السبت 26 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

القس فلوباتير.. «شرير الكنيسة»

القس فلوباتير.. «شرير الكنيسة»
القس فلوباتير.. «شرير الكنيسة»


ظهرت شهرة القس فلوباتير وذاع صيته بعد أحداث ماسبيرو الشهيرة والتى سقط فيها 24 شهيدا، ومنذ تلك الواقعة يتبادل الاتهامات مع المجلس العسكرى حول أسبابها، وبرغم تصريحات قداسة البابا تواضروس الأخيرة التى برأ فيها المجلس العسكرى وبأن أحداث ماسبيرو غرر فيها بالشباب القبطى، وهذا يكشف موقفين متناقضين ومع ذلك مازال القس فلوباتير يعمل تحت مظلة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ويعتبر من المقربين لقداسة البابا، وبعد محاولة التواصل مع القس فلوباتير لاستيضاح الأوضاع، إلا أنه أحالنا إلى مقالاته وتصريحاته، غير أن الأحداث تكشف أن البابا شنودة أوعز إليه بالانضمام إلى حزب الغد فى إطار لعبة توزيع الأدوار التى كان يجيدها بهدف الضغط على النظام، ولتحقيق مكاسب سياسية للأقباط، وكتابة مقالات سياسية فى النشرة التى أسسها مع القمص متياس نصر.
الحقيقة أن نجم القس فلوباتير بزغ سياسيا مع الانتخابات البرلمانية فى عام 2005 عندما انضم لحزب الغد مما أغضب البابا شنودة الذى كان يناصر الحزب الوطنى وبادر بإيقاف فلوباتير لمدة عامين، ولكن الحقيقة أن هذه كانت لعبة توزيع أدوار ليلعب دور الجناح الكنسى المعارض للنظام، وهو ما أتى بثماره مع نظام الدولة، وحصل البابا شنودة على وعود بزيادة عدد النواب الأقباط بمجلس الشعب والوزراء الأقباط بالحكومة إضافة إلى تخفيف قبضة الأمن فى بناء الكنائس مقابل سحب القس فلوباتير من الساحة، فقام البابا بتصيد بعض المقالات التى ينتقد فيها فلوباتير النظام وإيهامه بأنه فى موقف حرج وسوف يتعرض للضرر، وأنه يجب إبعاده لفترة عن الساحة حماية له، وهو ما يعترف به شخصيا القس فلوباتير فى إحدى حلقات برنامجه «وطن يعيش فينا» على فضائية Copticast التى تبث من خارج مصر عقب وفاة البابا شنودة قائلا: «البابا حينما كان يعاقب يجرح ويتعصب يحسسك وأنت واقف أمامه وبتتعاقب أنه أبوك وبيحبك وأنه واخدك فى حضنه وبيقرص عليك علشان تطرف معين كنت أنا كتبت مقالين كانوا هايتسببوا فى بعض الأزمات ليا فقرر قداسة البابا أنه يعاقبنى أفضل من آخرين يتولون هذه المسئولية كتبت مقالة ضد النائب العام قلت: إن أسلوب تعامله «مش مضبوط» ويجب أن يزن الأمور بعدل «ودى خدت فيها سنتين».. البابا حينما يؤدب يصدر قانونا من أجل المحافظة على ابنه فيقع فى يديه، ولا يقع فى أيدى النظام وأمن الدولة وكلنا نعلم أساليب التنكيل المعروفة» فالقس لم يكن فاعلا بل مفعول به أو مفعول بواسطته وهو بشكل شخصى لا ناقة له أو جمل فى ذلك، ومع ذلك أشيع أنه فى خلاف وصدام مع البابا شنودة حتى يستمر فى لعب دوره المرسوم له من قبل الكنيسة.
∎ ماسبيرو
مما لاشك فيه أن هناك حالة من الانفلات الأمنى تلازمت مع أحداث 25 يناير 2011 ومن الطبيعى مع سيطرة تيار الإسلام السياسى على مقاليد الأمور فى الدولة أن تقع بعض الأحداث الطائفية ضد الأقباط من صقور هذا التيار وهو ما حدث من احتراق ثلاث كنائس فى سول والمنيا والماريناب خاصة مع سقوط جهاز الشرطة ولأن البابا شنودة كان من رجالات النظام الذى تم إسقاطه ويصعب الاقتراب منه فكان من الطبيعى أن يفقد البابا ثقله السياسى فى وقف الأحداث الطائفية بالضغط على النظام  كما كان يفعل، خاصة أن النظام السياسى لم يكن تبلور بعد فقرر المتنيج أن يعود إلى لعبة توزيع الأدوار  واستدعاء القس فلوباتير ليلعب دورا جديدا فى حشد الأقباط والتظاهر بهم  أمام مبنى ماسبيرو  والحشد  من شبرا أكبر معاقل المسيحيين شعبيا مع أولى الأمر وكان الموقف المعلن أن البابا يمنع ويحذر الأقباط فى المشاركة فى مثل هذه التظاهرات فى حين يقوم فلوباتير على الجانب الآخر بالتهييج الشعبى للأقباط وحشدهم، ولن يستطيع أحد أن يتهم الكنيسة بمواجهة  النظام الجديد فالكل يعلم أن القس فلوباتير ليس على وفاق مع البابا المتنيح، وسارت الأمور كما قدر لها، قام فلوباتير بالمهمة المكلف بها، ليختفى فجأة  ويترك البلاد ويغادرها إلى الولايات المتحدة ومنها إلى كندا.
 ∎ مكافأة أم تجميد
 يرى البعض أن سفر القس فلوباتير ونقل خدمته من كنيسة الطوابق بالقاهرة إلى كنيسة أبى سفين والقديسة دميانة فى كندا كانت مكافأة له على ما قام به من خدمات وأدوار كلف بها من قبل البابا شنودة، فيقال إن راتبه يبلغ عشرة آلاف دولار، وتم تخصيص كنيسة له ليقوم على رعايتها بينما يرى البعض الآخر  أن وجود القس فى كندا ما هى إلا خطة لإبعاده عن موقع الأحداث الملتهبة خوفا عليه من أن يصيبه مكروه وتجميد دوره إلى حين تحتاج الكنيسة لخدماته والقول الأرجح هنا أن هناك تغييرا نوعيا فى الدور الذى يلعبه القس فلوباتير فقد قررت الكنيسة الدفع به إلى الخارج لتكوين ظهير دولى جديد للكنيسة  وبدلا من حركات ومؤسسات أقباط المهجر التى أثبتت التجربة تقزم حجمها السياسى وانعدام تأثيرها الدولى فالقس فلوباتير ينطلق من تدويل قضية ماسبيرو عن طريق عقد اللقاءات بالمنظمات الدولية ليس سعيا وراء نصرة قضيته بقدر كسب تعاطف دولى مع الملف القبطى بشكل عام، وما ينتج عن هذا التعاطف من تكوين علاقات دولية واسعة يتم ربطها مباشرة بالكنيسة القبطية، وقد يكون هذا مقبولا على مضض فى نظام الإخوان، ولكن استمرار لعبة توزيع الأدوار وتكوين التحالفات مع النظام الحالى هو أمر غير مبرر ويثير الريبة.
∎ إرضاء البابا تواضروس
 لا يستقيم استمرار القس فلوباتير فى التصعيد ضد المجلس العسكرى والرئيس السيسى وقيامه بمحاولات لتدويل قضية ماسبيرو وإحراج النظام دوليا مع الرحلات التى يجوب فيها البابا تواضروس الثانى العالم كله، لدعم النظام والدولة بالتزامن مع احتضان الرئيس السيسى للشعب المصرى بشكل عام والقبطى بشكل خاص، والذى تجلى فى زيارة الرئيس الأخيرة للكاتدرائية التى أثلجت صدر الجميع ليثبت الرئيس فعلا وليس قولا أنه رئيس كل المصريين، فالقس فلوباتير  يصر على إدانة المجلس العسكرى وفى نفس الوقت البابا يبرئ المجلس العسكرى، ويؤكد أن الإخوان هم من وراء أحداث ماسبيرو ليعود القس فلوباتير ويصر على تبرئة الإخوان من أحداث ماسبيرو فهل يفعل ما يفعل القس فلوباتير بمعزل عن البابا وفى الاتجاه المعاكس لقداسته؟ الأمر المؤكد أن القس فلوباتير لا  يزال يعمل تحت رعاية قداسة البابا والأمر المؤكد أيضا أنه على وفاق تام مع قداسته ففى رحلته الأخيرة إلى كندا وضع البابا حجر أساس لأول كنيسة يتم إنشاؤها فى كندا فى عهد البابا تواضروس، وعهد بها إلى القس فلوباتير وبارك البابا القس فلوباتير والكنيسة.
∎ تساؤلات
 لا مجال هنا بعد للقول بأن القس فلوباتير يعبر عن رأيه الشخصى ولا علاقة للكنيسة بذلك، وأن سكوت قداسة البابا هو علامة الرضا عما يفعله القس وهو ما يفجر أمامنا العديد من التساؤلات:
-ألا يعتبر مخالفة فلوباتير لقداسة البابا هو شق لعصا الطاعة الباباوية وهو ما يستدعى مساءلة القس فلوباتير  كنيسا خاصة إذا ما كان  الأمر يتعلق برئيس الجمهورية والذى تخصص الكنيسة فى صلواتها أوشيه ( طلبة أو دعاء) من أجله، كما أن الإنجيل يمنع التطاول على شخص الرئيس ( رئيس شعبك لا تقل فيه سوءا).
- لماذا عادت الكنيسة لممارسة لعبة توزيع الأدوار وهى غير المبررة حاليا، فحقوق الأقباط المهدرة منذ عقود طويلة ها هى تعود لهم من جديد بل إن الأقباط يشهدون عصرا متفردا فى تاريخهم فلأول مرة يتم إقرار كوتة للأقباط فى البرلمان وتدفع الكنيسة بقوانين للأحوال الشخصية وبناء الكنائس، ويتعهد النظام بإقرار القوانين بمجرد انعقاد البرلمان الجديد ويتم العمل على ترميم ما تهدف وحرق من كنائس نعم فالمطالب كثيرة ووتيرة الإنجاز بطيئة، نظرا لطبيعة المرحلة، ولكن لاشك أنها انفراجة غير مسبوقة.
-  نتساءل: لماذا تتوجس الكنيسة خيفة من النظام وتحتاط له؟ فما بدر من النظام نحو الأقباط حتى الآن يكرس الاطمئنان داخل النفوس، ولا يخيف.. أم أن الكنيسة لديها مخططات مستقبلية تنوى الدفع بها، تعرف مسبقا أن تلك المخططات سوف تصطدم بالنظام فأعدت الكنيسة العدة مبكرا لذلك؟
والسؤال الأكثر أهمية هنا هو: لماذا فجأة انهالت علينا تصريحات آباء الكنيسة  بخصوص حادث ماسبيرو بين تصريح الأنبا بولا الشهير بأنه يجب علينا أن ننسسى هذا الحادث وأكثر من خمسة تصريحات متتالية ومتضاربة لقداسة البابا فى أسبوع واحد،  ثم تصعيد القس  فلوباتير لوتيرة التصريحات  ببياناته الفيسبوكية ومقالاته.
 الأمر إذن جد خطير ولا يمكن السكوت عليه، ومطلوب من قداسة البابا تواضروس الثانى الإجابة على تساؤلاتنا، وتحديد موقفه بصراحة تجاه القس فلوباتير ولن نقبل مستهلكات الإجابات من قبل أن هذا رأيه الشخصى وأنه لا يمثل الكنيسة فالقس فلوباتير  يتحرك على أرض الواقع ضد الدولة المصرية ورئيسها، وهو ما يستلزم من الرئاسة الكنسية اتخاذ موقف واضح وصارم وصريح.∎