
وائل لطفى
طه حسين يدعم طارق شوقى!
هل تعرف ما هو الشىء الأسوأ من عدم طرح القضايا للنقاش؟
الأسوأ من عدم طرح القضايا للنقاش أن نتعرض للقضايا بغير علم ولا دراسة، ولا استماع لوجهة نظر المسئول الذى يطرح الفكرة.
والأسوأ من عدم طرح القضايا للنقاش أن نرفض الفكرة التى يطرحها المسئول رفضًا مبدئيًا لمجرد كونها صادرة عن مسئول يمثل جزءًا من السلطة التى نتخذ منها موقفًا لمجرد أنها سلطة..أو لأننا نرى أن المعارضة هى الموقف الأسلم أخلاقيًا.
إننى ألمح شيئًا من هذا.. أو هذا كله فى الهجوم الذى يتعرض له د.طارق شوقى وزير التعليم لمجرد أن الرجل يحلم فى إصلاح جذرى لحال التعليم المصرى ويضع رؤية أرى أنه مؤهل تمامًا لوضعها بحكم تعليمه وخبرته الدولية وانتفاء أَى شبهة مصلحة شخصية فيما يذهب إليه.
إن العجيب فيما يقوم به البعض أننا نحبذ الفكرة ونستحسنها طالما بقيت فكرة على الورق.. وما أن يتبناها مسئول ما ويقرر تنفيذها حتى ننبرى لمعارضتها وكأنها قد تحولت إلى شر مطلق طالما قد مستها أيدى المسئول.
وفِى هذا السياق سنجد أن عشرات الكتاب والمفكرين قد تحدثوا عن ضرورة توحيد التعليم الأساسى ومناهجه كى ينتج شخصية بها ملامح الحد الأدنى من الانتماء للمجتمع بعد أن تنوعت مشارب ولهجات ومناهج المدارس الدولية العاملة على أرض مصر وباتت تنتج مواطنين يشعرون بالغربة فى مجتمعهم ويملؤهم الحنين للهجرة للدول التى درسوا مناهجها فباتوا يشعرون بانتماء طبيعى لها مع ملاحظة أننا نتحدث عن طلاب تنتمى عائلاتهم للنخبة الاقتصادية، والاجتماعية فى مصر.. ما يؤهلهم للعب أدوار مهمة فى مستقبل هذا البلد بينما هم يشعرون بالاغتراب عنه.. كتب الجميع هذا واتفقنا جميعًا عليه، وما أن طرح الوزير ملامح أولى لمشروع يقضى بتعريب تدريس العلوم والرياضيات فى مدارس وزارة التربية والتعليم التجريبية حتى انهال عليه الهجوم من كل حدب وصوب.. وكان أظرف ما قيل فى الهجوم والأكثر جهلًا أيضًا أن الوزير يريد أن يحرم الطلاب من التعليم الأجنبى رغم أنه هو نفسه خريج للتعليم الأجنبى !!
وأنا لا أعرف هل تلقى الوزير تعليمه فى مدارس حكومية أم لا؟..
لكننى أريد أن أسأل هؤلاء.. هل تظنون أن طه حسين كان خريج المدرسة الفرنسية فى المعادى؟
هل تعتقدون أن أحمد زويل كان خريج المدرسة البريطانية فى التجمع الخامس؟
هل تظنون أن لويس عوض أو جابر عصفور خريجا مدارس أجنبية؟
إطلاقًا درس هؤلاء فى مدارس حكومية كانت تقدم تعليمًا جيدًا «طه حسين درس فى الأزهر» ثم عندما ظهر نبوغهم استكملوا إتقان اللغة الأجنبية ثم حصلوا على بعثات فى الجامعات الغربية.. وما أريد أن أقوله أن المهم أن يكون التعليم المصرى جيدًا سواء كان يتم تدريس العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية أم لا..
اتركوا الفرصة للمسئول الذى يريد تطوير التعليم وكفانا سنوات وعقودًا طوال انعدمت فيها الرغبة فى الحلول الجذرية وتركت فيها الشخصية المصرية نهبًا لكل صنوف الغزو الثقافى سواء من الشرق أو من الغرب..واعلموا أن تأييد التغيير يحتاج إلى شجاعة لا تقل عن معارضة الجمود..لأن تأييد التغيير هو ببساطة معارضة للجمود والتخلف.