الإثنين 23 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

بعد تقديم طلب إحاطة للرقابة على مراكز «التاتو»: الوشم القاتل اضطرابات نفسية على صفحة الجسد

بعد تقديم طلب إحاطة للرقابة على مراكز «التاتو»: الوشم القاتل اضطرابات نفسية على صفحة الجسد
بعد تقديم طلب إحاطة للرقابة على مراكز «التاتو»: الوشم القاتل اضطرابات نفسية على صفحة الجسد


عالمٌ له تفاصيله الخاصة.. فمن مشهد «حسن» العاشق الذى قرر أن يزيل وشم «تمر حنة» من على صدره بعدما هَجرته.. إلى تعويذة الوشم بـ«الفيل الأزرق» الذى كشف خبايا ذلك الهوس برسم الوشم.. لكن لا يمكننا إغفال الجوانب الأخرى؛ إذ أصبح سببًا لأمراض جلدية وناقلاً لأمراض كثيرة.
خلال السنوات الماضية تزايد الإقبال على رسم الوشم «التاتو» بشكل كبير، الأمر الذى رآه الطب النفسى من مظاهر اضطراب الشخصية وإدمانه يتطلب العلاج، كما تَحرَّك ضده البرلمان، فتَقدم النائب طارق متولى بطلب إحاطة لرئيس الوزراء ووزيرة الصحة لتفعيل رقابة الدولة على مراكز رسم الوشم غير المرخصة؛ خصوصًا أنها تتواجد فى كل المحافظات بصورة عشوائية؛ لحماية الشباب صحيًا وأخلاقيًا.
عن سبب تقديمه طلب الإحاطة بخصوص مراكز الوشم يقول النائب طارق متولى، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن انتشار تلك المراكز فى المحافظات يعطى مؤشرًا خطيرًا لظاهرة مخيفة، تهدد المجتمع أخلاقيًا وصحيًا؛ خصوصًا أنها أماكن غير مرخصة تستقطب الشباب والفتيات فى سِنّ المراهقة؛ لخداعهم بتقليد مشاهير العالم من الفنانين ولاعبى الكرة، حتى إن كان ذلك فى مناطق جسدية حساسة، وهو ما يهدد المجتمع أخلاقيًا، إضافة إلى استخدام أدوات غير معقمة، قد تسبب أمراضًا كفيروس «سى».
وأضاف عضو مجلس النواب، إن الأحبار التى تُستخدم لرسم «التاتو» تُستخدم لطلاء السيارات والموبيليا، ولا تصلح للاستخدام البشرى، كما يشتبه بتسبب بعضها فى مرض السرطان؛ خصوصًا أن راسمى «التاتو» ليس لديهم ثقافة طبية لمعرفة خطورة الأحبار المستخدمة.

المجال عشوائى.. وفيه كوارث
وعن إمكانية نقل أمراض عن طريق ماكينة رسم الوشم، قال أيمن ملاك، صاحب استوديو «تاتو» بمدينة نصر: إن جهل بعض الرسامين قد يؤدى إلى كوارث؛ إذ يعتقدون أن تغيير الإبرة فقط هو ضمان الحماية، فى حين جميع أجزاء الماكينة تلامس الجلد كالإبرة والمبسم ووعاء الحبر، ما يستلزم تغييرها كلها. لافتًا إلى أن 90 % من رسامى الوشم غير قادرين على تكاليف تغيير تلك الأدوات مع كل عميل، إذ تبلغ تكلفتها 300 جنيه تقريبًا، فى الوقت الذى ترسم فيه بعض الرسومات بـ 200 جنيه!.
وبالنسبة للأحبار المستخدمة قال «ملاك»: إن هناك أحبارًا أصلية حجم العبوة 30 مللى سعرها 700 جنيه، وأخرى مغشوشة سعرها يتراوح من 200 إلى 300 جنيه. مشيرًا إلى صعوبة تمييز تلك الأنواع لغير المتخصصين.
وطالب «ملاك» بضرورة استخراج تراخيص لمراكز الوشم، حتى يخضعوا للرقابة، ويمارسوا عملهم وفقًا للقانون؛ خصوصًا أن العشوائية سيطرت على مجال رسم الوشم فظهر هواة يعملون بـ«الفهلوة».

إبرة لكل زبون.. وأرفض رسم الطلاسم

لم يختلف الأمر كثيرًا عند «بوشا» أحد أشهَر رسامى الوشم، ولديه عشرات الآلاف من المتابعين على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» ينتظرون آخر رسوماته، ويقول إن هناك تزايدًا فى إقبال الشباب والفتيات لرسم «التاتو». مشيرًا إلى أن هناك بعض الشباب يطلب رسم وشم لعبدة الشياطين وطلاسم غريبة، لكنه يرفضها؛ لأنها ضد مبادئ عمله.
وعن إمكانية حدوث عدوَى عن طريق الإبر المستخدمة للرسم، أكد «بوشا» أنه يغير الإبرة المستخدَمة فى الرسم من زبون لآخر، حتى لا تنقل الأمراض، كما يرفض رسم «التاتو» لمصابى مرض السكر أو سيولة الدم، وتبدأ أسعار الوشم عنده من 400 جنيه حتى 30 ألف جنيه. لافتًا إلى أن تفاصيل ودقة وألوان وحبر الرسم هى عوامل تحديد السعر.

مدمنات الوشم

قرر «كيرو» أن يلحق مكانًا صغيرًا لرسم الوشم بكوافير أخيه، وهو ما جعل زبائنه من النساء فقط، من عمر 18 إلى 35 عامًا، وعن تلك الفئة من الزبائن، يقول إن هناك فتيات لديهن هوس وإدمان «التاتو»، فتجد على أجسادهن العديد من الرسومات. لافتًا إلى أن هناك فتيات يطلبن بعض الرسومات الغريبة.
تتراوح أسعار رسم «كيرو» للوشم بين 200 و2500 جنيه، وعن إمكانية نقل الأمراض من رسم الوشم قال الأمراض الجلدية يحدث معظمها من استخدام أحبار صينية، كما تغير لون الجلد. لافتًا إلى أن انتقال العدوَى والفيروسات كان مرتبطًا بالعصور القديمة والأدوات البدائية وهو ما انتهى الآن؛ إذ إن رسم الوشم لم يعد مقرونًا بخروج قطرات دماء، وإن حدث ذلك يكون خطأ من الرسام وعدم مهارة فى الضغط على الإبرة.

ضحايا «التاتو»

تقول «سالى»، 27 سنة، إحدى ضحايا رسم « التاتو»، إنها توجهت لأحد مراكز رسم الوشم بشبرا؛ لعمل «تاتو» على يدها بعد أن أكدوا لها استخدامهم لأحبار مستخلصة من الطبيعة وتعقيم الأدوات، لكنها أصيبت بعد فترة بحساسية شديدة واحمرار يدها، وتوجهت إلى طبيب لمعرفة السبب؛ ليطالبها بسرعة إزالة «التاتو»، وهو ما كلّفها مبلغًا أكبر من الرسم بكثير، قائلة: «جلدى ما رجعش للونه الطبيعى بقى مُشَوَّه»!

لا عيب ولا حرام

وترى «إيمى»، 22 سنة، أن رسم الوشم من المظاهر الجمالية التى تجعلها سعيدة قائلة: «رسم التاتو لا عيب ولا حرام وأنا مقتنعة باللى بعمله»، لكنها لم تخبر أسرتها بشأن  رسم «التاتو» على ظهرها تجنبًا للمشاكل، بعد أن رفضوا رسم الوشم على قدمها بإخبارها أنه مُحرَّم.
واجهت «إيمى» أسرتها بآراء رجال الدين التى وضعت شروطًا لتحريم الوشم، لكن ذلك لم يغير رأيهم.. وعن تخوفها من أن تصاب بأمراض جلدية، أشارت إلى أنها تطلب من راسم «التاتو» تغيير الإبرة أمامها، وأن لديها رسمة منذ 3 سنوات ولم تُصب بأمراض جلدية أو غيرها.

أمراض جلدية

من جانبها، قالت الدكتورة وفاء علم الدين، استشارى الأمراض الجلدية بجامعة الأزهر، إنها ضد رسم الوشم؛ لأن الحبر المستخدَم فيه يتسبب فى الإصابة بأكزيما تلامسية، بالإضافة إلى إمكانية نقل أمراض كفيروس «سى» أو الإيدز فى حالة استخدام نفس الأدوات لأشخاص مختلفة.
وعن زعم أصحاب مراكز الوشم بأن الإبرة تدخل بين طبقتَى الجلد الأولى والثانية من دون أن تتسبب فى نقل أمراض، أوضحت «علم الدين» أنه مغلوط. مشيرة إلى أن للجلد ثلاث طبقات؛ الأولى البشرة وهى جلد فقط، والثانية الأدمة وهى تتكون من الأوعية الدموية ولا يمكن الوصول إليها من دون حدوث ضرر.
وأضافت استشارى الأمراض الجلدية، إن الحساسية الجلدية تستمر وقتًا طويلاً، وتسبب هياج الجلد واحمراره. مضيفة إن استمرار الأكزيما فترة طويلة، أو إحداث تغييرات فى الجلد قد يسبب أورامًا حميدة .
وقالت الدكتورة عزة جبل، استشارى الأمراض الجلدية وتجميل البشرة، بجامعة القاهرة: إن الوشم يتسبب فى أذى شديد للفتيات؛ خصوصًا حديثات الزواج المقبلات على رسم «التاتو» كمَظهر للزينة، لكنهن يُصدمن بعد إصابتهن بحساسية شديدة، فيلجأن لها لعلاج الآثار السيئة للوشم. مشيرة إلى أن الحبر الأسود يقل بعد عدة جلسات بالليزر، لكنه لا يُزال ويبقى ظاهرًا بنسبة 20 %.
وأضافت «جبل»، إن رسم الوشم للمرَّة الأولى يمكن أن يسبب حساسية عادية فى منطقة الحقن، قد تصل لإحداث إثارة للجهاز المناعى للجسم مع المادة الغريبة «الحبر»، ويتسبب ذلك فى حساسية شديدة فى الجسد بأكمله، وفى حالة تكرار رسم الوشم قد تحدث تأثيرات أخرى كانخفاض ضغط الدم، وانخفاض نبض القلب، وقد يحتاج الشخص لدخول العناية المركزة.

اضطراب فى الشخصية وإدمان

وعن التأثيرات النفسية للوشم، قال الدكتور إبراهيم مجدى حسين، استشارى الطب النفسى بجامعة عين شمس: إن الوشم دائمًا ما يصاحبه اضطراب فى الشخصية، وأن المقبلين على رسمه على أجسادهم، لديهم فراغ داخلى وإحساس بالنقص يعوضونه بالرسومات بهدف لفت النظر وجذب الانتباه، عكس ما يقوم به بعض الأشخاص برسم «التاتو» على مواضع عمليات جراحية لإخفائها.
وأضاف حسين، إن الإدمان ليس مقتصرًا على المخدرات، بل هناك أنواع كثيرة من بينها إدمان أفعال غير سوية كرسم الوشم، الذى يعلم الجميع صعوبة رسمه وإزالته بالليزر، وكذلك الدراسات التى أكدت تسببه فى سرطان الجلد، وأنه فى حالة عدم نظافة وتطهير الأدوات المستخدمة قد ينقل فيروس «سى» أو الإيدز، متسائلًا: كيف لشخص يعلم بكل تلك المخاطر ولا يتجنبها؟! بالتأكيد لديه سلوك إدمانى. 