
أسامة سلامة
النور والإخوان..
خلاف «مؤقت» وتحالف «مزمن»!
رغم الغضب الذى يبديه حزب النور السلفى تجاه الإخوان المسلمين الآن، إلا أننى أعتقد أنه خلاف مؤقت.. وخصومة لن تمنع التحالف الانتخابى بينهما.
وحتى نفهم ذلك لابد أن نعرف السبب الحقيقى للخلاف.
السلفيون ممثلون فى حزب النور يرون أن د. مرسى وإخوانه غدروا بهم عدة مرات.. أهمها اتجاههم لأخونة الدولة دون إعطائهم نصيباً من هذه «التورتة» التى أصبحت فى متناول التيارات الإسلامية المختلفة ويجب من وجهة نظرهم أن يكون لكل منهم جزء منها.. خاصة أن هذه التيارات ساهمت بفاعلية فى فوز د. مرسى برئاسة الجمهورية.
إذن أصل الخلاف على استئثار الإخوان بالمناصب ومحاولة السيطرة منفردين على مفاصل الدولة.
ثم جاءت إقالة د. خالد علم الدين «مستشار رئيس الجمهورية للبيئة» واستبعاده من موقعه بطريقة مهينة لتظهر هذا الخلاف على السطح.
حزب النور اعتبر أن الإخوان غرضهم التشهير بهم.. وإظهار أنهم فاسدون أو متسترون على الفساد مع اقتراب الانتخابات البرلمانية.. وكان ظنهم أن الأليق هو إخبار د. علم الدين بالاتهامات ومواجهته بالمستندات.. وقبول استقالته لا إقالته مباشرة.
ظنون حزب النور دفعت قادته لإطلاق المدفعية الثقيلة تجاه الإخوان، والتى وصلت إلى اتهام الرئاسة بالتستر على الفساد وهو ما أشار إليه المستشار المستبعد بأن سبب إقالته هو كشفه لقضية فساد ضخمة سوف يعلن تفاصيلها قريباً.. وأتبع ذلك هجوم حاد لأعضاء مجلس الشورى المنتمين لحزب النور على الإخوان بسبب القرض الذى تريد حكومة الإخوان الحصول عليه.. وبالغ السلفيون فى اعتراضهم حتى أنهم ذكروا د. مرسى برفضه قرضا مماثلاً وهو عضو مجلس شعب خلال نظام مبارك لأنه ربا، وقال السلفيون: لا يجوز أن يأكل الشعب المصرى بمخالفة الدين.
وبدأ التلسين بين الطرفين وأصبح «فيس بوك»، و«تويتر» ساحة حرب بينهما.. وأن ما سبق هو الجزء الظاهر من الخلاف وما خفى كان أعظم.. فالاختلاف الأساسى على أخونة الدولة واستبعاد السلفيين.. وهو ما كشفه نادر بكار فى معرض هجومه على الجماعة.. ولعل هذا ما جعل البعض يقول إن شهر العسل انتهى بين الطرفين.. وأن الحرب المشتعلة بينهما لن تتوقف.. ولكن على العكس من هذه الآراء.. ورغم حدة الخلافات وحقيقتها.. وأنها ليست تمثيلية ولا توزيع أدوار.. فإننى أعتقد أن الصدام الكبير مؤجل إلى حينه وأن التحالف سيعود مرة أخرى.. وسنشهد ذلك قريباً فى انتخابات مجلس النواب القادمة.
فمن أجل الهدف الأساسى للتيارات الإسلامية سيتناسى كل طرف خلافه مع الآخر.. والأهم بالنسبة لهم هو التمكن من مصر وتحويلها إلى دولة دينية.. ولأن هذا الهدف لم يتحقق كاملا حتى الآن.. فإن عودة التحالف ضرورة.. خاصة إذا تمكنت جبهة الإنقاذ من عمل قائمة موحدة فى كل دائرة لخوض الانتخابات.
وبالتالى لن تجد التيارات الإسلامية مفرا من التعاون حتى لا تفقد الأغلبية فى مجلس النواب القادم.. ولا ننسى أن حصولهم على الأغلبية فى البرلمان المنحل مكنهم من التحكم فى تشكيل تأسيسية الدستور، ومن ثم إعداد دستور على هواهم وحسب مقاسهم.. كما أن الحصول على الأغلبية مهم من أجل إصدار القوانين التى يريدونها ولهذا فإن التحالف وارد بنسبة كبيرة خاصة فى المقاعد الفردية.. وعلى الذين يعولون على الخلاف بين الطرفين أن يتفهموا أهداف هذه التيارات.. ومن ثم فإن الصدام سوف يتأجل إلى وقت لاحق.. خاصة أن خيرت الشاطر له اتصالات كبيرة بالهيئة السلفية.. وهى قادرة على لم الشمل ولو مؤقتا.
إذن متى يتم الصدام الكبير؟ عندما تتحكم التيارات الإسلامية فى مصر تماماً وبعد إقصاء جميع أحزاب وفصائل المعارضة وإبعاد وتحجيم كل من ينادى بمدنية مصر.. ووقتها سيأتى الحساب والتنازع على المناصب وتحديد من هو الأقوى وصاحب الشعبية الأكبر والأبرز والأحق بالهيمنة على البلد.. وقد يؤدى الخلاف - حينئذ - إلى الاقتتال.. الواهمون بأن الخلاف بين السلفيين والإخوان سيصب لمصلحتهم عليهم أن يعيدوا النظر ويقرأوا المشهد مرة أخرى.. والأهم أن يدركوا أن الاعتماد على النفس أفضل من انتظار أخطاء الآخرين «فماحك جلدك مثل ظفرك».