صكوك لبيع مصر بما لا يخالف شرع الله

شيماء النمر
تباينت الآراء حول مشروع الصكوك الإسلامية الذى أعلنت عنه الحكومة منذ أيام.. ففى الوقت الذى رآه البعض طوق نجاة ويخرج مصر من أزمتها رآه البعض الآخر مشروعًا يهدف إلى الاستدانة.
فالفكرة لم تكن جديدة فأول من قدمها د.بطرس غالى وزير المالية الأسبق وعارضه نواب حزب الحرية والعدالة وبعض أعضاء الحزب الوطنى وانتهى الأمر إلى الرفض، لأنه يبيح بيع أصول مصر ويمنح الأجانب الحق فى تملك الأصول.. والآن يعاود الإخوان المشروع بصبغة إسلامية وتقديمه للمجتمع على أنه طوق النجاة.
فى الوقت الذى حذر مصدر مسئول بأحد البنوك الكبرى من خطورته لأنه يحتاج إلى ضامن والحكومة عاجزة ومدينة للبنوك بـ808 مليارات جنيه من ودائع المواطنين، مؤكدا أن الضامن فى هذه الحالة هو أصول الدولة.
د.شريف دلاور الخبير الاقتصادى قال إن المعنى الدقيق للصكوك الإسلامية هو تمويل مشروع بعينه سواء فى المكسب أو الخسارة ولا تحدد ربحًا مسبقًا، أما الصكوك الإسلامية التى أعلنت عنها الحكومة مؤخرًا فلم تكن موجهة لمشروع، وبالتالى لا تختلف عن أذون الخزانة وكل ما حدث هو نوع من المغالطة فى التسمية بإضافة كلمة إسلامية لأنها سندات أذون خزانة من أجل زيادة الدين المحلى وتمويل عجز الموازنة العامة، ومادام لا يوجه لمشروع محدد بعينه فهو ليس صكًا إسلاميًا، وأوضح أن الصكوك الإسلامية تساعد الدولة غير القادرة فى إقامة مشروعات نتيجة لعجز الموازنة وليس سد عجز الموازنة.. الحكومة تستدين، وليس لإقامة مشروع وليس لها علاقة بالودائع ولا القروض، ولا أعتقد أن هناك مصريًا واعيًا يضع معاشه أو مرتبه فى مشروع غير معلوم لديهم الربح أو الفائدة.. ونجاح هذه الفكرة لا تكون إلا أن تطبق كما هى فى الدول الإسلامية الأخرى.
وتساءل د.على لطفى رئيس الوزراء الأسبق: لماذا نتحدث الآن عن ضمانات؟ وقال: الصكوك الإسلامية أداة من أدوات الاستثمار الموجودة فى الدولة وعندنا عجز بلغت قيمته فى موازنة هذا العام «135 مليار جنيه» والدولة تبحث عن مصادر مختلفة لسداد وتمويل هذا العجز ولدينا عدة مصادر موجودة مثل أذون خزانة وسندات تنمية وطبع نقود.
مستطردًا أنه تم استبعاد طبع النقود لأنه يؤدى إلى ارتفاع الأسعار، ويظل الخيار بين أذون الخزانة وسندات التنمية.. والصكوك الإسلامية لا تختلف كثيرًا عن أذون الخزانة وسندات أخرى كأداة تمويل والاختلاف الوحيد هو الصبغة الإسلامية للأداة التمويلية التى تشبع رغبة عند البعض الذين يعتقدون أن الفائدة حرام وربا، ونحن نرضى هذه الفئة بالطبع أنه حرام وربا، هذه أداة تمويلية إسلامية ليس بها فائدة ثابتة وبدلا من أن تمولها الموازنة العامة للدولة التى فيها عجز تقتصر هذا العجز وتدعو الشركات والأفراد إلى المشاركة فى تمويل هذه المشروعات التى قد تكسب وقد تخسر، وهذا الفرق بينها وبين أذون الخزانة، وقال: أعتقد أن الحكومة انتهت من إعداد المشروع وسيصدر قريبا فى مجلس الشعب على أن تكون لجنة شرعية من الدعاة والفقهاء عند طرح كل مشروع يقولون هذا إسلامى أو غير إسلامى، وأن ليس فيه شىء حرام وفى هذه الحالة يقبلون الأفراد الذين يعتقدون أن الفائدة حرام.
وأكد لطفى أن الصكوك شأنها شأن أذون الخزانة والسندات العادية وليس لها ضامن، ولست من أنصار وجود رهن أو ضمان مثل قناة السويس أو السكك الحديدية أو أى مرفق من المرافق، ومن لا يثق فى الحكومة المصرية لا يكتتب فيها.
ومن جانبه قال د.رفعت العوضى أستاذ الاقتصاد وعضو اللجنة الشرعية بمجمع البحوث الإسلامية وضمن الثلاثة الذين ناقشوا هذا المشروع أنه بقراءته مشروع القانون تبين أن المقصود بإصدار الصكوك التى أعلنت عنها الحكومة الهدف منه تمويل العجز فى الموازنة العامة للدولة من خلال أصول تمتلكها الدولة وهذا الأمر اعترضت عليه أكثر من جهة، لأن هذا القانون يتكلم عن تأجير أصول مصر وهذا خطر جسيم، فالنظام السابق أصدر قانونًا لبيع أصول مصر والنظام الحالى يصدر قانونًا لتأجير أصول مصر، فالخطر مازال قائمًا لأن هذه الصكوك سيتم تداولها فى البورصة، وبهذا سيحق لأى شخص أن يمتلكها.. وقال إن سبب رفض اللجنة الفقهية بمجمع البحوث وبرئاسة الإمام الأكبر شيخ الأزهر لهذه الأسباب، فالصكوك الإسلامية هى أن تقدم ورقة مالية تتوافر فيها الشرعية ويقبل عليها الناس.. أما المشروع الذى قدمته الحكومة لا يتكلم عن ذلك وإنما يتكلم عن بيع وتأجير الأصول الثابتة الموجودة فى مصر.. كما أنه لا تنطبق عليه معايير ومواصفات الصكوك الإسلامية.. ثانيًا المشروع المقدم ليس به ما يلزم بإنشاء مشروعات جديدة وهو مشروع يقوم على تمويل عجز الموازنة وهذا الدور تقوم به أذونات الخزانة، ثالثاً هذا المشروع يعطى الأجانب الحق فى تملك أصول مصر.. لذلك تم الرفض بالإجماع من اللجنة ولكن وزارة المالية مازالت فى تواصل مع المجمع للوصول إلى حل.
قال د.حازم الببلاوى وزير المالية السابق إن الصكوك الإسلامية هى أداة جديدة من الأدوات الموجودة فى الأسواق وتتميز هذه الصكوك بأنها تتفق مع الشريعة الإسلامية، وعلينا استخدام جميع الوسائل من الأدوات المتاحة، وكلما تعددت الخيارات أمام المواطنين كان أفضل وعلى الدولة طرح أدوات متعددة ومختلفة ولا تعتمد على أداة واحدة والسوق هى الحكم فى هذا الأمر.
وفى نفس السياق قال د.حمدى عبدالعظيم الخبير الاقتصادى إن الصكوك عبارة عن سندات فائدتها متغيرة وغير ثابتة، ويأخذ نسبة من الأرباح حسب نتيجة النشاط أو الاستثمار، لكن السندات تبقى عليها فائدة ثابتة بذلك الاستثمار بأحكام الشريعة الإسلامية لما يستثمرونها وبموافقة لجنة الرقابة الشرعية .
وأكد أن هناك مبالغة كبيرة فى الرقم الذى أعلنت عنه الحكومة للصكوك وهو 200 مليار جنيه، لأن كثيرًا من الناس يفضل السندات العادية بعد تصريح مفتى الجمهورية وشيخ الأزهر السابق بأنها حلال مثلها مثل الإسلامية.