تغيير «دستور» المصالح.. ضرورة وطنية
قام الشعب المصرى كله مدفوعا بحفاظه على الوطن بالموافقة على استفتاء «إجازة الدستور» لكى يفوت على المغرضين أن هناك عراقيل فى تنفيذ خطوات خارطة الطريق التى تم إقرارها فى 3 يوليو كترجمة فعلية لثورة الشعب فى 30 يونيو ورفضه حكم المرشد وجماعته الإخوانية التى أرادت خلال عام واحد أن تقضى على هوية وتاريخ شعب حضارته تمتد جذورها لآلاف السنين… وافقنا جميعا على هذا الاستحقاق الدستورى دون قراءة أو بحث فى متنه اللهم إلا بعض المواد القليلة ذات الأغراض التى كانت تتماشى مع النعرات التى كانت موجودة وقتذاك وأولها تحديد مدة حكم الرئيس ولَم تتطرق لأشياء مهمة وحماية لمكتسبات الشعب؛ على سبيل المثال لا الحصر إلغاء «مجلس الشورى» وربما هذا أكثر الأشياء التى جعلتنى أفكر كثيرا فى مغزى وغرض إعداد هذا الدستور بالشكل الذى صار عليه، خاصة أن الحياة النيابية فى مصر التى كان لها منبران أصبحت منبرا وحيدا هو مجلس النواب.
وعندما نفند مواد هذا المجلس الأوحد نجده هو الحاكم للسلطة فى مصر من حيث علاقته بمؤسسات الدولة المختلفة أو فى إقراره للتشريعات دون إعادة نظر أخرى كان يقوم بها مجلس الشورى الذى كان فى أحيان كثيرة هو مراجعة فعلية للقوانين والقرارات التى تختلف عليها فئات الشعب أو يراها مجحفة فى حقه فيكون التعديل أو التراجع.. أما الآن فإن «مجلس النواب» الموقر هو الكل فى الكل حتى لو التفت الأجهزة والحكومة فى إيجاد مخرج إلا أنه تظل عين المراجعة النيابية الثانية معدومة، وبالطبع كان هذا مقصودا ولَم يكن فيه حسن نية أبدا لأن بلجنة الخمسين التى تكونت فى ظروف استثنائية ولى أن أضيف وبأشخاص استثنائيين لم يؤخذ رأى الشعب إن كان يريد هؤلاء ويثق فيهم وضمائرهم ليقوموا بإعداد الدستور الجديد فى القرن الحادى والعشرين وهل هم مؤهلون لذلك أم لا؟ وهل الجماعات كانت طافية على سطح المجتمع وقتها وفرضتهم علينا فرضا ليملوا هم أيضا شروطهم على اللجنة التى اختاروها بأن تفصل لهم مواد تخدم مصالحهم وأهواءهم؟ وهل يجوز لرئيس تلك اللجنة الخمسينية أن يفصل لنفسه منصبا لا ينافسه فيه أحد فيصير هو الحاكم الناهى بأمره فى البلاد فقام بإلغاء المجلس النيابى الثانى «الشورى» حتى لا تكون هناك مراجعة من أى نوع لقراراته، وبالمناسبة رئيس هذه اللجنة كان ورقة فى يد من كانوا يقفون فى الميدان يضغطون على المجلس العسكرى الذى كان يدير شئون البلاد وعندما كان يفرض نفسه على الساحة السياسية وقتذاك طلب منه المجلس العسكرى أن يأتى رئيسًا للوزراء ويشكل الحكومة لتستقر أمور البلاد نوعا ما وبعد موافقته وكان قد سعى لذلك وقد تم قبوله المنصب فى مساء خميس وتم استدعاء بعض الصحفيين صباح الجمعة قبل الصلاة فى مبنى وزارة الدفاع لإعلانه رئيسا للوزراء ويقول للصحفيين إنه سيقوم بتشكيل الحكومة، إلا أنه وقبل المؤتمر الصحفى بساعة فقط اعتذر تليفونيا للمشير طنطاوى وقال له أصل «بتوع الميدان» قالوا لى بلاش تقبل وعلى الرغم من أنه الساعى للمنصب وطلب أن تكون له صلاحيات لا متناهية وكأنه رئيس البلاد وقد وافق المجلس العسكرى على شروطه، ومع ذلك كذب على الجماعة الموجودة فى الميدان وأيضًا تنصل من موقفه تجاه الوطن فى هذه الظروف.. وكان الأمر معروضا أيضا على الدكتور الجنزورى وقبل الرجل المهمة ومنحه المجلس نفس الصلاحيات التى كان قد طلبها المعتذر، وهل لمثل هذا الذى يأتمر بما يفعل أو لا يفعل أن يتحكم فى أمور البلاد ويفصل دستورا يكون فيه هو الآمر الناهى باعتبار ما كان يسعى إليه ليكون على رأس مجلس النواب.. فى كل الأحوال لقد ذكرت شيئا واحدا من مجموع أشياء يجب قراءتها ومراجعتها ولن أخاف وسأقول هل يعقل أن تكون أقل خطة للدولة حمل مدة أقلها خمس سنوات «خمسية» وتكون مدة حكم أى رئيس أربع سنوات وربما يقول أحد ما يكملها فى مدته الثانية ما الدستور أعطاه مدتين.. وإذا كنّا فى ظروف فرضت أن تكون المدة الأولى استكمالا لمرحلة انتقالية وأن المدة الثانية هى البداية الحقيقية.. فماذا نقول؟