الإثنين 5 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لماذ خرج محمد التابعي من روزاليوسف!

الأستاذ محمد التابعى صديق عزيز أعترف بفضله علىَّ ككاتب قرأت له وعملت معه- عندما كان صاحب آخر ساعة- كما أعترف بفضله كأحد الذين اشتركوا فى تأسيس روزاليوسف وإقامة بنيانها.. وكنت أحب أن يكون مقالى الأول عن التابعى- وأنا لم أكتب عنه مقالا كاملا قبل اليوم- كنت أحب أن يكون هذا المقال تعبيرًا صادقًا عن عواطفى نحوه، وإنصافًا له من الألسن الحداد التى تتحرك من وراء ظهره.. وهو مقال لا بُدَّ أن أكتبه يومًا ما، وإن كنت أفضّل أن أكتبه بعد عمر طويل!.. ولكن الأستاذ التابعى استحثنى على الكتابة عنه، عندما نشر فى الأسبوع الماضى إعلانًا بإمضائه عن مجلة آخر ساعة.. ومن حق التابعى- ولا شك فى هذا- أن يكتب إعلانات عن الجريدة التى يعمل بها، ومن حقه أن يبالغ فى صياغة هذا الإعلان فإن المبالغة هى من أسُس الدعاية، ومن حقه أيضًا أن يُحيى صاحب المجلة التى يعمل بها فيصفه فى سياق الإعلان بأنه «شديد الحساسية سريع البكاء!!»، ولكن عندما يتعرض هذا الإعلان لشخص خارج نطاق المؤسسة المعلن عنها، فيجب على كاتب الإعلان أن يتحرى الواقع وأن لا يجنح إلى المبالغة ولو كان فيها إلباس الإعلان ثوبًا برّاقًا، حتى لا يُقال- وهو ما يُقال فعلا- إن الكاتب يحاول أن يرتفع على أكتاف غيره.. والشخص الذى تعرّض له الأستاذ التابعى عندما كتب هذا الإعلان هو السيدة روزاليوسف، والدتى وصاحبة المجلة التى أعمل بها.. وإذا كان من حق التابعى أن يغالط فى سبيل إرضاء مصطفى أمين بك، فأظن أنه يعترف لى بحق تصحيح الغلط فى سبيل إرضاء سيدتى ووالدتى، وفى سبيل إرضاء التاريخ مادام- أى الأستاذ التابعى- يُصر على أن يجعل من قصة خروجه من مجلة روزاليوسف حادثة تاريخية تتناقلها الصحف ويُصر على أن يجعل منها ذكرى وطنية يحييها بمقال كل عام!



يقول الأستاذ التابعى إن قصة خروجه من روزاليوسف تبدأ عندما استُدعى أمام النيابة للتحقيق معه فى خبر نشره فى روزاليوسف عن خروج الإبراشى من القصر، فسافر إلى أوروبا وهو شبه منفى، ثم لمّا أراد أن يعود إلى مصر إذا به يفاجأ بمندوب عن السيدة روزاليوسف ينتظره على الميناء وفى يده تذكرة سفر إلى القنطرة ونصيحة منها بأن يسافر رأسًا إلى لبنان.. إلى آخر القصة!

والقصة كلها يَفهم منها القارئ- والتابعى قدير على أن يُفهم القارئ ما يريد-.. يَفهم منها أن السيدة روزاليوسف ضحت بالتابعى وبهنائه، بل وحاولت نفيه خارج الديار المصرية، فى سبيل مصلحة مجلتها التى كانت معرضة للمصادرة وسحب الرخصة من جراء نشر هذا الخبر..وهنا أستحلف ذاكرة الأستاذ التابعى التى تضعف أحيانًا وتقوى أحيانًا أخرى تبعًا لمقتضى الظروف، أستحلفها بأن تُذَكّر الأستاذ بأنه لم يُستدع إلى النيابة بصفته متهمًا فإنه لم يكن رئيسًا للتحرير وقتها، بل كانت السيدة روزاليوسف هى رئيسة التحرير، كما أنه لم يكن قد وقّع المقال موضوع التحقيق بإمضائه، إنما استدعى إلى النيابة لمجرد سؤاله، وقد أجاب يومها بأنه «غير مسئول وأن مهمته تقتصر على إعادة صياغة الأخبار التى تجمعها له رئيسة التحرير»، ولعله يذكر- إذا أراد أن يذكر- أن التحقيق دار فى منزل السيدة روزاليوسف لمرضها وبحضور محاميها الأستاذ الكبير سابا حبشى باشا، ولعله يذكر أيضًا أن هذه القضية بالذات قد حُفظت ولم يقُدم فيها للمحاكمة لا هو ولا رئيسة التحرير ولا صاحب الخبر الأستاذ مصطفى أمين بك.

أمّا لماذا ألحّت السيدة روزاليوسف عليه بأن يسافر رأسًا إلى لبنان، فكان ذلك لحادثة أخرى هددت إحدى الجهات بتحريكها ضده أمام النيابة، وهى حادثة لا أظن أن الأستاذ التابعى يحب أن يُذكره بها أحد، وإن كان قد نسى تفاصيلها فلعله لم ينس أنها لم تكن حادثة سياسية ولا صحفية وإنما كانت حادثة شخصية بحتة لا تمس المجلة إلا بمقدار فقدانها لاسم أحد محرريها.. وهى- أى السيدة روزاليوسف- عندما كانت تنصح له بالسفر إلى لبنان إنما كانت تضحى بمصلحة مجلتها فى سبيل أحد محرريها، إذ لا يعقل أن تمنح صاحبة المجلة أحد محرريها إجازة طويلة يتقاضى فيها مرتبه كاملا، إلا إذا كان ذلك تضحية منها.. وتضحية كبرى!

أمّا القصة التى نسبها الأستاذ التابعى إلى الأستاذ مصطفى أمين بك الشديد الحساسية السريع البكاء، أو التى نسبها مصطفى أمين بك لنفسه، وهى أن عزته تقدم بشهامة لا تقل عن شهامة الملك عبدالله وكتب خطابًا للنائب العام يذكر فيه أنه مصدر الخبر، حتى ينقذ بذلك الأستاذ التابعى والسيدة روزاليوسف، فلعل الأستاذ التابعى يذكر أن هذا الخطاب لم يصل أبدًا إلى النائب العام، وإنما أعطاه مصطفى أمين للسيدة روزاليوسف، وأعطاه لها وهو يعلم أنها ستمزقه، وقد مزقته فعلا- هى لا الأستاذ التابعى- أمام كليهما.. والآن، هل يريد الأستاذ التابعى أن أذكر له الأسباب الحقيقية لخروجه من روزاليوسف؟ وهل يعتقد أن ذلك فى مصلحته؟

يا أستاذى.. إنك تعلم- حتى لو لم يكن من مصلحتك اليوم أن تعترف بأنك تعلم- تعلم أن ما يمكن نشره من الأسباب هو سلسلة من «توقيعات» مصطفى أمين بينك وبين صاحبة المجلة، فقد كان لمصطفى دائمًا تأثير عليك وكنت تضعف دائمًا أمام منطقه ولباقته، وربما كان يعلم منذ هذه السنوات الطوال، أنك يوم أن تخرج من روزاليوسف وتنشئ مجلة خاصة لك فسيستطيع أن يشتريها منك، وهو ما كان يعجز عنه لو بقيت وبقى فى روزاليوسف إلى اليوم.. وقد نجح فى خطته، فلماذا تصفق له؟!

يا أستاذى.. إنك التابعى أينما كنت ولا داعى لأن تشغل قراءك بخروجك من مجلة ودخولك أخرى، فإنهم- وأنا منهم- يفضلون أن يقرأوا لك مقالا عن أن يقرأوا لك إعلانًا!!



وبعد، فهذا الإعلان الذى استحثنى على الكتابة ينشر للمرّة الثانية، وكانت المرّة الأولى منذ عام واعتذر عنه الأستاذ التابعى للسيدة روزاليوسف بأن ذاكرته قد خانته، فلما نشر للمرّة الثانية فى الأسبوع الماضى، اعتذر الأستاذ التابعى مرّة ثانية بأنه لم يكن له دخل فى إعادة نشره.. ولعلمى أن مصطفى أمين بك لن يسمح له بنشر اعتذاره على صفحات جريدته فإنى مضطر إلى نشره لأن الأستاذ التابعى نفسه علمنى أن لا أومن بالمَثل السائر «تشتمنى فى جريدة، وتصالحنى فى تليفون»!

«إحسان»

روزاليوسف- 22ديسمبر 1948