
وائل لطفى
ثلاثى أعداء الأمة
الكثيرون وصفوا كلمة الرئيس السيسى فى القمة العربية بأنها تاريخية، من وجهة نظرى هى كذلك بالفعل .. إقرارى بهذا لم يمنعنى أن أسأل نفسى..لماذا هى تاريخية؟
فى تقديرى أن قيمة الكلمة تنبع من أنها طرحت على العرب رؤية لواقعهم فى هذه اللحظة، الأشياء توصف بأنها تاريخية حين تمسك بروح اللحظة التى تحدث فيها وتطرح خطوة للأمام للتعامل معها ..يحدث هذا مع القرارات الكبرى، وينطبق على الخطابات أيضًا حين تطرح رؤى واضحة حتى ولو لم تكن جديدة.
فى كلمته تحدث الرئيس –دون أسماء – عن الثلاث قوى الإقليمية الكبرى فى المنطقة، قال إن الأمن الإقليمى العربى يواجة تحديات غير مسبوقة وأن بعض الدول العربية تواجه خطر الفناء، تحدث الرئيس عن دول إقليمية تهدر حقوق الجوار وتحدث عن دولة لها قوى عسكرية على أراضى دولتين عربيتين وكان يقصد تركيا بكل تأكيد، وتحدث أيضًا عن دولة تكون مناطق نفوذ تابعة لها فى وطننا العربى وكان يقصد إيران بكل تأكيد، وتحدث عن دول عربية تتواطأ مع هذه القوى وكان يقصد قطر بكل تأكيد، وتحدث أيضًا عن مصادرة حقوق الفلسطينيين فى القدس وكان يقصد إسرائيل بكل تأكيد، فى تقديرى أن الرئيس كان يحاول بث الروح فى النظام العربى..وأنه كان يقصد أن يذكر القوى الإقليمية الثلاث فى خطاب واحد، ولا يعنى هذا أننا ندق طبول الحرب تجاه هذه القوة الإقليمية أو تلك، ولا يعنى أيضًا أن درجة الإزعاج التى تسببها القوى الثلاث للعرب واحدة فى كل الأوقات، فبعضها ينشط حينا ويخمد نشاطه حينا، وبعضها يتغول بالقوة فى لحظة معينة أو ينصرف عنها فى لحظة معينة، لكن الأكيد أن التجربة أثبتت أنه (ما حك جلدك مثل ظفر ) وأن النصائح التى قدمت للعرب بالاستعانة بقوة إقليمية ضد القوى الأخرى لم تكن نصائح مجدية، وأن الأمر المجدى الوحيد هو أن يتولى العرب زمام أمورهم بأنفسهم وأن يضعوا لأنفسهم مقعدًا على المائدة التى يتقرر فيها مستقبل المنطقة ودولها، لذلك لم يكن غريبًا أن يشير الرئيس إلى مبادرات مختلفة تم طرحها لتشكيل قوة عربية مشتركة، ورغم أن الظروف لم تسمح بتحويل المبادرات إلى واقع إلا أن المستقبل ما زال مليئًا بالفرص.. خصوصًا وأن الواقع يفزض على العرب أن يناضلوا لآخر لحظة حتى لا يتحولوا للقمة سائغة تلوكها الأفواه ثم تلفظها..
فى كلمة الرئيس كان هناك استلهام لدور مصر فى الخمسينيات والستينيات..لكن ما يدعو للأمل أننا تخلصنا من اللغة العنترية وأننا نتحدث لغة الواقع وما أروع أن تتمسك مصر بدورها فى إيقاظ العرب وتنبيههم وأن تتحدث لغة الواقع فى نفس الوقت وكان الرئيس يتلافى عيوب الستينيات والسبعينيات والتسعينيات وما تلاها فى خطاب واحد .