
أسامة سلامة
2013 عام الأزهر والأقباط
كل المقدمات تؤدى إلى نتيجة واحدة.
وهى أن هناك هدفين عاجلين للتيارات الإسلامية: إرهاب الأقباط والسيطرة على الأزهر..وأن عام 2013 سيحدد مصير الاثنين.
ورغم مشاركة الأخير فى تأسيسية الدستور، فإن هذا لن ينجيه مما يحاك له.
ولكى ندرك الأمر، يكفى أن نقرأ تصريحات المنتمين لفصائل الإسلام السياسى بمختلف اتجاهاته، وكذلك بعض من يطلقون على أنفسهم لقب شيخ.. حتى نعرف سوء النية تجاه الاثنين.
ففى كل يوم يخرج علينا أحدهم باعترافات ومقولات بعضها يمس الأقباط وحقوقهم وينتقص من مواطنتهم، وبعضها الآخر يوضح محاولات الهيمنة على الأزهر.
يكفى أن نقرأ تصريحات المدعو هشام العشرى - مؤسس ما يقال إنه هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر - لكى ندرك ما يدور، قال فى حوار مع جريدة «الوطن»: «سندعو الأقباط لدخول الإسلام على أبواب الكنائس.. وإذا لم ترض القبطية بالإسلام فيجب أن ترتدى الحجاب حتى لو كانت غير مقتنعة»!
تصريحات خطيرة من رجل قال إنه قدم طلبا للداخلية ليكون ذراعها فى تطبيق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.. وهو ما يدل على وجود مخطط ضد المسيحيين، فلم يحدث فى تاريخ الإسلام أن وقف شخص أو هيئة على أبواب الكنائس ليدعو المسيحيين للإسلام، والسؤال: هل هى تصريحات هدفها إثارة الرعب فى نفوس الأقباط ودفعهم للهجرة؟!.. أم أن الغرض صب الزيت على نار الفتنة كى تزداد اشتعالا، أم أن الخطة هى إجبار بعض المسيحيين على طلب الحماية الدولية.. وما يتبع ذلك من اتهامات بالخيانة والعمالة وعدم الوطنية وضرورة الانتقام والعقاب لمن يظل من الأقباط داخل مصر.. وإذا وضعنا هذه التصريحات بجانب المنشور الذى تم توزيعه فى قرى سوهاج قبل التصويت فى استفتاء الدستور سنجد جزءا آخر من المخطط.. هدد المنشور المسيحيين بالعودة إلى عصر الاضطهاد القبطى.. تكتمل الصورة بما صدر عن الهيئة السلفية بتحريم تهنئة النصارى بعيد الميلاد.. أليس كل ذلك يؤكد أن هناك اتجاها لجعل الأقباط مواطنين من الدرجة الثانية!
نعم هناك تصريحات مقابلة لبعض الإسلاميين تقول إن المسيحيين شركاء الوطن.. وإن لهم ما لنا وعليهم ما علينا.. ولكنها لا تنفى المخطط الذى يدبر للأقباط.
الأزهر أيضا هدف واضح لهذه التيارات.. وقد بدأ المخطط منذ وضع نص فى الدستور يؤكد أن المرجعية فى تفسير مبادئ الشريعة للأزهر الشريف.. والخطة هى إقرار هذا النص ثم التخطيط للسيطرة على المؤسسة الدينية الإسلامية الأولى فى العالم.. ومن ثم تكون المرجعية لهم وليس لوسطية شيوخ الأزهر الأجلاء.. وبالتالى يصدرون الفتاوى ويرسخون اتجاهاتهم بالدستور.. وعلينا أن نتوقع صدور قانون يحدد من هى هيئة كبار علماء الأزهر وكيفية الانضمام إليها.. وسيكون هذا القانون البوابة الرئيسية للتحكم فى اختيار الأعضاء وانتخاب شيخ الأزهر القادم.
لنقرأ معا تصريحات هشام العشرى للزميلة منى مدكور بجريدة «الوطن».
ورغم تشكيكه فيما بعد فى دقة الحوار إلا إن عبارات العشرى كانت مباشرة إلى درجة يصعب معها أن نفهم أن الأمر مجرد خطأ فى الصياغة إذ يقول: مقر هيئة الأمر بالمعروف سيكون فى الأزهر بعد إصلاحه وشيخ الأزهر لن يظل طوال العمر، وإن شاء الله يموت قريبا بإذن الله ونخلص منه ويا رب يموت دلوقتى، فالأزهر فى الدستور سيبدأ فى التعافى وسيخرج من كونه مؤسسة تابعة للسلطات إلى مؤسسة دينية تطبق الشريعة!
هذا الكلام أقل ما يقال عنه إنه ضد الإسلام الذى لا يقر تمنى الموت للمسلم ولا يمكن قبول إهانة شيخ فى قامة شيخ الأزهر من شخص يعمل فى الأصل ترزيا!
كلام بذىء، لكنه يوضح لماذا تم وضع هذا النص فى الدستور، لنتذكر تصريحات الشيخ ياسر برهامى فى الفيديو الشهير الذى قام بنشره على العديد من مواقع الإنترنت، ويكشف فيه كيف تم تمرير مواد بالدستور بالخديعة وأنه تم وضع نص على عدم جواز عزل شيخ الأزهر مقابل عدم الالتفات إلى مواد أخرى، ثم يؤكد أنه يمكن وضع قانون يضع حدا لسن شيخ الأزهر، يخرج عند بلوغه إلى المعاش، إذن الهدف واضح، فتاوى وقوانين وتفسيرات وكلها من الأزهر بعد التمكن منه وخضوعه لهم!
الأقباط والأزهر ماذا سيفعلان؟.. هل يستسلمان لمصيرهما.. أم أنه يمكنهما تجنب هذا المصير؟!
أعتقد أن الاثنين لن يقفا مكتوفى الأيدى، والتاريخ يقول إن المسيحيين واجهوا ما هو أسوأ من ذلك، ولم يتركوا بلدهم وتم استهدافهم أكثر من مرة، لكنهم أبدا لم يهاجروا ويتركوها.
أعلم جيدا أن المسلمين سيكونون أول من يدافعون عن إخوانهم الأقباط وأن أحدا لن يسمح باضطهادهم، وأن ثورة يناير علمتنا أن نقف جميعا من أجل الحرية والعدالة وأن شهداءنا مسلمين ومسيحيين لهم واجب علينا ولن نخذلهم.
أدرك أيضا أن شيوخ الأزهر لن يتركوا التيارات المتطرفة تسيطر عليه وأنه سيظل منارة العلم والوسطية فى العالم الإسلامى.. وعليهم أن يدركوا أن التيارات المدنية أكبر داعم لهم فى مواجهة المتطرفين وأن مسك العصا من المنتصف لن يكون فى مصلحتهم، بل ضدهم.
2013 هو عام الأزهر والكنيسة.. وسيكونان الميدان الذى ستدور على أرضه المعركة الأولى بين التطرف والدولة المدنية.