الأسطى محمد المصرى.. صاحب ومدير مشروع نهضة (الريس مرسى)

موفق بيومي
(الأسطى محمد) الذى لا أعرف حتى اسم أبيه أو لقب عائلته فاختزلته وبجلته مطلقا عليه (المصرى) هو نبت عبقرى يدور عمره فى فلك الثمانية عشر عاما. ربما كان قادما من أحد بلوكات المساكن فى حلوان أو شبرا الخيمة. واحد من البيوت شديدة التواضع فى مهمشة أو المعصرة. منزل بالغ البساطة فى عزبة خير الله أو الدويقة ، باختصار إنه واحد من ملايين كثيرة مازالوا يحملون فى داخلهم وبتحد مثير جينات العبقرية المصرية النابتة - ويا للعجب - فى ظل ظروف طاردة بل قاتلة لكل ما هو جميل وبديع.
إنه الحفيد الذى يمثل استمرارا واستكمالا لأجداده الأسطوات والفنانين والصنايعية الذين تلف أياديهم فى حرير والقادمين من أزمنة بهية أسطورية تضرب فى التاريخ آلافا من السنين كثيرة.
مقدمة عنه محمد المصرى طالت - وكل المقدمات عن العظماء يجب أن تطول - تقودنا إلى ذلك الـ c.dالذى عرفت من خلاله هذا الشاب الذى ظهر فى تسجيل وتوثيق قامت به مدرسة متخصصة أنشأتها شركة (المقاولون العرب) منذ سنين لتدريب عمالها وتنمية مهاراتهم وكذلك لاستقبال الصبية الأصغر من حاملى الإعدادية فيما أعتقد لتخريجهم كفنيين مهرة بحق للعمل فى أفرع وإدارات الشركات المختلفة أو ليستفيد بهم سوق العمل المصرى المتعطش إلى مثل هذه النوعية من العمالة لا إلى (الفهلوية)، المهم أن المدرسة التقطت من منجم العبقرية المصرية هذه الألماسة من ضمن عشرات كثيرة من القطع النادرة المشابهة وكل ما فعلته بعد ذلك - وليس ما فعلته بقليل - إنها هيأت مناخا مناسبا - ولا أقول أسطوريا - أتاح لمحمد أن يفرز رحيق العسل المختزن بداخله وأن يقدم بعضا من شلال مواهبه.. استخرجت المدرسة (بهاريز) الدماغ المصرى الأسطورى فظهر عاشق - وليس مجرد محب - لما كنت أراه مجرد قطع حديد وآلات صماء فإذا به يستكشف ويتفاعل مع ما بداخلها ويحولها إلى لوحات فنية يتحدث عنها ويترجمها ويقدمها بشغف ووله يذكرك بأشعار قيس عن ليلى ويجعلك تستدعى أحاديث روميو عن جوليت.
عندما وقف محمد أمام عدسة الكاميرا تكلم بلغة غاية فى البساطة ومن ثم فهى قمة فى العبقرية وبعد ثوان قليلة توحد ووحد سامعيه مع طلمبات الجاز والبساتم ورشاشات الجاز والجوانات وغيرها من الأشياء التى تعامل معها .
الأسطى العبقرى محمد المصرى هو ساعدك الأيمن يا سيدى الرئيس مرسى وساعد كل رئيس يليك أيا كان اسمه وتوجهه، لبناء مشروع النهضة الحقيقى، إنه المصرى ومعه ملايين كثيرة من النجباء القابعين محبطين ومهمشين فى ملايين البيوت الفقيرة التى تزدحم بها الآلاف من نجوع الصعيد وكفور الدلتا وحوارى البنادر وعشوائيات المحروسة ليس فى الميكانيكا وحدها بل هم نسخ عصرية جديدة من الخطيب وشيكا بالا وأبوهيف والريحانى وسيد درويش وعبدالحليم وأحمد زكى وسعاد حسنى وسيف وانلى وحسن فتحى وزويل ومجدى يعقوب.. ملايين من قطع الماس وكتل اليورانيوم مدفونة بجانب الترع وفى ظلمات الأزقة وسراديب العشوائيات تنتظر من ينفض عنها الغبار مثلما فعلت منذ سنين ومازالت تعمل فى صمت مدرسة المقاولون العرب التى تحتاج إلى عشرات بل مئات منها ، زر يا سيدى الرئيس هذه المدرسة فمثلها أحق بالزيارة وأولى واعرضها للرأى العام حتى يراها ويدعمها وينشئها كل القادرين المحبين لهذا البلد وكلنا لمصر محب وعاشق إلا من كره ربى وبعدها سوف نكتشف كم كنا مخدوعين بالبعثات والمنح الخارجية التى لا تمثل فى غالب الأمر سوى شبكة صيد كبيرة يغربل بها الغرب.
كل حين عناصرنا الناجحة - وما أكثرها وأعظمها - ليضمها إلى صفوفه ويحرمنا منها بدءا من ميكانيكية السيارات وصولا إلى عالمى الذرة.
أحلام ومطالب محمد المصرى وأقرانه يا سيدى الرئيس بسيطة إن لم تكن ساذجة وقانعة لا تزيد عن فرصة فيها بعض التكافؤ - وليس كله - للصمود فى وجه الفقر ومصارعة ظروف الحياة الصعبة على أمل أن تصبح نفس الحياة ذات يوم ليس مفرطا فى البعد سهلة وميسورة فيها متسع لقميص نظيف وبنطلون مكوى ولقمة غذاء تعقب يوم عمل شاق يتوجهها ربع فرخة بيضاء يتربع على طبق أزر حصاد غيطان الدلتا ويتلوها فسحة مغربية لشم بقايا نسيم نقى على النيل يحلم فيه بمسكن بسيط من غرفتين وعفشة ميه يجمعه مع بنت الحلال.
محمد المصرى وأمثاله يا سيدى الرئيس هم ثروتنا الحقيقية التى لا تنضب مثل البترول أو تحاك ضدها الدسائس مثل قناة السويس أو تنطلق ضدها الشائعات مثل السياحة ثروة هادرة ومتدفقة ومتجددة تنتظر أن يفعل مرسى مثلما تفعل المقاولون العرب فيمده يده ويلتقطها من ثروة وطاقة معطلة بل ضائعة ومهدرة إلى ينابيع خير ومن أحلام إلى واقع.
اللهم هل بلغت ؟ نعم فعلت.. اللهم فاشهد.