الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
المصالحة «المسمومة»!

المصالحة «المسمومة»!


من حين لآخر يتكرر الحديث عن ضرورة المصالحة مع جماعة الإخوان التى قالت أحكام القضاء إنها جماعة إرهابية.. يتكرر الحديث مع ظهور مبادرات مختلفة كان منها مبادرة د.سعد الدين إبراهيم.. وكان منها أيضًا أفكار طرحها الأستاذ عماد الدين أديب فى برنامج تليفزيونى، ثم كانت المبادرة الثالثة التى طرحها الأستاذ كمال الهلباوى،وهو قيادى إخوانى كبير اختلف مع قيادة الجماعة عام 2012 لكنه لم يترك أفكار الجماعة ولا مذهبها، وقد أعاد الرجل طرح مبادرة سمعتها منه فى عام 2014 أثناء مشاركتنا سويًا فى أحد البرامج التليفزيونية.
لقد كُتبت وستكتب عشرات المقالات فى رفض فكرة المصالحة، وقيلت عبارات صادقة وحقيقية وموجعة عن دماء الشهداء التى أهدرها الإرهاب والتى تجعل المصالحة فكرة صعبة بل مستحيلة، إن كل كلمة قيلت فى هذا الإطار لها وجاهتها.
وشخصيًا فقد أضافت هذه الجرعات العاطفية لى مددًا جعلنى أتأكد من صواب موقفى فى رفض فكرة المصالحة، ولكن هذا ليس هو السبب الوحيد لرفض فكرة المصالحة.. إننا لكى نحكم على فكرة المصالحة مع الإخوان يجب أن نعرف لماذا ظهرت جماعة الإخوان؟ ومن الذى دعم ظهور جماعة الإخوان.. ومن المستفيد الآن من الدعوة لإعادة جماعة الإخوان.
لقد لاحظت أن عددًا من الوجوه المحسوبة على اليسار وعلى المعارضة المدنية يروّجون لفكرة المصالحة مع الإخوان.. وأنا سأطرح ثلاثة أسئلة، عن الإخوان فى ثلاث مراحل. وسأضع إجابة عن مرحلة منها على الأقل.
لماذا ظهرت جماعة الإخوان فى الإسماعيلية عام 1928؟ ولماذا دعمتها شركة قناة السويس بخمسمائة جنيه مصرى؟
من الذى توسط لعودة الإخوان فى السبعينيات؟
من الذى من مصلحته أن يعود الإخوان الآن؟
إننى سأجيب على السؤال الثانى من خلال شهادة طازجة طرحها المفكر المصرى د.طارق حجى على صفحته الشخصية فى موقع الفيس بوك.. وهو يقول فى شهادته حرفيًا:
«منذ قرابة 25 سنة دعانى الدكتور خيرى سمرة عميد كلية طب قصر العينى على عشاء ضيق ببيته. وكان دكتور خيرى وكاتب هذه السطور هما الوحيدان الذى يذهب البابا شنودة للعشاء ببيتيهما. يومها كان الحاضرون هم البابا شنودة «والأمير طلال» شقيق الملك سلمان، والسيد/ كمال أدهم والذى هو من جهة شقيق عفت زوجة الملك فيصل، ومن جهة أخرى فهو كان رئيس المخابرات السعودية عندما أصبح أنور السادات رئيسًا لمصر فى أكتوبر 1970.
يومها سألت كمال أدهم: هل كان للسعودية أى دور فى حال الأخونة والهوس الدينى التى ضربت المجتمع المصرى مع تولى السادات رئاسة مصر؟ فقال لي: بتنسيق ما بين ثلاثة أطراف هى المخابرات الأمريكية والمخابرات السعودية التى كنت وقتئذ رئيسها والرئيس السادات وضعنا ونفذنا خطة دفع المجتمع المصرى للحالة الدينية «الإسلامية» التى شاعت فى مصر وقتها وكان من أشد مؤيديها شيخ الأزهر عندئذ عبدالحليم محمود وعثمان أحمد عثمان وعدد من الإعلاميين كان على رأسهم أحمد فراج الذى استقدم من السعودية الشيخ متولى الشعراوى ليكون رأس حربة هذا المشروع. وأضاف: وقد استبسل بعض المحافظين فى خدمة هذا المشروع وكان أهمهم محافظ أسيوط محمد عثمان الذى وضع خطة معادية لليساريين وللأقباط، وهى الخطة التى نالت إعجاب أنور السادات وكانت تقوم على تأسيس أكبر عدد من المعاهد الأزهرية والإيعاز لطلابها بالتصادم مع الطلبة اليساريين والأقباط. وختم كمال أدهم حديثه بقوله: وقد فعلنا نفس الشيء فى الجزائر وكان رجلنا الأهم مصريًا وهو الشيخ محمد الغزالى والذى أفتى بعد ذلك بقتل المفكر المصرى فرج فودة!!!».
انتهى نص شهادة طارق حجى،ورغم أن هذه الشهادة لا تتحدث حرفيًا عن وساطة «غربية»؛ للإفراج عن الإخوان، إلا أن عدة كتابات مهمة أشارت لهذه الوساطة، التى كانت سببًا للإفراج عن الجماعة من السجون، ثم إتاحة الفرصة لها للعمل والسيطرة على المجتمع.. وهو ما كان من نتيجته اغتيال الرئيس السادات خلال سنوات قليلة على يد تنظيم خرج من عباءة الإخوان.
وفى ظنى أن «الدوائر الغربية» التى دعت للمصالحة فى السبعينيات وقتها، هى التى تدعو للمصالحة الحالية عبر وسطاء مصريين هذه المرة.
«بعد أن أدركت المملكة خطر الإخوان».. وبقى أن يدركه بعض المصريين!