الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
روز اليوسف والدعاة الجدد

روز اليوسف والدعاة الجدد


شهد المجتمع المصرى مؤخرًا حالة من الجدل والنقاش الحاد والخاص من اصطلح على تسميتهم بـ(الدعاة الجدد) إلى المشهد الإعلامى بعد فترة توارى فيها بعضهم وقل نشاط البعض الآخر فى أعقاب ثورة ٣٠يونيو.. ولعل هذا الجدل يستدعى للذهن مجموعة من الملاحظات
يمكن أن نجملها فيما يلى:
أولا: هذا الجدل دليل حيوية ووعى، حيث لم يعد المجتمع ينخدع فى هالات القداسة التى يضفيها بعض هؤلاء الدعاة على أنفسهم، ومع الوعى فإن آلاف الشبان والشابات باتوا على استعداد لأن ينظروا نظرة نقدية لمثل هذه الظواهر التى كان الكثيرون يخشون من مجرد مناقشتها أو الاقتراب منها فى سنوات ما قبل يناير ويونيو.
ثانيا: لنا فى روز اليوسف أن نفخر بهذه الحالة من الوعى والقدرة على كشف ألاعيب بعض هؤلاء الوعاظ المتلاعبين بالدِّين وبالسياسة معا ..حيث كان لكاتب هذه السطور شرف التصدى لهذه الظاهرة التى كنّا أول من أسميناها ظاهرة (الدعاة الجدد) فى عام ٢٠٠١،ولَم يكن ذلك سوى استمرار لتراث طويل من التصدى للمتلاعبين بالدِّين بدءا من الكاريكاتيرات الساخرة التى كانت تسخر من شخصية خيالية لشيخ يحمل اسم (متلوف)ومرورا بالاشتباك مع الشيخ أبو العيون فى أربعينيات القرن الماضى،ثم مع ظواهر مهمة مثل شركات توظيف الأموال فى الثمانينيات، والاشتباك مع عدد من مشاهير الدعاة مثل عمر عبد الكافى وآخرين فى نهاية القرن الماضي.
ثالثا : إننى أعتبر أن تأثير روز اليوسف الهادئ والمتراكم عبر سنوات فى هذه القضية والذى يشبه تأثير الفراشة هو خير دليل على تأثير مؤسسات القوة الناعمة المصرية وضرورة الاهتمام بها ودعمها.
رابعا: إن القول الفصل فى قضية عودة هذا النوع من الدعاة هو السؤال حول الصيغة التى يقدمون بها أنفسهم وهل هم رجال دين أم زعماء سياسيون؟والحقيقة أنهم يقدمون أنفسهم كزعماء شبابيين ومؤثرين فى مئات الآلاف من الشباب على خلفية انتماء ثقافى وروحى واضح لجماعة الإخوان المسلمين ومشروعها الفكرى والسياسى.. والحق أن هذا يدفع للتساؤل.. لماذا نمنح حرية الحركة والتأثير لدعاة ينتمون للإخوان المسلمين كى يؤثروا فى ملايين المصريين ونحرم أعضاء الأحزاب الشرعية الأخرى من هذه الفرصة.. إن هذا فى حد ذاته إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص وإعادة إحياء لجماعة الإخوان المسلمين لا أظن أن أحدا من السذاجة لكى يقبله.
خامسا: إن استضافة داعية مثل مصطفى حسنى فى أكاديمية الشرطة هو خير دليل على الخطأ الذى تقع فيه بعض مؤسسات الدولة المصرية حين لا تدرك أن التصدى للتطرف يبدأ بالفكر لا بالسلاح، وأن دروس هؤلاء الدعاة الجدد هى أحيانا ما تكون المدرسة الابتدائية للتطرف التى يكمل بعدها البعض طريقهم ليتحولوا إلى إرهابيين، وبالتالى فلا يجوز أن يتصدى ضباط الشرطة للإرهابيين بالسلاح بينما هما يتركون سلاح التطرّف يخترق عقولهم.
سادسا: دون حركة دراسة جادة لهؤلاء الدعاة ومناهجهم وأفكارهم فسيبقى الجميع وكأنهم يبحثون عن قط أسود فى غرفة مظلمة لا يضىء فيها سوى بعض الأضواء المخادعة التى يطلقها بعض هؤلاء الدعاة من وقت لآخر.