الخميس 10 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الكنوز المدفونة فى عروس المتوسط

الكنوز المدفونة فى عروس المتوسط


فى الخامس والعشرين من شهر طوبة عام 331 قبل الميلاد، وضع الإسكندر الأكبر حجر الأساس للمدينة التى اختارها كحاضرة تحمل اسمه فى مصر، واختار موقع قرية قديمة كان اسمها راقوتيس، وهو اسم أرجعه البعض إلى تسمية مصرية ذُكرت فى النصوص «رع-قدت» وترجمه البعض «رع المشيد»، وهى ترجمة خاطئة، وذُكر اسم الموقع فى عدة نصوص ترجع للعصر المتأخر لا سيما فى عقود البيع والشراء، ويتجه الرأى الغالب إلى أن الكلمة تترجم حرفيّا بـ: حد البناء أو الحيز، ويميل البعض إلى ترجمتها بمعنى الفناء أو الحوش، وربما كان المقصود بالفناء هنا مدخل مقصورة الإله الذى كان يُعبَد فى القرية القديمة.
موقع هذه القرية الآن منطقة العامود بكرموز فى محافظة الإسكندرية الآن، وقام المهندس دينوقراطيس بوضع تخطيط المدينة على الطريقة الهيبودامية أو ما يشبهه البعض برقعة الشطرنج، وهو تخطيط يشبه تخطيط المدن اليونانية فى القرن الخامس قبل الميلاد، وبداية قام دينوقراطيس بربط القرية بجزيرة فاروس من خلال جسر يطلق عليه الهيبتاستاديوم، أى 7 استادات، وهى مسافة تصل لنحو الميل بين القرية والجزيرة، وهذا الجسر مفقود تمامًا الآن.
من خلال هذا الجسر الذى كان يربط بين جزئَى المدينة القديمة، وُجِد ميناءان: هما الميناء الشرقى الذى كانت تغادر منه المنتجات إلى بلاد اليونان، والميناء الغربى أو العَود الحميد كما يطلق عليه، وقسّم مهندس الإسكندرية المدينة إلى خمسة أحياء رمز إليها بالحروف الخمسة الأوائل فى الألفبائية اليونانية: ألفا، وبيتا، وجاما، ودلتا، إيبسيلون، ويمكن بناءً على هذا التفسير أن نعتبر تلك الحروف هى اختصار لنص لوحة تأسيس المدينة، وهنا يكون معنى النص كما يلى: «الإسكندر، الملك، ابن، زيوس، يشيد».
 فنار الإسكندرية
حين الحديث عن الأهمية التجارية للإسكندرية، ينبغى الإشارة إلى فنار الإسكندرية الذى كان إحدى عجائب الدنيا القديمة، وكان أيضًا أحد أهم النماذج الأثرية فى الإسكندرية ليس فقط لدوره كمرشد للسفن الآتية إلى المدينة، ولكن أيضًا كبناء معمارى ومركز حماية للمدينة، وظل الفنار رمزًا للإسكندرية لفترة طويلة، حيث كان يمثل القاسم المشترك الأعظم عند وصف الإسكندرية لدى المؤرخين المسلمين،  وبدأت الإشارة إلى جزيرة فاروس التى شُيد عليها الفنار منذ القرن الثامن قبل الميلاد فى أعمال هوميروس، أما عن البقايا الأثرية فقد خلفت المدينة العديد من الآثار منها ما هو باقٍ إلى الآن ومنها ما ندرسه من خلال كتابات المؤرخين ومن بين أهم آثار المدينة:
- جبانة كوم الشقافة.
- مقبرة الألباستر وكشف عنها فى موقع جبانة اللاتين.
- مقبرة أنطونيادس وكشف عنها عام 1944 ميلادية فى حديقة أنطونيادس فى حى النزهة.
- مقبرة الدخيلة التى تُؤرخ بالقرن الثانى قبل الميلاد.
- مقبرة الحضرة التى كُشف عنها عام 1941 ميلادية خلف المستشفى الإيطالى بالحضرة.
- مقبرة سيدى جابر.
- جبانة الشاطبى.
- جبانة مصطفى كامل.
- جبانة الأنفوشى.
- مقابر المنتزه.
- مقابر سوق الورديان.
جبانة القبارى
وكُشف عنها عام 1941 ميلادية وتقع المقابر إلى الشمال من الكوبرى، وفى عام 1997 ميلادية، أثناء إنشاء الكوبرى الذى يربط بين بوابة 27 من الميناء الغربى والطريق إلى القاهرة، عهد المجلس الأعلى للآثار إلى معهد دراسات الإسكندرية بالقيام بحفائر طوارئ فى الموقع، ولحسن الحظ أمكن الكشف عن العديد من المقابر الأخرى، وبجانب المقابر هناك العديد من المعابد مثل معبد الأرسينوى، وكان يقع إلى الغرب من الحى الملكى، ويشير سترابون إلى معبد آخر لأرسينوى بالقرب من أبوقير: معبد القيصروم، وشيدته كليوباترا من أجل ماركوس أنطونيوس، وقامت بنقل مسلتين من هليوبوليس إلى واجهة المعبد الذى أكمله الإمبراطور أغسطس ووضع فيه مقصورة لأفرروديت.
جبانة الشاطبى
من أهم الآثار المتبقية فى المدينة إلى الآن، وتقع الجبانة إلى الشمال من مدرسة سان مارك فى اتجاه البحر، وتُؤرخ بالنصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد، وهى من أقدم جبانات الأفراد، وتعد واحدة من أهم مقابر الإسكندرية، حيث كشف فيها عن بعض تماثيل التناجرا وبعض الأوانى المعروفة باسم أوانى الهيدرا، ويقود مدخل المقبرة إلى صالة عريضة ثم إلى صالة ثانية، وفى النهاية يوجد الفناء المفتوح، وإلى الشرق من هذا الفناء، توجد حجرة صغيرة قد تكون ممرًا ثم حجرة الدفن، واستخدمت فى هذه المقبرة ثلاث طرق للدفن، وتتميز هذه المقبرة بزخارفها المتنوعة من حيث الأعمدة الدورية أو الأيونية، بالإضافة إلى أشكال النوافذ والأبواب الوهمية؛ مما يجعلنا نعتقد بوجود تأثيرات مصرية فى المقبرة.
جبانة مصطفى كامل
كُشف عن هذه الجبانة عام 1933 ميلادية، أثناء تجهيز الأرض لإنشاء ملعب للكرة إلى الشمال الشرقى لثكنات مصطفى كامل، وتضم الجبانة أربع مقابر منفصلة، وتؤرخ بنهايات القرن الثالث وبدايات القرن الثانى قبل الميلاد، ونكتفى هنا بشرح تخطيط مقبرتين فقط (1و2).
 السيرابيوم (سيرابيس)
يشير بعض المؤرخين الكلاسيكيين إلى أن المعبود سيرابيس الذى بنى لهم السرابيوم لم يكن إلهًا مصريًا وإنما جاء من سينوب، حسب رواية تاكيتوس الذى أشار إلى أن تمثال الإله نقل من موقعه الرئيس فى سينوب فى آسيا الصغرى إلى حى راقودة فى الإسكندرية، لكن الرأى الغالب أن هذا المعبود كانت له أصول مصرية؛ إذ كان يمثل هيئة الرب أوزير-حب، وكان يعبد فى منف، وظهرت عبادته بوضوح فى عهد بطلميوس الأول وقد حمل، كمعبود يرضى عنه اليونانيون، بعضًا من سمات زيوس وديونيسوس وإسكليبيوس، وعلى الرغم من أن عبادته كانت فى منف، فإن العنصر الأوزيرى فى اسمه وصفاته يقربه من آلهة هليوبوليس.
إيزيس
تشير العديد من نصوص العصر البطلمى إلى مكانة المعبودة إيزيس، حيث كانت تحمى الممتلكات البطلمية فى مصر وسوريا، ويشير لوسيان فى كتاباته إلى أن إيزيس كانت تخرج من الإسكندرية إلى اليونان فى رحلة كانت تستغرق سبعين يومًا، كما كشف عن عدة مصابيح فى ديلوس عليها شكل المعبودة إيزيس حامية التجارة بين الإسكندرية وجيرانها، ويشير بعض المؤرخين إلى أن إيزيس كانت هى الإلهة التى أشار إليها سوستراتوس الكنيدى فى نص تأسيس الفنار؛ حيث كانت إيزيس تعبد كإلهة للفنار وحامية له، كما تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن التمثال الذى كان يعلو الفنار كان للمعبودة إيزيس.
حربوقراط
يمثل حربوقراط صورة من صور المعبود المصرى القديم حورس وهو طفل، ويعرف فى النصوص المصرية باسم «حور با غرد» الذى جاءت أول إشارة إليه فى نصوص الأهرام، أما فى العصر اليونانى، فكان يصور على هيئة طفل ممتلئ الجسد يضع إصبعه فى فمه ويحمل قرن الخيرات، وظهرت عبادته فى العديد من الأقاليم مثل طيبة وهرموبوليس، وكان له عيد خاص به فى العصر الهيللينيستى، وارتبط ارتباطًا وثيقًا بالإله هرقل؛ إذ أشارت بعض المصادر إلى أن حربوقراط كان يحارب إله الشر ست بمعاونة هرقل.
 معبد سيرابيس
يمثل معبد سيرابيس فى مدينة رأس الثالوث السكندرى مع إيزيس وحربوقراط، ويقع فى حى كرموز فى شارع عمود السوارى، وكشف آلان روو عام 1942 ميلادية عن لوحات تأسيس المعبد، ومن هذه اللوحات يتضح أن المعبد اكتمل بناؤه فى عهد الملك بطلميوس الثالث يورجيتيس، وفى العصر الرومانى، أعاد الإمبراطور هادريان تجديد المعبد ووضع فيه تمثال لسرابيس محفوظ الآن فى المتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية، وتهدم هذا المعبد تمامًا وتحول إلى كنيسة باسم يوحنا المعمدان، وقد أراد الإسكندر الأكبر لمدينته الخلود والشهرة والعالمية وتحقق له ما أراد عبر العصور والأزمان.