17 عامًا من «اللعب فى الدماغ»

آية رفعت
عندما أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها إلى العراق فى العام 2003، أعلنت أنها جاءت فى مهمة محددة وهى إسقاط نظام الرئيس صدام حسين لما يمثله من خطر على أمن المنطقة بسبب امتلاكه برنامجًا نوويًا، اليوم ورغم مرور 17 عامًا؛ فإن القوات الأمريكية لا تزال مرابضة فى قلب بغداد ولم تنسحب منها. مؤخرًا، صوّت البرلمان العراقى على قرار يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء وجود أى قوات أجنبية على الأرض العراقية، وفى المقابل قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب «إن أمريكا لن تغادر العراق، إلا إذا دُفع ثمن القاعدة الجوية الأمريكية هناك». وفقًا لما نُشر بوكالة رويترز الإخبارية منذ أيام قليلة.
نظرًا لكون دخول العراق وما تبعه من تطورات يُمثّل حدثًا مفصليًا فى تاريخ المنطقة، فإنه يعد من أكثر الأحداث العربية التى تناولتها السينما عربيًا وعالميًا، وحتى الآن تستخدمها هوليوود كمادة خصبة لإظهار بطولات الجندى الأمريكى وتضحياته من أجل شعبه والشعوب الأخرى. بينما تناولت أفلام قليلة نسبيًا الأمر من خلال رؤية حيادية أو من خلال توجيه الانتقادات للحكومة الأمريكية التى اتخذت قرار الحرب والتى أثرت بالسلب على الجنود الأمريكان وعلى الشعب العراقى على حد سواء. ومن بين أكثر من مئتى عمل تم إنتاجها منذ العام 2003 تناولت الغزو الأمريكى لبغداد؛ سواء أفلامًا روائية أو وثائقية أنتجتها هوليوود عاصمة السينما الأمريكية، أو أعمالًا عربية أو عالمية، نرصد أبرز هذه الأعمال التى تركت بصمتها فور تقديمها خلال السنوات الماضية.

The Hurt Locker
تدور أحداث العمل الذى جرى إنتاجه فى العام 2007 حول حالة تخبُّط إنسانية بين الجنود الأمريكيين، حيث يتناول قصة 3 جنود يذهبون فى مهمة لإزالة الألغام والقنابل بإحدى قرى مدينة بغداد العراقية. والفيلم يسلط الضوء على المناقشات بين الجنود والتى توضح مدى غموض أهدافهم وتباين مشاعرهم، ما بين الخوف والحرص على الالتزام بالأوامر، والمغامرة والوقوف أمام المخاطر. بينما حرصت مخرجة العمل كاترين بيجلو على إظهار الكراهية من الشعب العراقى ورفضهم لوجود القوات الأمريكية بالمنطقة وإن كانت وقفت على الحياد فى موقفها من الحرب. والعمل بطولة جيرمى رينر وأنثونى ماكى وبراين غراغثى.
Sand Castle
من الأفلام التى تم إنتاجها فى العام 2017 وتم عرضه العام الماضى على شبكة Netflix، وشارك ببطولته هنرى كافيل ونيكولاس هولت وبوو ناب، وتركز قصته على شجاعة وتضحيّات الجيش الأمريكى فى بغداد؛ حيث تم تصوير عملهم على أنه عمل بطولى إنسانى وأنهم يحاولون إنقاذ إحدى القرى العراقية التى تعانى من انقطاع المياه. بينما يرفض أهل القرية الأساسيون مساعدتهم؛ بل ويتعرضون لهجمات متتالية وإطلاق رصاص من القناصة هناك، ما يتسبب فى سقوط قتلى بينهم.
The Messenger
يعكس الفيلم الذى تم إنتاجه عام 2009 أثر الحرب على الشعب الأمريكى نفسه، وذلك من خلال محاولة الجنود هناك إبلاغ ذوى الأسرى والقتلى فى حرب العراق بمقتل أو إصابة أبنائهم، قبل أن يصلهم الخبر عبر وسائل الإعلام. فتقع تلك المهمة على عاتق اثنين من الجنود يمران على المنازل لإبلاغ الأهالى. فيظهر الفيلم الوجه الآخر للحرب التى يرفضها أهالى الجنود القتلى وتعبيرهم على الرفض والغضب، خاصة بعدما قدم كل منهم ابنه للموت بسبب حرب لم يجن منها سوى عدد القتلى. والعمل من إخراج أورين موفرمان وبطولة بن فوستر وودى هارلسون وسامانثا مورتن.
Green Zone
تدور أحداث الفيلم حول 2 من عناصر المخابرات الأمريكية يتم تكليفهما بالتواجد داخل بغداد للبحث عن أسلحة الدمار الشامل هناك، والمنطقة الخضراء ترمز للمنطقة الآمنة للقاعدة الأمريكية بالعراق التى تتميز بالأمن وتوفير كل متطلبات الجنود، الذين يدخلون فى مغامرات حربية فى أنحاء البلاد ليحاولوا العودة سالمين إليها. والفيلم من بطولة مات ديمون وجيسون إيزاكس وجريغ كينير وأيميرايان.
American Sniper
الفيلم تم إنتاجه عام 2014 ويسرد قصص إحدى البطولات بالجيش الأمريكى، حيث إنه مأخوذ عن قصة واقعية عن القناصة الأمريكى كريس كايل، الذى يعد أشهر القناصة الذين شهدهم الجيش الأمريكى طوال تاريخه.. والذى سجل حوالى 255 قتيلاً، 160 منهم تم توثيقهم رسميًا من قبل البنتاجون. والعمل من بطولة برادلى كوبر وسينا ميلير، وتدور أحداثه حول مغامرة كايل داخل العراق. والعمل تم انتقاده وتوجيه الاتهام له بالحث على الكره ونبذ العرب، بالإضافة إلى تأكيده على وجود علاقة بين أحداث 11 سبتمبر وبين الغزو العراقى.
Megan Leavey
تم إنتاجه عام 2017 وتدور أحداثه حول السيرة الذاتية لمجندة فى قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، تدعى ميجان ليفى وحكايتها مع كلبها ريكس أثناء خدمتها العسكرية فى الفلوجة فى سنة 2005 وفى الرمادى فى سنة 2006. ويعد من أنجح أعمال السيرة الذاتية التى قدمت عن مارينز حرب الغزو العراقى، والعمل من بطولة كيت مارا و رامون رودريجز وتوم فيلتون وبرادلى ويتفورد وويل باتون وكومون.

Battle for Haditha
من أكثر الأفلام التى أثارت جدلًا؛ حيث قدمه المخرج البريطانى نيك برومفيلد الذى تناول أحداث القتل بمدينة «حديثة» العراقية التى استُشهد فيها 24 عراقيًا برصاص جنود الاحتلال الأمريكى. وقد قام المخرج بالاستعانة بلقطات وثائقية بجانب قصة الفيلم الروائية لتوثيق الحدث وتأكيد أنه مأخوذ عن أحداث حقيقية. وقد سرد أيضًا العمل مقتل عدد من الجنود الأمريكان ولكن ليس ببشاعة قتلهم للشباب والأطفال والنساء العزل بالمدينة. وتم عرض الفيلم عام 2008. والعمل من بطولة إيليوت رويز وياسمين حنانى.
Fair Game
الفيلم ينتقد بشكل مباشر السياسة الأمريكية وتوجهها لغزو العراق وفقًا لتقارير مزورة وليس لها أساس من الصحة عن وجود أسلحة نووية ويورانيوم مخصب بالدولة. حيث تدور أحداثه حول باحثة تتبعت ما أثير من شائعات حول دخول صفقة اليورانيوم للعراق قبل اندلاع الحرب بوقت قصير، ووجدت أن تلك الصفقة لم تتم بسبب الحرب. بينما تتفاجأ هى وزوجها الكاتب المعارض للحكومة، بأن الحكومة تعلن عن غزو العراق بسبب وجود تلك الصفقة التى لم تتم من الأساس. فيقوم بفضح أكاذيبهم مما يدخله هو وزوجته فى حرب شرسة مع الحكومة. والفيلم بطولة ناعومى واتس وشون بين.
Thank You for Your Service
الفيلم المأخوذ عن كتاب يحمل نفس الاسم للكاتب ديفيد فينكل، الذى قام بسرد مجموعة من القصص الحقيقية عن جنود أمريكيين عادوا من حرب الغزو العراقى ويعانون من اضطرابات نفسية وأزمات تمنعهم من استكمال حياتهم بشكل طبيعى. ويتناول العمل الأثر النفسى الذى تتركه الحرب بين أبناء الجيش الأمريكى، ويشارك ببطولته مايلز تيلر وهيلى بنيت وجو كول وإيمى شومر وبيولا كويل وسكوت هيز.
The Marine
فى عام 2006 قدّم المصارع جون سينا فيلمه «The Marine» الذى يرصد إحدى بطولات البحرية الأمريكية فى العراق؛ حيث ظهرت القوات الأمريكية كمظهر المدافع عن الإنسانية التى تعانى من الإرهاب، حتى يقع سينا ورفاقه فى يد الإرهابيين فى العراق ويحاول التوصل مع القوة الأم ولكنهم يتأخرون عليه فيحاول هو التحرك بنفسه لإنقاذ زملائه من يد الإرهابيين هناك.
The Wall
يتناول الفيلم قصة وقوع جنديين أمريكيين فى حيلة أحد القناصة العراقيين الذى خدعهم ليأسرهم ثم قتل أحدهما وترك الآخر لطلب النجدة من باقى زملائه حتى يتمكن من اصطيادهم جميعًا، كما يقوم بالضغط عليه لكى يحصل منه على معلومات أخرى حول مواقع الجنود الأمريكان فى بغداد. الفيلم إنتاج عام 2017 ومن إخراج دوج ليمان ومن بطولة آرون جونسن وجون سينا.
الغزو العراقى فى السينما المصرية
على عكس السينما العالمية التى تحاول أن تدافع عن صورتها كمحتل للبلد، فإن السينما العربية بشكل عام اهتمت بطرح القضية من زاوية واحدة وهى التركيز على الدمار الذى تعرضت له البلاد العربية جراء هذا الاحتلال، وذلك من خلال عدد كبير من الأفلام الوثائقية والروائية. وفى السينما المصرية تم التطرق للقضية بشكل مباشر أحيانًا وغير مباشر أحيانا أخرى، وعادة ما كان التناول يأتى بين سطور كثير من قصص الأفلام. كانت البداية مع فيلم «معلهش إحنا بنتبهدل»، بطولة الممثل أحمد آدم، والممثل الأمريكى، شبيه الرئيس بوش، ديفيد برنت، وتدور قصة الفيلم حول شخصية «القرموطى» الهزلية الذى يضطر للسفر إلى العراق بحثًا عن ابنه «القرموطى الصغير»، الذى سافر هناك بحثًا عن عمل قبل أيام من اندلاع الحرب وانقطعت الاتصالات بين الأب وابنه. تضمن الفيلم الذى كتبه المؤلف يوسف معاطى معارك وتفجيرات، على غرار ما يجرى فى العراق، ويعتبر «معلهش إحنا بنتبهدل»، أول فيلم مصرى يتم فيه تجسيد شخصية الرئيس الأمريكى جورج بوش، بعدما جرى تجسيدها فى مسرحيات مصرية كثيرة، خاصة فى مسرحية «اللعب فى الدماغ». فى العام نفسه جاء فيلم الكوميديا السوداء «ليلة سقوط بغداد» ويعتبر أول وأشهر الأفلام التى تم تقديمها عن الحرب العراقية؛ حيث قام المخرج والكاتب محمد أمين بتقديم رؤية ساخرة عن تأثير الحرب فى نفوس العرب وليس أهل العراق وحدهم، وذلك عن طريق تناوله لشخصية قدمها الفنان حسن حسنى عن مدرس يحاول البحث عن أسلحته الخاصة لكى يواجه القوات الأمريكية فى أى لحظة، لأنه لا يعلم من ستكون الدولة التالية للعراق فى خريطة الاحتلال. وشارك ببطولة الفيلم أحمد عيد وبسمة. كانت مسرحية اللعب فى الدماغ بمثابة البداية الحقيقية للنجم خالد الصاوى؛ إذ أحدث العمل الذى قام الصاوى بتأليفه وبطولته دويًا شديدًا على الصعيدين المحلى والعربى عندما رأى النور فى العام 2004، وتناول وقائع من الغزو الأمريكى للعراق ضمن أحداثه. بينما جاء دور الفيلم العالمى الذى شارك به أكبر عدد من نجوم الوطن العربى «ليلة البيبى دول» والذى استعرض المشاكل التى واجهت المسلمين بشكل عام بعد أحداث 11 سبتمبر وتطرق أيضًا للحرب الأمريكية على العراق والمشاكل التى واجهت الناس بسجن جوانتنامو الشهير. وشارك بالفيلم عدد ضخم من نجوم الوطن العربى ومنهم الراحلان محمود عبدالعزيز ونور الشريف بجانب ليلى علوى وسلاف فواخرجى ومحمود حميدة وجمال سليمان وغيرهم. بينما كان آخرها فيلم «بصرة» للمخرج أحمد رشوان والذى قدَّم تأثير الحرب على طبقة المثقفين الذين يشعرون بحرية فيما يفعلونه، حيث شعر المواطن المصرى بأن نفسيته تتهدم وأنه مهدد أيضا بمًا يشاهده على شاشات التلفاز من قذف من القوات الأمريكية واستشهاد المواطنين العراقيين. ولكن الفيلم لم يجد تأثيرًا جماهيريًا كبيرًا؛ حيث تم تسويقه للعديد من المهرجانات الدولية. والعمل من بطولة باسم سمرة ويارا جبران وإياد نصار.