الإعلام المحظوظ.. ووزير إعلام شاب
تتداول فى وسطنا الصحفى من وقت لآخر مقولة ذكرها الرئيس فى بداية ولايته الأولى وهى: (إن الرئيس عبدالناصر كان محظوظا بإعلامه) قاصدا الدور الذى كان يقوم به الإعلام فى مساندة الرئيس وقتذاك لكل مشاريعه القومية وقرارته والدفاع عنها لكل من يريد أن ينول منها داخليا وخارجيا، وكانت الأقلام تتبارى بحب وصدق فى صيانة تلك الأهداف الوطنية وكانت الوسائل التى يعتمد عليها وقتها هى الصحافة والإذاعة وشاركتهما بقوة السينما حتى انضم لهم التليفزيون عام ١٩٦٠ وبذلك صار المسئول عن إرشاد الرأى العام وتبصيره خمس وسائل فقط بإضافة الكتب المؤلفة حاملة الأفكار ومناقشتها والحقيقة أن الرئيس عبدالناصر أعطى هو الآخر ميزة لإعلامه مما يجعلنا نطلق عليه (إعلام محظوظ) تنبهت لهذا وأنا أشاهد فيلم (ناصر ٥٦) بإحدى القنوات الفضائية التى أذاعته بمناسبة احتفالنا بذكرى القناة الجديدة، ورأيت الرئيس ناصر يلتقى وكبار الصحفيين والكتاب قبل إعلانه تأميم قناة السويس ليعلنهم بالخبر وناقشهم فى مقترحاتهم بهذا الخصوص وجعلهم بذلك مشاركين وليس متلقين مما جعل دورهم هو تقديم ما وافقوا عليه وأبدوا رأيهم بشأنه وليس مشاهدين يكتبون بعد خروج الحدث للعلن فكان واجبهم هو نقل رأيهم المشارك وليس تعقيبا عليه.. وهنا تكمن محظوظية الرئيس والإعلام ببعضهم، ولقد ناقشت نفسى كثيرا هل يجوز للرئيس السيسى أن يفعل مع الإعلام الحالى نفس الشىء بعد أن صارت للوسائل الخمس السابقة فروع انبثقت منها فلم تعد صحافة قومية فقط بل خاصة وحزبية ولَم يعد التليفزيون قناتين محليتين بل تعدت لتصل إلى الفضاء الخارجى وصار عدد كتاب الرأى أضعافا مضاعفة عن عهد الرئيس ناصر علاوة على المواقع والفيس وخلافه فكيف يتم تحديد أصحاب الرأى القادرين على المشاركة ثم توصيل الناتج النهائى إلى الرأى العام؟
ما هى الجهة التى يمكنها أن تحدد للرئيس من يقومون بهذا الدور وما هى المعايير التى يجب أن تتوافر لدى أصحاب الرأى الذين سيقومون بذلك خاصة بعد أن صارت هناك (هوجة كتاب رأى)، من يصدق الاختيار للرئيس من يؤتمن على أن يقوم بهذا؟ هل لنا باختيار لا تشوبه المحسوبية ولا المصالح ويكون التفكير فى الوطن فقط لا غير.. هل لنا أن نغربل الأقلام دون خجل، فى كل الأحوال التساؤلات السابقة تبقى رهينة اختيار من سيقوم بدور الوسيط بين الرئيس والإعلام ليصيرا الاثنان محظوظين، والمقصود بالوسيط هنا هو الجهة أو الشخص الذى يجب أن يكون قادرًا وواعيا بالخريطة الإعلامية بكل وسائلها وأن يكون قارئا جيدا لها يعلم أدواتها وشخوصها، ولذا لا يجوز الزج بأسماء قديمة فى حدث جديد بمعنى أنه يجب أن يكون القائم على هذا هو ابن تلك المرحلة ومن بدايتها يعلم صغيرها وكبيرها، وأنا لن أتوارى فى القول صراحة بأنه يحضرنى شخصية من الشباب الذى عاش وشارك فى التجربة من عام ٢٠١٣ وحتى الآن وهو ضابط لكنه الآن فى أحد الأجهزة المهمة فى الدولة إنه على علم وثقافة لا تتوافر للكثيرين، يتمتع بدرجة عالية من الذكاء قارئ ومحلل لكل الأقلام يعرفه كل الوسط الإعلامى وتعامل معه معظمهم وهو شخص فاعل ومساعد لشخصية ذات حيثية، وعلى قدر كبير من المسئولية،. ونعود لنقول إن هذا الشاب كان ولابد التفكير فيه (وزيرا للإعلام) إنه خير وسيط بين الرئيس والإعلام، والطرفان يعرفانه جيدا ثم إن دور وزير الإعلام هو تنسيق واختيار مع وضع استراتيجية مكتملة الأركان للشكل الإعلامى فى مرحلة فارقة فى تاريخ وطننا..
أقول هذا لأن دورنا أن نضع الكفاءات أمام القيادة السياسية التى تكون على علم بها وقريبة منها ولكن؟. أعود لأقول إن الشخص الذى أتحدث عنه شاعر وكاتب أيضا ويتفاعل يوميا مع الوسط الصحفى كبيره وصغيره، أنا لا أقصد بهذا إزاحة الخبرات فهى الأخرى لها دور ولكن كمشاركة بالرأى والكتابة وأماكن أخرى يكون دورها للاستشارة واكتساب الخبرة، أما التنسيق والإدارة فهما يحتاجان لجهد مع فكر جديد وكل له دوره سواء الحداثة أو الخبرة ولا يمكن أن يستغنى أحدهما عن الآخر، فقط تكامل أدوار بين المقدرة والمعرفة، وهنا سوف يكون السؤال: هل نعود مرة أخرى لوزير للإعلام؟ نعم يجب العودة وبكل سرعة فإن الظرف الراهن لا يحتمل غياب المنسق العام لوسائل الإعلام (الوزير) وهذا ليس عيبا لأننا اجتزنا أيضا تجربة الهيئات الإعلامية ويمكننا تقييم التجربة فإنه على الرغم من وجودها إلا أنها تمثل دور المسئول والمتحدث عن الوسائل المسئول عنها كل منهم، وأيضاً تم تفتيت الصحافة فصارت مشاكل القومية تخص إحداها والخاصة هيئة أخرى وحتى هذه الهيئات افتقدت التنسيق فيما بينها حتى صار الدور منقوصا لدى كل منهم، مما يستوجب دور المنسق العام أقصد (وزير إعلام)، أقول هذا وأتمنى أن يكون لدينا وزير يجعل الإعلام والرئيس محظوظين..