
أسامة سلامة
3 أزمات تطارد الأقباط!
هجرة.. تهميش.. خطف.. اتهام بالعمالة.
أتحدث عن حال الأقباط فى مصر.
نشرت جريدة «تليجراف» البريطانية تقريرا عن أوضاع المسيحيين المصريين، وقالت إن «100 ألف قبطى هاجروا خلال العام الماضى».
رقم يتردد كثيرا فى وسائل الإعلام وعلى لسان بعض النشطاء السياسيين والحقوقيين.. دون أن يخرج علينا مسئول واحد يؤكده أو ينفيه.
رغم أن الأرقام موجودة لدى وزارة الداخلية من خلال سجلات مصلحة الجوازات والهجرة.. وأيضا وزارة الخارجية تستطيع الحصول عليها بسهولة بواسطة سفاراتنا فى الخارج.. كما أن وزارة القوى العاملة من المفترض أن لديها هذه الإحصائيات.
ولكن النظام يفضل الصمت إزاء هذه القضية الخطيرة، ولم تهتم الحكومة بمناقشة الأمر بجدية وكان يجب عليها أن تعلن الحقيقة.
الرقم الذى ذكرته «تليجراف» إما خطأ ويجب نفيه وإعلان الوضع الحقيقى حتى نهدئ مخاوف الأسر القبطية التى تزداد مخاوفها كلما سمعت بأعداد المهاجرين الكبيرة.. وإما أن الرقم صحيح فيجب أن نواجه هذه الظاهرة الضارة والمضرة بمصر.
وفى هذه الحالة يجب دراسة الأسباب التى تدفع الأقباط للهجرة من بلدهم ومواجهتها وحل المشاكل التى تواجههم بسبب انتمائهم العقائدى، وإذا تراخت الحكومة أو ظن الإخوان والسلفيون أنهم يحققون مكاسب من هذه الهجرات فإن على المجتمع المدنى ودعاة الدولة المدنية الوقوف أمامها وشرح أخطارها على المجتمع المصرى كله.
وفى الوقت الذى يتردد فيه الكلام عن زيادة معدلات هجرة المسيحيين يأتى قانون الانتخابات البرلمانية ليزيد من تهميش الأقباط وربما نجد البرلمان القادم بلا مسيحيين أو بأعداد ضئيلة لا تزيد على أصابع اليد الواحدة.
الأحزاب الإسلامية بجميع توجهاتها أصرت على رفض اقتراح يلزم الأحزاب بوضع قبطى فى مكان مميز بإحدى قوائم كل محافظة.
حزب الحرية والعدالة الذى تبنى مادة تلزم الأحزاب بوضع امرأة فى النصف الأول من كل قائمة وأصر عليها رغم رفض السلفيين.. هو نفسه الذى قاد رفض أن يكون وضع الأقباط فى القوائم مثل وضع المرأة، بدعوى أن المرأة فئة مهمشة وضعيفة، وبالتالى تحتاج إلى رعاية حتى يتم تمثيلها داخل البرلمان.
القوى الإسلامية تجاهلت أن الأقباط أيضا فئة مهمشة سياسيا حتى إن رامى لكح ومعه عدد من المسيحيين طرحوا وجود كوتة للأقباط فى البرلمان.. وهو ما رفضته الأغلبية العظمى من الأقباط الذين أصدروا بيانا طالبوا فيه الحكومة وحزب الأغلبية باتخاذ إجراء يتيح تمثيل المسيحيين فى البرلمان بعيدا عن الكوتة.
التيارات الإسلامية أغمضت عينيها عن المشكلة، بل ساعدت فى تفاقمها وربما لا نجد أحدا يمثل المسيحيين فى البرلمان القادم.
هذا التهميش السياسى يعطى ضوءا أخضر للأقباط بالهجرة لأنهم لا يستطيعون العيش فى مناخ طائفى يمنع وصولهم لمجلس النواب.
غير بعيد عن هذا ما يجرى فى الصعيد خاصة فى نجع حمادى.. حيث يتم خطف أثرياء الأقباط وطلب فدية لإطلاق سراحهم، وهو الأمر الذى اشتكى منه الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادى.
ظاهرة خطيرة للغاية لا يخفف منها غير أن هدفها الأساسى المال وليس الدين.. أو أن هناك مسلمين مخطوفون أيضا، وعلى وزارة الداخلية التصدى لهذا الأمر سريعا وإعلان حقيقة الأوضاع وسرعة تقديم المجرمين للمحاسبة وإصدار عقوبات صارمة بشأنهم حتى تهدأ مخاوف المسيحيين.. الذين يدفعهم عدم الأمان لترك بلدهم.
ولكن أخطر ما حدث هذا الأسبوع وغير بعيد عن سياق الهجرة خروج بعض المنتمين للتيارات الإسلامية بتصريحات تتهم الأقباط أنهم وراء حادث القطار الأخير.. وكنت أتصور أن يصدر الرئيس محمد مرسى بيانا يكذب فيه هذه الادعاءات ويبرئ المسيحيين ويبلغ النائب العام بالتحقيق مع مروجى هذه الشائعات المغرضة التى تهدف إلى تخوين الأقباط وإثارة الفتنة فى المجتمع ومن ثم دفعهم للهجرة.
أرجوكم حكومة ومعارضة مسلمين ودعاة الدولة المدنية أن نواجه هذه الظاهرة الخطيرة.
أخشى أن نظل متجاهلين لهذه القضية والتى تتفاقم يوما بعد يوم، ثم نفاجأ بمصر وقد خلت من مواطنيها المسيحيين.. ووقتها لن ينفع الندم.