الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فى رحاب روزاليوسف

فى رحاب روزاليوسف

هذا الشهر يمر علىّ 32  عاما فى روزاليوسف، دخلتها متدربا عام 1988، ونشرت فيها منذ الأسبوع الأول، ومن وقتها لم أغادرها  حتى أصبحت ليست مجلة نعيش فيها ولكنها مجلة تعيش فينا، مستلهما تعبير المتنيح البابا شنودة الثالث «مصر وطن لا نعيش فيه ولكن وطن يعيش فينا»، مررت خلال هذه السنوات الطويلة  بمحطات عديدة أبرزها حينما توليت رئاسة التحرير، ولهذه قصة يعرفها البعض ويجهلها الكثيرون، كنت فى منزلى عندما اتصل بى المهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة الآن وكان وقتها مدير عام مؤسسة روزاليوسف، وقال لى أن أحد رجال إحدى الجهات يريد رؤيتى، وأبديت اندهاشى لأنى لا علاقة لى بالعمل الإدارى ولا أحبه، ضحك  وقال إن اللقاء سيتم فى مكتبه بالمؤسسة، وعندما ذهبت وجدت الرجل فى انتظارى، وبادرنى نريدك رئيسا لتحرير المجلة، وسألته ما علاقة الجهة التى يتبعها بهذا الأمر؟ ورد: لقد أوكل إلينا المجلس العسكرى هذه المهمة وعرضنا عليه الأسماء المرشحة وتمت الموافقة عليهم، وهناك فى كل مطبوعة أكثر من مرشح ولكنك المرشح الوحيد للمجلة، شكرته واعتذرت عن قبول المنصب وعرضت عليه أسماء زملاء أكفاء، وأبدى احترامه لهم وقال ليس وقتهم، واختيارنا لك جاء بعد تمحيص وتدقيق، ظل الحوار بيننا أكثر من ساعة وخلالها اتصل بأحد القيادات بالرقابة  ليخطره بإصرارى على الاعتذار، وحدثنى  رئيسه  محاولا إقناعى وقال إننا فى ظروف تتطلب  التكاتف، وأننا فى وضع يحتاج إلى قبول ما لا نرحب به أحيانا فى سبيل المصلحة العامة، وأبديت موافقة من حيث المبدأ على أن يترك لى الفرصة للتفكير واتخاذ قرار نهائى، بعدها جلس معى المهندس عبدالصادق أكثر من مرة لإقناعى، وكذلك الصديق والكاتب الكبير محمد هيبة رئيس تحرير مجلة صباح الخير، ثم أعلنت التغيرات الصحفية  وكان بها اسمى رغم أننى لم أكن أبديت موافقتى النهائية، وبدأت العمل فى فترة صعبة ولكن تكاتف الزملاء هون الأمر كثيرا، وأفتخر  بما قدمناه جميعا من عمل صحفى متميز  انعكس إيجابيا  على التوزيع، ولكن الأهم أنه كانت لنا مواقف ثابتة، فقد كنا من اللحظة الأولى ضد الإخوان، وأعتز بأننى تلقيت الإشادة من أساتذة كبار على رأسهم  مع حفظ الألقاب محمد عبدالمنعم وعادل حمودة ومفيد فوزى وجمال الغيطانى رحمه الله  وكثيرون غيرهم، وكان الأستاذ الكبير عاصم حنفى معلما وموجها فى كل أعداد المجلة، وركزنا فى  التحقيقات  والحوارات والأخبار عن كل ما يكشف تطرف وإرهاب وديكتاتورية وفساد الإخوان، فى الوقت الذى  كانت صحف أخرى تستكتب قيادات الجماعة والسلفيين، وما زالت أشرف بأغلفة  وموضوعات كثيرة  أثارت غضب الإخوان منها على سبيل المثال  غلاف كان عنوانه  «الرئيس محمد مرسى مبارك»، كنا نسخر فيه من الإخوان الذين هاجموا بعض أفعال الرئيس الراحل مبارك ثم تصرفوا مثله بالضبط، وكذلك غلاف كان عنوانه «يسقط يسقط حكم المرشد»، و«نصف رئيس» وغيرها الكثير، وهو ما جعل قيادات الإخوان تهاجم المجلة وتقول عنها أنها أحادية الاتجاه  وقال على فتح الباب زعيم الأغلبية  فى مجلس الشورى وقتها   فى حوار نشر فى أخبار اليوم «نفسى أجد إشادة بالجماعة فى روزاليوسف»، ورددنا عليه أنا والأستاذ محمد جمال الدين رئيس مجلس الإدارة وقتها فى مقالين وكان العنوان الرئيسى للمجلة «نعم روزاليوسف ضد الإخوان»، لا أنسب هذه المواقف لنفسى فقط فقد كان هذا موقف كل الزملاء، وعندما شكل مجلس الشورى فى عهد الإخوان لجنة تتلقى طلبات الراغبين فى الترشح لرئاسة تحرير المطبوعات القومية  رفضت التقدم لها وكتبت أرفض أن أتقدم لهذه اللجنة الإخوانية، تركت منصبى وأنا مرتاح لما قدمته مهنيا  وفكريا، على أن هذه لم تكن المحطة الوحيدة فى حياتى المهنية فقد سبقها محطات أخرى، فقد  عيننى الأستاذ محمد عبدالمنعم رئيس تحرير المجلة الأسبق مساعدا لرئيس التحرير ولم تكن  سنوات خدمتى   تعطينى الحق فى تولى  هذا الموقع، واختارنى الراحل الكريم عبدالله كمال نائبا لرئيس التحرير ومشرفا على صفحات الرأى بالجريدة  بالاشتراك مع الأستاذ محمد جمال الدين نائب رئيس التحرير للديسك  بالمجلة،  وهناك خطوة أخرى أعتز بها بعد ثورة 30 يونيو وإزاحة حكم الإخوان وهى اختيارى عضوا بالمجلس الأعلى للصحافة بقرار  من الرئيس المؤقت عدلى منصور، ولهذه قصة أيضا فقد اتصل بى الزميل والصديق  الكاتب خالد ميرى رئيس تحرير الأخبار الآن وكان وقتها -ولا يزال- عضوا بمجلس نقابة الصحفيين وسألنى هل ترغب فى العودة لرئاسة تحرير المجلة؟ وأجبته  بحسم:لا، فقال إذن سترشحك النقابة لعضوية المجلس الأعلى، ولم يترك لى فرصة الرد، وجاء الترشيح بموافقة كل أعضاء مجلس النقابة، وقضيت فترة المجلس مع أساتذة إجلاء تعلمت منهم الكثير،  وأتيحت لى الفرصة أن اطلع على كثير من الأوراق  والمستندات  والشكاوى  والبلاغات  التى كانت بعضها  ترسل لكل أعضاء المجلس وكان لها دور حاسم فى اختيار أو إعفاء رؤساء التحرير،  ومازلت أحتفظ بها، لقد كنت طوال حياتى المهنية حريصا على عدة مبادئ لم أحيد عنها  ما استطعت  أولها: الترفع عن الصراع على المناصب، فما هو مكتوب لك ستحظى به  طالما قدره الله لك، ثانيا: الصدق فالأكاذيب لا تصنع تاريخا وحتى إذا حاول أحد أن يصنع لنفسه تاريخا وهميا فسرعان ما سيتهاوى إن آجلا أو عاجلا، ثالثا: الحذر من سلطة وسطوة المنصب لأنه غير باقٍ ولا تدوم إلا محبة الزملاء وهو ما حظيت به وأنا فى المنصب وخارجه، ومازالت محبة الزملاء قائمة وتزداد يوما بعد يوم، وأخيرا لا يخلو إنسان من كاره له أو حاقد وهؤلاء أتعامل معهم بترفع كانت عقيدتى دائما إذا أتتك مذمتى من ناقص فهى شاهدة لى بأنى كامل.