
وائل لطفى
رسائل مؤتمر الشباب
أكتب مقالى هذا بعد ساعات من انتهاء وقائع المؤتمر الخامس للشباب.. والذى انعقد بعد أيام قليلة من قرار رفع سعر تذاكر مترو أنفاق القاهرة وما تلاه من حالة جدل كان لها أسبابها المفهومة من مستخدمى المترو، حتى لو سلمنا أن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وكوادرها قد حاولوا استغلال الموقف وقد فعلوا وسيفعلون دائما.
وكما توقع الكثيرون، فقد خصص الرئيس جزءا كبيرا من حديثه لمناقشة موضوع الإصلاح الاقتصادى وشرح الدوافع التى تجعله يرى الإصلاح حتميا ولا رجعة فيه.. ولعلى أسجل هنا مجموعة من الملاحظات حول اللقاء وحول وقائع المؤتمر:
أولا: أعتقد أن منسوب الرضا والتفهم لما تم من إجراءات قد زاد بعد اللقاء.. وأن اللقاء أغلق الطريق أمام مساحات من التربص والتزيد من أعداء الدولة لم يكن ينبغى أن تترك.. والمعنى هنا أنه حتى الذين لم يقتنعوا بإجراءات الإصلاح الاقتصادى والمعاناة التى ستتركها على المواطنين.. حتى هؤلاء تفهموا دوافع الرئيس فى اللجوء لهذه الإجراءات وتفهموا أننا مجبرون عليها وأنه ليس أمامنا طريق آخر.
ثانيا: اختار الرئيس أن يتحدث مع الناس بلغة أخوية بسيطة أكثر مما تحدث كصاحب سلطة يجبر الناس على الانصياع لقراراته وفِى رأيّ حديث الرئيس فى المؤتمر الخامس نجح فى أن ينقل الصورة الإنسانية الحقيقية للرئيس ولَم ينافسه فى هذا سوى الفيلم التسجيلى «رئيس وشعب».
ثالثا: حرص الرئيس على أن يمنح الناس أملا فى الغد وأن يخبرهم أن المعاناة سيكون لها مردود على الأبناء والأحفاد إن لم يكن عليهم بشكل مباشر، ولعله فى هذا كان يقوم من آثار كتابات تحمست لدرجة التفلت وراحت تؤنب الناس وتعايرهم، فى حين أن الناس فى حاجة لمن يمنحهم الأمل ويستنهض همتهم ويشركهم فى الأمر من البداية للنهاية وهو ما فعله الرئيس ببراعة ليست غريبة عليه.
رابعا: قال الرئيس بصراحة إنه رجل صاحب مبدأ، وصاحب رسالة يُؤْمِن بها، وأنه ليس سياسيا يتلاعب بالجماهير وبضغط وقتما يتاح له الضغط ويتراجع إذا وجد أنه فى خطر، والحقيقة أن الرئيس قدم نفسه كصاحب قضية يُؤْمِن بها لدرجة أنه قال إنه على استعداد للرحيل إذا كان هذا هو ثمن تصميمه على ما يُؤْمِن به.
خامسا: بدا الرئيس ملما بتفاصيل العمل الوزارى والحكومى اليومية لدرجة أنه لا يتابع الوزراء فقط، ولكن متابعته وصلت أيضا لنواب الوزراء حيث بدا واضحا أنه يعرف مهام وتكليفات نائبة وزير الزراعة منى محرز والأمثلة كثيرة فى هذا السياق.
سادسا: حضر اللقاء عدد من رؤساء الأحزاب وبعض الشخصيات المعارضة «منهم من وقع على بيان القوى المدنية الرافض لانتخاب الرئيس»، بالإضافة إلى أن إحدى جلسات المؤتمر استضافت شبابا معارضا بدرجات مختلفة وهو ما يشى باستعداد للحوار ينبغى البناء عليه وحمايته من تطرف المتطرفين فى كل الاتجاهات سواء هنا أو هناك.
سابعا: كان حديث الرئيس مع د. هالة السعيد والذى فهم منه البعض أنها ربما تكون رئيسا محتملا للوزراء بالإضافة لمشهد الشباب على المنصة موحيا بتمكين متزايد للمرأة والشباب وهى سياسة حرمت مصر منها كثيرا فى سنوات ما قبل ثورة يناير.
ثامنا: لا يعنى الحديث المريح والصريح للرئيس مع الشعب أن كل المشاكل قد تم حلها، لكن يمكن القول إن حالة الاحتقان قد خفت وأن هناك خطوات كبيرة ينبغى أن يقوم بها القطاعان الأهلى والخاص لتخفيف عبء الإصلاح عن كاهل الفقراء ولهذا حديث آخر إن شاء الله.