
وائل لطفى
دعاة وفنانات!
أثار خبر زواج الداعية معز مسعود من الفنانة شيرى عادل ضجة كبرى على مواقع الأخبار وشبكات التواصل الاجتماعى، جزء من هذه الضجة يعود إلى ولع الناس بأخبار المشاهير عموما، لكن الجزء الأكبر يعود إلى دهشة الناس من خبر واحد يجمع بين داعية وفنانة حيث لكل منهما سياق مختلف.
وإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعى لدينا قد درجت على الخوض فى الحياة الشخصية للمشاهير بالحق حينا وبالباطل أحيانًا، فإن التدخل فى هذه المرة له ما يبرره، فبطل القصة داعية يحرم أنواعا من الفن ويحل أنواعًا أخرى، وبالتالى يفترض فيه الناس أن يكون متسقًا مع ما يقول.
فى حالة الداعية معز والفنانة فإن ثمة تفسيرات لها علاقة بظاهرة الدعاة الجدد نفسها وتطوراتها.
لكن الحقيقة أنه كان دائما ثمة تداخلات بين عوالم الدعوة وبين عالم الفن.. وكان ما يجمع الطرفين دائما أن كليهما ينتمى لعوالم الشهرة والتأثير.. ففى الستينيات كان زواج أحمد فراج مقدم البرامج الدينية الشهير من الفنانة صباح أمرًا يستدعى التوقف عنده، لم تستمر الزيجة طويلا وصرح الرجل بعد ذلك بما يفيد ندمه.
أما فى الثمانينيات فقد عرفت مصر ظاهرة الفنانات المعتزلات.. كانت الظاهرة سياسية فى المقام الأول ولم تكن الأموال السلفية والخليجية بعيدة عنها.
لعب عدد من الدعاة دورًا كبيرًا فى تحجيب الفنانات وربطت الشائعات بين الدعاة والفنانات فى إطار الزواج.
كانت أشهر شائعة هى تلك التى ربطت بين الفنانة مديحة كامل وبين الداعية السكندرى ياسين رشدى، الذى كان بمثابة مرشدها الروحى.
تكررت نفس الشائعة لتربط بين الفنانة الكبيرة شادية والشيخ الشعراوى، وعندما سأله الصحفى محمود فوزى عن صحة الشائعة رد قائلا: «لن أقول أعوذ بالله لأنها أصبحت سيدة محترمة، ولكن أقول شرفا لا أدعيه».
من الثمانينيات إلى ٢٠١٨ سنجد أنه جرت فى النهر مياه كثيرة.. معز مسعود هو آخر تطورات ظاهرة الدعاة الجدد وأكثرهم اقترابا من فكرة البروتستانية.
هو أقرب لشخص محافظ أخلاقيًا، ينتج الأعمال الفنية بل والأغانى بشرط أن يكون مضمونها متسقا مع صحيح الدين من وجهة نظره!
لدى هذا النمط من الدعاة يتراجع الفهم السلفى لحساب تحقيق الهدف، هو بكل تأكيد لا يسمح لزوجته ولا لبطلات الأعمال التى ينتجها بالحرية فى تجسيد المشاهد، هو يريد فنا معقمًا، بمواصفات خاصة، أقرب للفن الوعظى وللمسرحيات التى تقدمها دور العبادة فى الغرب.
سيطبق هذا على الفنانات سواء تزوجهن أم مثلن فى أعماله، وهن سيلتزمن بهذا سواء عن قناعة أو رغبة فى فرصة للبطولة!!
هل ما يفعله معز مسعود أفضل.. من التحريم الصريح للفن؟ سؤال صعب..لكننا إزاء تطور جينى كبير سواء فى فهم دور الداعية، أو فى فهم الفن، أو فى فهم العلاقة بينهما.