الأربعاء 7 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فتنة تسجيلات «أشعياء» تضرب الكنيسة

فتنة تسجيلات «أشعياء»  تضرب الكنيسة
فتنة تسجيلات «أشعياء» تضرب الكنيسة


كالنار فى الهشيم، انتشرت مؤخرا ثلاثة تسجيلات منسوبة للراهب أشعياء المقارى المتهم بقتل الأنبا أبيفانيوس رئيس دير أبو مقار بوادى النطرون، وهى عبارة عن مكالمات هاتفية اثنتان منها مع راهب يدعى فيلوباتير وهو أحد الرهبان الذين تم استبعادهم من الدير وتم إرساله لدير آخر، والأخرى مع شخصية تعمل بقطاع المقاولات.
فى المكالمات تظهر كراهية أشعياء الواضحة تجاه الأنبا أبيفانيوس حتى إنه يلقبه بـ«الشمام» ويحسده على سفره المتكرر إلى اوروبا لمؤتمرات علمية، وفيها أيضا ينتقد الراهب فيلوباتير رهبنة الأب متى المسكين فيرى أنه «خدع مئات الرهبان بعدما أغلق الدير عليهم» كما يسخر من تلاميذ المسكين فى الدير وهو تأكيد على حالة الانقسام داخل أسوار أبو مقار.
ويسخر فيلوباتير من علاقة المسيحيين برجال الدين قائلا «تلبس جلابية سودا ودقن ولو قلت الحاجة وعكسها هيلاقولك مليون عذر: أبونا مش واخد باله، أبونا مكنش يقصد، أكيد فهمنا غلط».
اللافت أن المكالمات تحتوى على كم شتائم غير طبيعى وكذلك ألفاظ بذيئة تخرج من فمهما بشكل تلقائى مما ينم على أن هذه هى طريقة الحوار العادى بينهما، كما أن حداثة المصطلحات التى يستخدمها الراهبان تؤكد أنهما موجودان فى العالم أكثر من العالم نفسه.
ورغم أن المكالمات لا علاقة لها من بعيد أو قريب بقضية القتل، فإنها مثلت صدمة كبيرة للشارع المسيحى، كونها كشفت للمرة الأولى عن جانب من المسكوت عنه فى حياة بعض رجال الكهنوت.
المكالمات تلخص طريقة تفكير اثنين من الرهبان وتوضح كم التجاوزات التى كانا يعيشانها أثناء تواجدهما داخل مزرعة الدير بعيدا عن شيوخه، لقد كان رهبان دير أبومقار يعانون من تواجد هذين الراهبين بمزرعة خارج أسوار الدير حيث كانا يرفضان الامتثال لقواعد الرهبنة هناك، وبحسب أحد رهبان الدير تم توجيههما أكثر من مرة ومطالبتهما بالرجوع للدير ولكنهما رفضا الانصياع وهو ما يمثل كسرا واضحا لأهم بند من بنود الرهبنة إلا وهو «الطاعة».
أنهى فيلوباتير كلامه بتساؤل مسرحى موجع قائلا: «لا أعرف هل جئنا إلى الدير فاقدين العقل أم فقدناه هنا أم جئنا بنصف عاقل ونصف مجنون فقدناه بأكمله بعد ذلك»، هذه الجملة تشعرك أنك أمام إحدى مسرحيات شكسبير التراجيدية والتى فعلا تحتاج لإجابات واضحة بعد دراسة متأنية لكل رجال الدين فى العالم كله وليس مصر فقط.
ورغم التجاوزات التى وقع فيها الراهبان والتى تجعل منهما حالة استثنائية بين رجال الرهبنة، فإن كم الألفاظ الخارجة التى تضمنتها التسريبات يطرح سؤالا مهما ألا وهو «إلى أى مدى يقدس هذا الشعب رجال الدين؟».
أجابت عن السؤال ردود أفعال أغلب الذين استمعوا لهذه التسريبات من الشباب ويقول «أمير بشاى»، وهو طبيب بشرى: «إن الأزمة الحقيقية أن المتلقى سيترك كل ما جاء بهذه التسريبات ويطلق السهام على اسم الأب متى المسكين لأن الأغلبية أصبحت مغيبة العقل»، ويضيف أن «قداسة رجال الدين شيء راسخ فى أذهان الكثيرين حتى إنهم رفضوا تصديق أن من الممكن أن أحدهم يرتكب اى فعل خارج؛ فحتى هذه اللحظة هناك من يدافع عن قتله».
من جانبه يرى «بيشوى جرجس» أن رجال الدين هم قطاع كأى قطاع آخر فى الحياة منهم الصالح والطالح، وليس معنى أن هناك شخصيات فاسدة أن الكل فاسد، ويضيف: كما أن هناك أشعياء وفيلوباتير، فهناك الأب فانوس الذى كان يأتى له الجميع من كل أنحاء العالم، مرددا أن «تلاميذ المسيح كان بهم بطرس ويعقوب الذين أقاموا كنائس العالم وكان أيضا هناك يهوذا الخائن الذى كان أيضا من اختيار المسيح».
ويرفض مدحت موريس التعليق على فكرة القداسة ويتساءل: ما الهدف من ظهور تلك التسريبات الآن وما علاقتها بقضية القتل؛ مؤكدا أنها لا تحمل دليل إدانة واحد ضد أى شخص فيهم، وهو الرأى الذى يؤيده هانى رمسيس المحامى قائلا: «مجرد ملاحظة، قضية قتل الأنبا أبيفانيوس كلاكيت ألف مرة من غموض إلى غموض فكلما أصل لطريق يحدث جديد يقطع اليقين فى هذا الطريق».
من جانبه قال المفكر القبطى كمال زاخر إن الكنيسة كيان حى يتعرض لفترات قوة وفترات ضعف، وأضاف أن المؤسسة الدينية باتت بحاجة لمراجعة وضبط وتقنين ثلاثة محاور رئيسية، هى: التعليم والرهبنة والإدارة. وطالب زاخر الكنيسة بالتسلح بالشفافية ومواجهة واقعها بشجاعة وإعادة صياغة مفاهيم الرهبنة والقداسة، والطقوس ومفهوم الوحى والحركة المسكونية والعلاقة بالأديان الأخرى، والتعاطى مع المشكلات الآنية فى دوائر الأسرة والثقافة والحياة الاقتصادية والاجتماعية.