سلاح «التلميذ النووى»!

هدي منصور
قبل أيام وقعت مصر عقود إنشاء محطة الضبعة النووية بين كل من الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، وأليكسى ليخاتشييف، رئيس شركة روس أتوم الروسية، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ورغم أن مصر لن تبدأ من الفراغ لأنها سوف تبنى على جهود كثيرة سابقة، وفرت لنا قاعدة مهمة من المعرفة النووية، فإن إعادة إحياء المشروع النووى يتم هذه المرة برؤية شاملة ومختلفة، وهو ما تطلب إنشاء أول مدرسة تخدم محطة الطاقة النووية السلمية بمنطقة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح كأول مدرسة متخصصة فى التكنولوجيا النووية فى مصر والشرق الأوسط.. «روزاليوسف» كانت لها زيارة إلى مدرسة الضبعة النووية للاطلاع على تفاصيلها بعد انطلاق العام الدراسى فى نهاية شهر نوفمبر الماضى.
الحياة داخل المدرسة المستضيفة للطلاب:
داخل مدرسة «تكنولوجيا الصيانة الفنية» بمدينة نصر، حصلت مدرسة الضبعة النووية، على 3 فصول لبدء الدراسة بها، وتنتمى مدرسة تكنولوجيا الصيانة الفنية إلى قطاع التعليم الفنى، وتم بناؤها عام 1996. تتميز المدرسة بمبانيها الشاهقة، حيث يوجد بها 30 فصلًا دراسيًا أمام الطلاب لدراسة «ميكانيكا وكهربا وإلكترونيات وأثاث خشبى وأعمال صحية ومبانٍ وتشطيبات وأثاث معدنى، والعام القادم سيضاف إلى المدرسة تخصص الطاقة المتجددة»، وتستمر الدراسة بمدرسة الضبعة بشكل يومى على مدار الأسبوع ما عدا يومى الخميس والجمعة موعد الإجازة الأسبوعية للطلاب.
وعن الإقامة الحياتية، حصلت مدرسة الضبعة على أحد مبانى الإقامة المتوافرة لطلاب مدرسة الصيانة والتكنولوجيا الفنية وعددها اثنان، فقد أقام طلاب الضبعة فى مبنى مكون من 4 طوابق به 14 غرفة وكل 6 طلاب فى غرفة واحدة فى العنبر، ونظام السرائر أدوار علوى، بالإضافة إلى إقامة المدرسين مع الطلاب فى نفس المدرسة المتقارب عددهم 22 مدرسًا مغتربًا.
وكان المبنى الثانى من نصيب المدرسة الأساسية المستضيفة تكنولوجيا الصيانة الفنية، يعيش به طلابها وهو عبارة عن 4 أدوار، الدور به 100 طالب وإجمالى طلابها 750 طالبًا، وتميزت مدرسة تكنولوجيا الصيانة الفنية بإمكانياتها العالية، حيث وفرت للطلاب الموجودين بها مسرحًا كبيرًا يستوعب 750 شخصًا، ومطعمًا كبيرًا يقدم الثلاث وجبات اليومية «إفطار وغداء وعشاء» لطلابها المضاف إليهم طلاب الضبعة، بالإضافة إلى مسجد ضخم وملعب داخلى.
مدرسة الضبعة النووية
بدأت المدرسة العام الدراسى الخاص بطلابها فى نهاية شهر نوفمبر، بـ3 تخصصات للدراسة: «كهرباء وميكانيكا وإلكترونيات»، وانطلقت الدراسة فى الفصل الدراسى الأول بدراسة الطلاب لمواد عامة ما بين فيزياء وكيمياء ورياضيات ولغة عربية وإنجليزية، والعملى عبارة عن ورش خاصة بالميكانيكا، بالإضافة إلى دراسة الطلاب كتابًا متخصصًا فى الطاقة النووية، والمدرسون الملحقون بالمدرسة تم تدريبهم فى وقت سابق فى هيئة الطاقة النووية لمدة شهر، والطلاب قادمون من جميع محافظات الجمهورية إلا أن محافظة مطروح أخذت المقدمة بـ30 طالبًا، وحتى الآن لم يتم تحديد موعد رحيلهم إلى مقر مدرسة الضبعة الرئيسى فى محافظة مرسى مطروح للاستقرار بها نظرًا للإنشاءات التى لم تنته بعد.
وقد أكد أحد المسئولين فى المدرسة الذى طلب عدم ذكر اسمه، أن الطلاب سوف يتدربون بشكل عملى ثابت فى هيئة المحطات النووية وهيئة الطاقة الذرية الموجودة فى القاهرة، وسيحصلون على لقب «فنى مفاعل نووى سلمي» ينتمى إلى محطة الضبعة النووية والعمل بها فى المستقبل بعد تخرج أول دفعة.
طلاب الضبعة
تميز زى طلاب الضبعة بـ«تى شيرت نبيتى والبنطلون الأسود»، وبمحاولة التواصل معهم أثناء خروجهم لإجازتهم الأسبوعية التى تبدأ فى تمام الساعة «11» للانطلاق للسفر عن طريق القطار من رمسيس إلى المحافظات المتنوعة، أكد الطلاب أنهم ليس لديهم التصريح من المدرسة بالحديث فى الوقت الحالى، حتى خروجهم من المدرسة لا يتم بشكل عادى فيخرج الطلاب فى هيئة مجموعات كل مجموعة تنتمى إلى محافظة يخرجون برفقة بعضهم حتى الوصول إلى بلدهم بشكل آمن مؤكدين أنهم لم يتوافر لديهم من المدرسة وسيلة مواصلات خاصة بهم أو سيارات للنقل، فهم يسافرون فى المواصلات العامة.
قال «يحيي»، وهو يسارع الوقت لإيقاف سيارة تنتقل به إلى رمسيس فهو مشتاق إلى أسرته التى غاب عنها 65 يومًا متواصلًا قضاها فى الدراسة: أنا من محافظة المنوفية، الابن الأكبر فى الأسرة، وأعد القدوة لأشقائى، كنت أحلم بالالتحاق بمدرسة الضبعة خاصة أن والدى مدرس وكان يجلس للحديث معى عن المدرسة ومستقبلها، فكنت مميزًا فى المرحلة الإعدادية وحصلت على 96 % وكنت من المتفوقين على مدرستى المعروفة بمدرسة «محمد عبدالعزيز» الإعدادية، وهدفى الحالى أن أحقق فى السنوات الخمس القادمة تفوقًا بين أصدقائى فى المدرسة.
وأشار محمد، عمرى 16 عامًا ومن أبناء محافظة المنوفية: والدى يعمل فى إحدى المؤسسات التابعة للكهرباء فى المحافظة، وحقيبتى بها مصحف لقراءة القرآن أثناء السفر، وصور أسرتى لا تفارقنى، وأحلم بأن أحقق هدف حضورى إلى هنا وتحمل الغربة لتفتخر بى أسرتى ومحافظتى، فقد بدأنا بحلم الدراسة وننتظر لحظة التخرج فى 2022.
وأضاف خالد: معظم الطلاب فى مدرسة الضبعة أعمارهم ما بين الـ15 والـ16 عامًا، أسرتى تحلم بأن أكون عالمًا رغم أن معظم الموجودين فى الأغلب سوف يخرجون فنيين، إلا أن الأحلام من حق الجميع، لا أسافر إلى بلدى إلا كل شهر فلا أتحمل السفر كل أسبوع نظرًا لبعد محافظتى «سوهاج» عن القاهرة.
محمد أحمد من أبناء مدينة المحلة قال: عمرى 15 عامًا، خريج مدرسة إعدادى عادية فى المدرسة وأعد الكبير بين أشقائى الاثنين فى أسرتى، لذلك أحرص كل أسبوع على رؤيتهم والحديث معهم وسرد تفاصيل يومياتى، والحصول على مصروفى من والدى، ومنذ الاختبارات التى قمنا باجتيازها وكانت مدتها شهرًا متواصلاً تعودت على الغربة وتحملها وعلى استعداد نفسى كبير للذهاب إلى مقر مدرستنا الرئيسى فى مطروح لمواصلة مهمتى الدراسية.
حالة مدرسة الضبعة على مدار شهر
فيما حصلت «روزاليوسف» على تقرير عن العمل بالمدرسة من يوم 25 شهر نوفمبر حتى 9 الشهر الحالى، ونص التقرير على تقييم وضع الطلاب فى تلك الفترة، حيث أشار التقرير إلى أن عدد الطلاب وملفاتهم الموجودة «75» طالبًا بعد وصول آخر طالب «حسن أشرف عثمان» من مطروح فى يوم 9 الشهر الحالى، وتم إجراء انتخابات رواد الفصول وأعضاء اللجان، وانتخاب أمين اتحاد الطلاب لمدرسة الضبعة النووية، كما تم عمل الجدول الدراسى وتوزيعه على المدرسين للعمل به، وعقد اجتماع مع أعضاء هيئة الهيئة التعليمية والإدارية لاختيار معلم مشرف على التخصصات العلمية والعملية والثقافية، قبول طلب من طلاب الضبعة بالانصراف بعد الحصة الخامسة يوم الأربعاء نظرًا لظروف سفرهم وزيادة حصص الدراسة حصتين تضافان إلى يوم السبت بشكل دائم، الانتهاء من أعمال المقايسات الابتدائية فى قسم الميكانيكا والكهرباء والإلكترونيات وإرسالها إلى مديرية مطروح لتوفير خامات التمارين العملية.
وطرحت مدرسة الضبعة مسابقة لتصميم شعار للمدرسة، وقريبًا سيتم الإعلان عنه. فيما واجهت مدرسة الضبعة تحديات وصفها القائم بأعمال مدير المدرسة عامر السيد، بتقديم طلب إلى محافظ مطروح علاء أبوزيد لنقل مدرسة الضبعة على وجه السرعة فى مكان آخر فى محافظة مطروح نظرًا لسوء الحالة النفسية والصحية للطلاب.
مدرسة الضبعة بمطروح
وأكد الدكتور سمير النيلى وكيل أول وزارة التربية والتعليم بمحافظة مرسى مطروح، أن المدرسة تقع فى الكيلو 130 على طريق مطروح الإسكندرية الساحلى، على مساحة 8 أفدنة ونصف الفدان تكلفتها 70 مليون جنيه، مكونة من فندق للمعلمين والطلبة للإقامة، وتتكون من 9 مبانٍ بينها 3 ورش وتبعد المدرسة عن المشروع النووى ما يقرب من 200 متر فقط.
وأشار النيلي: جاء انطلاق العام الدراسى مع توقيع عقود المشروع النووى التى تمت الشهر الحالى مع شركة روس أتوم الروسية لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية بالضبعة بـ4 مفاعلات قدرة المفاعل 1200 ميجا وات بمعدل إنتاج 4800 ميجا وات وعلى مساحة مخصصة للمشروع تقارب الـ45 كيلو مترًا مربعًا.
وأوضح النيلى، أن طلاب مدرسة الضبعة بعد الانتهاء من الدراسة أمامهم ثلاث فرص فى العمل، إما الالتحاق للعمل بالمفاعل النووى المصرى السلمى، أو أن يستكمل الدراسة بكلية الهندسة قسم الطاقة النووية حسب مجموع الطالب، أو الخروج لبعثة لإحدى الدول للمساهمة فى بناء المفاعل النووى المصرى. واختتم النيلى كلماته أن العمل جارٍ على قدم وساق للانتهاء من الشكل النهائى للمدرسة لاستقبال طلابها فى أقرب وقت.