ملكــات مصــر فى قبضة إنجيلينا جولى وغادة عبد الرازق

شيماء سليم
شهد التاريخ المصرى القديم بروزا كبيرا لدور المرأة فى تولى المناصب القيادية، ملكات، حاكمات أو قائدات للفرق العسكرية.. وقد كان آخر من حكم فى العصر الفرعونى «كليوباترا» الملكة الأشهر فى تاريخ مصر التى أنهت حياتها وانتهى من قبلها الحكم الفرعونى بعد هزيمتها فى معركة أكتيوم البحرية ليحتل الرومان مصر ويبدأ العصر الرومانى.. وبعد 1280 عام تقريبا تأتى ملكة جديدة لمصر فى عصر المماليك وهى «شجرة الدر» لتحكم ثمانين يوما فقط من تاريخ مصر.. ولم تتول حكم مصر منذ «شجرة الدر» وحتى الآن أى امرأة، وأصبح لقب الملكة أو السلطانة مقتصرا على أمهات وزوجات الملوك والسلاطين.
ولأن عشق صناع الدراما فى مصر يختلف عما فى هوليوود، فدائما يعود الكتاب فى مصر، إذا أرادوا تقديم التاريخ، إلى عصر المماليك وما تلاه لما أحدثته حكايات هذه الفترة من شعبية ورواج فى نفوس المصريين الذين يعشقون السير الشعبية والبطولات الحربية وحكايات الدسائس والمؤامرات، لذلك يحفظ المصريون حكايات الظاهر بيبرس وقطز وشجرة الدر أكثر من معرفتهم بقصص الأسر الفرعونية وحكايات الملوك ونشأة الحضارة، وهو ما يجذب الغرب الذى يعشق حضارتنا التى نتملل منها، فيتعلم ويستفيد، ونكتفى نحن بحواديت القباقيب والجوارى.
مؤخرا تم الإعلان عن استعداد الفنانة «غادة عبد الرازق» لتقديم شخصية شجرة الدر فى مسلسل رمضانى جديد. من تأليف يسرى الجندى وإخراج سعيد الماروق، وكان قد رشح من قبل «الماروق» لإخراج المسلسل كل من أحمد صقر ومحمد عزيزية صاحب المسلسل السورى «الظاهر بيبرس» والذى قدمت فيه الفنانة «سوزان نجم الدين» شخصية شجرة الدر، وكان من أهم الأعمال الدرامية التى تناولت هذه الفترة..فى المقابل تستعد رانيا يوسف لتجسيد شخصية الملكة حتشبسوت فى فيلم عالمى بينما تنتظر داليا البحيرى شخصية نفرتيتى فى فيلم سينمائى مصرى أمريكى.
شجرة الدر التى ارتبطت فى الأذهان المصرية بصورة النجمة الراحلة «تحية كاريوكا»، والتى أدت دورها باقتدار فى فيلم «واإسلاماه» أخرجه الأمريكى «أندرو مارتون» عام ,.1961 لم يظهر دورها الحقيقى فى مصر من خلال الفيلم، وكان الاهتمام منصبا على قصة حب محمود وجهاد.. وظهرت «شجرة الدر» كامرأة شرسة تتآمر على القتل ولا يعنيها إلا نفسها، ويتحول الأمر من ملكة تحاول السيطرة على البلاد فى فترة حرجة إلى امرأة تتدلل لاختيار زوج من اثنين ثم تتصارع مع (ضرتها) على زوجها.. وتموت المرأتان غرقا بعد معركة حامية من الركل والعض وشد الشعر. دور «شجرة الدر» الحقيقى كان أبعد وأهم من ذلك بكثير.. فلقد تحولت من جارية إلى زوجة السلطان الصالح نجم الدين أيوب، كانت تنوب عنه فى الحكم عندما يكون خارج مصر، لم تعلن خبر وفاته وقامت بدفنه سرا بسبب ظروف البلاد خوفا من الصليبيين الذين كانوا يحتلون دمياط فى هذه الفترة، ثم استطاعت بمساعدة المماليك أن تتخلص من الصليبيين، كانت شجرة الدر شديدة الذكاء وقادرة بشكل رائع على إدارة شئون مصر، ولكنها وجدت هجوما عنيفا كون أنها امرأة تجلس على العرش، الهجوم جاء من رجال الدين والأيوبيين وحتى عامة الشعب المصرى.. هنا بدأت حكايات شجرة الدر التى تثير انتباه المشاهد المصرى، بدأت مع استسلامها للهجوم والمهانة فتحولت من ملكة كانت قادرة على صنع التاريخ إلى امرأة مهزومة، منكسرة تتصارع على رجل، فتنسحب الملكة والقائدة والسياسية من الحياة وتظهر المرأة والزوجة الغيور.
أما على الجانب الآخر من العالم فينتظر عشاق السينما العالمية واحدا من أكثر الأفلام التى نالت توقعات كبيرة بالنجاح وآمال فى أنه سوف يكون واحدا من أيقونات السينما.
فيلم «كليوباترا» الذى يحمل أهم أربع مقومات للنجاح: النص، المنتج، البطلة والمخرج.
سيناريو الفيلم مأخوذ عن واحد من أفضل الكتب التى ألفت عن «كليوباترا» وهو «كليوباترا: سيرة حياة» للكاتبة «ستاسى شيف». صاحبة العديد من الجوائز والتى أشاد النقاد بكتابها ووصف بأنه «تحفة فنية» وأنه سوف يكون من أهم الكلاسيكيات، والسبب فى ذلك هو قدرة المؤلفة على تقديم كتاب صادق وأقرب للحقيقة، بعد رحلة بحث وقراءة كل ما كتب عن «كليوباترا».
«إنجيلينا» تحمست بشدة لأداء «كليوباترا». وتتابع خطوات التحضير للفيلم بدأب شديد.
وتحاول التعمق والبحث عن ومعرفة «كليوباترا» عن قرب، وكانت أحدث خطواتها فى ذلك زيارة إلى الأقصر وأسوان فى يونية من العام الماضى. «إنجيلينا» لا تعنيها كثيرا التعليقات الإعلامية بأن «مصر» ليست المكان المفضل للحديث عنه أو تصوير الأفلام به الآن.
وتستمر فى التحضير للملكة الأشهر فى التاريخ.. وهناك شائعات حول مشاركة خطيب «إنجيلينا» النجم «براد بيت» فى الفيلم وأدائه لدور «أنطونيو». «إنجيلينا» تليق بها الأدوار التاريخية وتجسيد الشخصيات الأقرب للأساطير، لما لها من ملامح جسدية وأسلوب فى الكلام والحركة يتماشى مع طبيعة الشخصيات الأسطورية وكان أداؤها لشخصية الملكة (أوليمباس) فى فيلم «الإسكندر» هو أقوى دليل على ذلك.
أما عن مخرج الفيلم فقد انتقل العمل بين أكثر من مخرج حتى وصل إلى «إنج لى» الذى نال اثنين من ثلاثة ترشيحات أوسكار أفضل مخرج. كان أحدثها هذا العام عن فيلمه «حياة باى»، وقد أكد «لى» أن هذا الفيلم مثالى بالنسبة له وسوف يكمل سلسلة أفلامه شديدة الاختلاف عن بعضها البعض».
الملكة «كليوباترا» أثارت دوما انتباه وفضول الكتاب وصناع السينما فى العالم، ألفت عنها مئات الكتب، وكتب عنها شكسبير وبرنارد شو، وتم عمل حوالى 125 عملا دراميا ما بين أفلام ومسلسلات حول قصتها. منذ عام 1899 بالفيلم الفرنسى القصير «مقبرة كليوباترا» ثم فى عام 1913 بأول فيلم روائى طويل صامت وهو الإيطالى «أنطونيو وكليوباترا»، ثم فى عام 1917 أول فيلم أمريكى طويل صامت «كليوباترا».. إلى أن ظهر أول فيلم ناطق عن «كليوباترا» حمل نفس العنوان فى عام 1934 وللمصادفة فقد انتقدت «إنجيلينا جولى» فى أحد مشاهد فيلمها «الاستبدال» إخراج كلينت إيستود هذا الفيلم. ورأت أنه مبالغ فى تقديره وراهنت على أنه سيخسر الأوسكار أمام «حدث ذات ليلة»، وهو بالفعل ما حدث.
أما أشهر فيلم عن «كليوباترا» فى السينما الأمريكية فهو فيلم بنفس العنوان قدم عام 1963 وقامت ببطولته الراحلة «إليزابيث تايلور» وقام بإخراجه كل من «جوزيف مانكيوز» و«روبن ماموليان» و«داريل زانوك».. ووصلت تكلفة الفيلم لـ44 مليون دولار.