السبت 10 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ناصر فى القلوب.. «مطبوع»

ناصر فى القلوب.. «مطبوع»
ناصر فى القلوب.. «مطبوع»


منذ عام 323 قبل الميلاد ومن أيام العصر الإغريقي، لم يحكم مصر حاكم واحد من أبنائها، حتى جاءت ثورة 23 يوليو 1952 ليتولى شأنها رجل من أبنائها البارين المؤمنين بمكانتها وتاريخها وحضارتها وتأثيرها على العالم أجمع، فى محاولة منه لوضعها فى مكانها اللائق الذى تستحقه بين بلدان العالم.لقد غيرت ثورة 23 يوليو كل المقاييس، وحققت نجاحاً لم يكن فى الحسبان، حتى إن بعض قيادات الثورة أثناء نقاشهم الأخير لخطة الثورة، توقعوا نجاحها بنسبة لا تزيد على%10 فقط، ورغم المخاطرة نفذ الضباط الخطة التى أطلقوا عليها اسماً سرياً (نصر) وكانت المفاجأة أنها حققت نجاحاً فاق كل التوقعات، خاصة أن هناك مقدمات أدت إلى اندلاع الثورة.

 هذه المقدمات كان لها تأثيرها السلبى على الشارع المصرى، خاصة فيما يتعلق بالكادحين والمطحونين من أبنائه، وهى المقدمات التى مهدت لاشتعالها، كما أن الحلم بالحرية والتحرر من الاحتلال الإنجليزى وقيوده ونفوذه التى فرضها على الشعب المصرى قرابة الـ70 عاماً من عام 1882م ونقض الإنجليز لوعودهم بالجلاء، ساهم فى إشعالها أيضاً، إلى جانب استشراء الفساد داخل النظام الملكى فى مصر.
الثورة التى سطرت تاريخاً عظيماً فى حياة مصر، بل والعالم كله، سطرها أيضاً التاريخ بإنجازاتها وأهدافها وأحلامها من خلال طابع البريد الذى كان واقفاً بالمرصاد لكل الأحداث والتحولات التى ارتبطت بالثورة.
المجموعة البريدية الأولى للثورة صدرت بعد اندلاعها بأربعة أشهر وتحديداً فى الثالث والعشرين من نوفمبر من نفس العام، وهى عبارة عن أربعة طوابع فئة الـ22، 17، 10، 4 مليمات والتصميمات كانت ترمز لكسر القيود والتحرر وتحالف قوى الشعب المختلفة من عمال وفلاحين، ولم تنس الطوابع دور المرأة المصرية وما صنعته من إنجازات سواء قبل أو أثناء الثورة، كما ظهر فى الطوابع علم مصر الملكى باللون (الأخضر) وبداخله الثلاث نجوم، قبل أن يتحول بعد ذلك إلى العلم الجمهورى بألوانه (الأحمر والأبيض والأسود) وبداخله نجمتان.
ولأن الثورة كان همها الأول المواطن البسيط من فئات العمال والفلاحين والجنود، فكانت أوائل الطوابع البريدية للثورة فى سنواتها الأولى ترمز لهؤلاء، فنجد المجموعة التى صدرت عام 1954 فى العيد الثانى للثورة تحمل صورة الفلاح المصرى يحمل فأسه وهو مبتهج، وهو ما يعنى استبشاره بالخير على يد الثورة، فى حين أن مجموعة الفلاح الأولى التى صدرت فى عام الثورة كانت تحمل صورته مبتأساً وهو ما يعنى خروجه من عنق الزجاجة بعد معاناة ويأس وقهر وعبودية فى زمن الملكية، والمجموعة تحمل فئات الـ 5، 4، 3، 2، 1 مليم.
الجميل أن مجموعة الفلاح هذه التى صورت الفلاح مستبشراً بالثورة عام 1954، هو نفس العام الذى شهد إنجازاً غير مسبوق فى تاريخ الأمة وهو إجلاء الإنجليز عن مصر بعد احتلال دام سبعين عاماً، هذه اللحظة سجلتها الطوابع البريدية من خلال أربعة طوابع فئات 35، 30، 10، 10 مليمات، اثنان منها يصوران جموع الشعب المصرى وهم يخرجون للتعبير عن فرحتهم العارمة بالجلاء، وواحد عليه صورة الجندى المصرى يطلق نوبة النصر بـ(البروجي)- من فصيلة المزمار- والأخير عليه خريطة مصر فوقها العلم وهو ما يعنى أن الأرض المصرية عادت إليها كامل سيادتها من قبضة الإنجليز.
لقد ظل حلم (الضباط الأحرار) بإجلاء الإنجليز عن مصر هو الهاجس الأكبر لاكتمال فرحة النصر، هذا الهاجس الذى كان من أهم أسباب التبكير بقيام الثورة التى كان محدداً لها فى بداية الأمر (نوفمبر 1955) ولما وجد (الضباط الأحرار) حال مصر يسير فى اتجاه التردى والإذلال، وتحديداً بعد حريق القاهرة الذى شب فى يناير 1952 بدأت تحركاتهم القوية والفعلية للتبكير بالثورة التى تحققت فى يوليو من نفس العام.
خطوة الجلاء التى سجلتها الطوابع البريدية المصرية تلتها خطوة أخرى لا تقل أهمية عنها، وهى تأميم قناة السويس عام 1956م وهى ما سجلتها أيضاً الطوابع فى شكل لوحات رائعة عبرت عن الحدث معنى وشكلاً.
 الثورة التى حشد لها (الضباط الأحرار) والتى حققت كل هذه الإنجازات لم يكن هناك مفر من القيام بها، ولم يكن هناك سبيل للتراجع عن حلم اكتمالها، رغم ما تعرضت له الثورة من توابع حتى هدأت، ومن أصعب هذه التوابع (العدوان الثلاثي) الذى أعقب قرار تأميم قناة السويس عام 1956م، العدوان الذى جاء اعترافاً من الغرب برفضهم لاستقلالية مصر فى تحديد مصيرها، ورغبتهم فى أن تظل مصر تابعة لهم، وكان الردع من الفدائيين والأبطال من أبناء مصر وتحديداً من مدن القنال الذين تصدوا لهذا العدوان الثلاثى وهو ما سجله لهم ( 6) طوابع بريد صدرت لتلك المناسبة كلها من فئات الـ(10) مليمات وتصور أبناء بور سعيد فى حالة استبسال ضد العدوان الغاشم، الطوابع أظهرت (مصر) على أنها مقبرة للغزاة، كما شبهت (جمال عبد الناصر) بـ(صلاح الدين الأيوبي).
اعتادت هيئة البريد المصرية من بعد قيام (ثورة يوليو) على إصدار طوابع تذكارية وبطاقات بريدية فى كل عيد للثورة بدءاً من العيد (السادس) 1958م، البطاقة البريدية الأولى كانت فئة (50) مليماً ولم يوضع عليها سوى علم الجمهورية العربية المتحدة، واختيار العلم فقط على البطاقة لم يأت من فراغ، بل كان سلاحاً ذا حدين للاحتفالية، السلاح الأول أن التصميم يرمز إلى العيد (السادس) للثورة، وفى نفس الوقت تحمل البطاقة ويحمل التصميم اسم (الجمهورية العربية المتحدة) كاسم تم إطلاقه على الوحدة الوطنية التى تمت بين (مصر) و(سوريا) فى 22 فبراير عام 1958م- أى قبل الاحتفال بالعيد السادس للثورة  بخمسة أشهر، ورغم فض الوحدة وحدوث الانفصال بينهما فى 28 سبتمبر عام1961م، إلا أن (مصر) ظلت محتفظة بالاسم حتى عام 1971م عندما جاء (السادات) ليغيره 5 إلى (جمهورية مصر العربية). العيد (السابع) للثورة 1959م صدرت له بطاقة بريدية فئة الـ(50) مليماً إلى جانب 6طوابع بريدية كلها فئة الـ(10) مليمات وتحمل كلها- البطاقات والطوابع- صوراً لوسائل النقل والمواصلات المختلفة-. العيد (الثامن) للثورة 1960م بطاقة من فئة الـ«100» مليم اهتمت بالرياضة حيث إن الهدف كان إبراز منجز من إنجازات الثورة كل عام، ففى العيد (الثامن) ظهرت صورة ستاد (ناصر) الذى تغير اسمه فيما بعد إلى ستاد (القاهرة)، كما صدر (7) طوابع لرياضات مختلفة (قدم، سلة، سباحة، تجديف، شيش، فروسية، رفع أثقال). الطوابع ثلاثة منها من فئات الـ(5) مليمات و(2) من فئات العشرة وواحد (30) وواحد(35) مليماً.العيد (التاسع) للثورة 1961م صدر له بطاقة بريدية فئة الـ(100) مليم و(5) طوابع من فئات الـ(10) و(35) مليماً، وكلها تحمل عنوان (التخطيط يضاعف الدخل). العيد (الحادى عشر) للثورة 1963 صدرت له بطاقة فئة الـ(50) مليما تحمل عنوان (الاتحاد الاشتراكي) ومعها طابع لنفس المناسبة فئة الـ(10) مليمات. العيد (الثانى عشر) للثورة 1964م صدرت له بطاقة فئة الـ(50) مليما، وهى أول بطاقة بريدية تحمل صورة الزعيم (جمال عبد الناصر)، وهو ما حملته أيضاً بطاقة العيد (الثالث عشر) للثورة 1965م، وكانت المناسبة مزدوجة، فإلى جانب الاحتفال بالعيد السنوى للثورة، شهدت البطاقة احتفالا آخر بفوز (عبدالناصر) فى الانتخابات الرئاسية بنسبة (99.999)%. العيد الـ(14) للثورة 1966شهد الاحتفال بالفنون الشعبية من خلال البطاقة البريدية التى صدرت من فئة الـ(100) مليم، والعيد الـ(15) 1967م شهد الاحتفال بالصناعات الشعبية من خلال البطاقة البريدية من فئة الـ(100) مليم، والعيد الـ(16) 1968م شهد الاهتمام بدور القوى الشعبية وبرنامج 30 مارس الثورى من خلال البطاقة البريدية من فئة الـ(100) مليم. والعيد (الثامن عشر) 1970م كان عام الصمود والتحرير، وصدرت له بطاقة فئة الـ(100) مليم وطابع من فئة (20) مليما، أما العيد (التاسع عشر) للثورة 1971م فقد صدرت أول بطاقة بريدية احتفالاً بالمناسبة بعد وفاة زعيمها (جمال عبدالناصر) وصدرت فى بداية تولى (السادات) رئاسة الجمهورية، البطاقة من فئة الـ(100) مليم وعليها صورة رائعة لـ(عبد الناصر) وبتصميم لم يخرج مثله حتى فى عهده مما يؤكد حرص (السادات) على الاحتفال بـ(ناصر) كما يستحق.
ظل حرص (السادات) على الاحتفال بالثورة من خلال البطاقات البريدية والطوابع- كما يقول المستشار (غريب الشبراوي) رئيس جمعية هواة الطوابع والعملات - بشكل مستمر حتى وفاته، ولكن فى العيد الـ(20) للثورة 1972م وضع (السادات) صورته إلى جانب صورة (عبد الناصر) على البطاقة البريدية، ليس فقط على اعتبار أن (السادات) رئيساً للدولة- وقتها- ولكن كشريك أساسى له فى الثورة- هكذا لسان حاله أراد أن يقول، وتأكيداً للسان حاله هذا، قام (السادات ) فى العيد الـ(24) للثورة 1976م بالانفراد بصورته على البطاقة البريدية، بعد ذلك تم إصدار البطاقات البريدية الخاصة بالاحتفال بأعياد ثورة (يوليو) بدون صور والاكتفاء بكتابة اسم الثورة بشكل زخرفي، بداية من الاحتفال بالعيد الـ(27) للثورة 1979.