جعلتها تغير حياتها 180درجة وتم طرح الحكاية بأسلوب يميل إلى دراما الرعب بعض الشيء ولكن بشكل ذى قيمة ومحتوى درامى جديد. أما فى حكاية (أمل حياتى) فالدراما هنا إنسانية اجتماعية نجد منها الكثير على أرض الواقع. وأعتقد أن هذه النوعية من المسلسلات ساهمت بشكل كبير فى التنوع الدرامى وعودة مسلسلات الـ 10 و15 حلقة التى كانت تقدم فى الماضى، بالإضافة إلى أنها تواكب أيضا الدراما العالمية التى تعرض على المنصات الإلكترونية، حيث إن هناك مسلسلات أجنبية تقدم فى 7 أو10 حلقات فقط وبها محتوى درامى شيق وممتع للجمهور، فعدد الحلقات لا بد أن يحكمه فى المقام الأول المحتوى الدرامى، وليس سوق البيع والشراء».

مع نهاية العام الماضى، ازدادت المسلسلات التى تتضمن حكايات قصيرة فى حلقات منفصلة، فتم عرض (طلقتك نفسى) الذى من المتوقع أن يلحق بجزء ثانٍ، المسلسل تطرق إلى قضايا الزواج، وما يحدث بها من خيانة، ملل، إهمال، عنف وغيرها من المشكلات التى يتحول بها الزواج سريعا إلى طلاق.. وحاليا يعرض مسلسل (حلوة الدنيا سكر) من بطولة «هنا الزاهد» التى تقدم من خلاله 9 حكايات مختلفة، كتبها ثمانية مؤلفين هم: «هشام إسماعيل، هند فايد،إياد صالح، فيدرا أحمد المصرى، ضياء محمد، محمد جلال، إيهاب نبيل» ومعهم «أيمن الشايب» الذى كتب حكاية (ساندى كراش) وتحدث إلينا عن تجربته الأولى فى الكتابة والتى يخوضها من خلال هذا المسلسل قائلا:  «أولا، المحتوى الدرامى القصير أصبح عنصر جذب للجمهور لما يتضمنه من إيقاع سريع وسلس وابتكار فى طرح عدد من القضايا على عكس دراما الـ 30 حلقة التى تكون بمثابة عبء على بعض المؤلفين، حيث إن ارتباط المؤلف بعدد حلقات يجعله أحيانا يفقد العنصر الأساسى من عمله وهو الإبداع، ليبدأ فى حشو أحداث وتفاصيل لا تهم المشاهد فى شيء وكثيرا ما تجعله يصاب بالملل حتى يصل إلى كلمة النهاية، ولكن مع ظهور مسلسلات الحكايات المتعددة وضم مخرجين ومؤلفين لكل حكاية تم المساهمة فى تكوين مشروع أشبه بفيلم سينمائى مليء  بالأحداث والتفاصيل وأيضا الاعتماد فى الأحداث على عنصر الإثارة والتشويق الذى يجذب المشاهد لهذا العمل».

يبدو أن سيل مسلسلات الحكايات القصيرة لن يتوقف، بعد أن تأكد نجاح التجربة أكثر من مرة، حيث بدأت إحدى الفضائيات عرض أولى حلقات مسلسل (ورا كل باب) الذى يعتمد على 8 قصص مختلفة لكل حكاية منها أبطال ومخرج ومؤلف وتعرض كل قصة على خمس حلقات.. وقد بدأت بحكاية (مالناش إلا بعض) من بطوله «صابرين» و«جمال عبدالناصر»، تأليف «سميح النقاش» وإخراج «باهر دويدار». 

أيضا يعرض السبت القادم أولى حلقات مسلسل (زى القمر) بحكاية (حته منى) من بطولة «إلهام شاهين». المسلسل مأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتبة «وفاء ماهر» ويضم 6 حكايات مختلفة جميعها تطرق للمرأة بشكل عام ولعمر الأربعين بشكل خاص لما يحمله من أسرار وغموض، ويتناول المسلسل العديد من القضايا الصادمة التى تخص المرأة على جميع المستويات، أما حكاية (حتة منى) فهى من تأليف «شهيرة سلام» وإخراج «حسام على».

فى النهاية يفسر الناقد «نادر عدلى» انتشار ونجاح مسلسلات الحكايات القصيرة قائلا: «إن كثرة القنوات الفضائية جعل المنافسة شرسة، فأصبحت كل قناة تبحث عن صيغة جديدة لربط المشاهد بها، بعدما أصبحت مسلسلات الـ30 حلقة لا تجذب المشاهد لضعف مستوى الكثير منها وعدم وجود سيناريو وحوار جيد يحترم عقلية المتفرج هذا بالإضافة إلى أن فكرة الـ30 حلقة أصبحت عنصر جذب فقط فى شهر رمضان دون غيره.. من هنا جاءت موجة مسلسلات الحكايات التى تعتمد على عرض قصص أشبه بفيلم سينمائى مدته ساعة ونصف بدلا من عمل يعرض فى 14 ساعة –وهى مدة الـ30 حلقة- التى تسير أحداثها ببطء شديد وتمتلئ بالعيوب التى لا تعد ولا تحصى.. والجمهور الآن أصبح يريد محتوى دراميا أحداثه مشوقة وسريعة، وأصبحت القنوات تلبى هذا النداء، ولكن للأسف بشكل أشبه لدراما استهلاكية أكثر منها إبداعية».