
وائل لطفى
مصر تستطيع
لو لم يفعل مؤتمر (مصر تستطيع) شيئا سوى تبنيه لهذا الاسم وتكراره على أذهان المصريين لكفاه ذلك فخرا، ذلك أن الدورة الثالثة لهذا المؤتمر تصر للعام الثالث على أن تذكر المصريين بأنهم يستطيعون وأن مصر تستطيع بهم ومعهم بعد سنوات طويلة كان يقال لهم فيها إنهم لا يستطيعون، وكان رئيس الدولة يخاطبهم قائلا: (أجيب لكم منين)؟، فى حالة نادرة من عدم الإيمان لا بالناس ولا بالنفس ولا بقدرة الإنسان على أن يغير ما يريد ،أو على الأقل أن يكافح فى سبيل تحقيق ما يريد.
تحت هذا الشعار الرائع (مصر تستطيع) كان لى حظ التواجد وسط كوكبة رائعة من علماء مصر وإعلامييها لمدة أربعة أيّام خصصت لتدارس أطروحات علماء مصر فى مجال المياه والرى حول سبل مواجهة أزمة المياه ،وكان ما أثلج صدرى حقيقة أن مصر تحتفى بعلمائها بعد سنوات طويلة من ازدراء العلم والعلماء وسخرية أفلام السينما والدراما منهم ..حيث كان العالم المصرى يصنع (الفنكوش) ويقضى أيامه فى اختراعه!، أو يبدو غريبا كئيبا ينعزل عن الناس فى معمله حتى تخاطبه الكائنات الفضائية.. أسعدنى وأثلج صدرى أن أرى علماء مصر على المنصة يعرضون أفكارهم بطرق غاية فى الجاذبية والإمتاع ولسان حالهم يقول إنهم رسل الحضارة العالمية إلى مصر ،وأنهم أبناؤها البررة الذين لم نشكرهم، نشوة الثروة والتقدير الذين ينالونهما فى جامعات العالم المختلفة وأنهم لبوا نداء مصر حين نادتهم وأنهم اختاروا أن يأتوا إلى هنا ليشاركوا بدلا من أن يجلسوا على الضفة الأخرى ليقذفوا مصر بالحجارة.
كان من اللفتات الرائعة أيضا أن إدارة المؤتمر قد اختارت أن تضع صور العلماء المشاركين فى بوسترات ضخمة وكأنها تقول إنه آن الأوان أن ينال العلماء نصيبهم من النجومية بعد سنوات طوال كانت فيها النجومية من نصيب دعاة البيزنس الدينى وأبطال الأفلام التجارية ولاعبى الكرة.. ورغم أهمية هذه المجالات إلا أن الغريب واللافت أن النجومية كانت طوال السنوات الماضية من نصيب النماذج الشائهة والفهلوية منها فى أغلب الأحوال..
وإذا كان ثمة شىء بحثت عنه ولَم يتحقق فى هذا المؤتمر فهو أن تخصص جلسات لكبار العلماء فيه، يروى فيها كل منهم تجربته الشخصية فى الحياة، والمصاعب التى واجهته، والعقبات التى اجتازها حتى وصل إلى ما وصل إليه، وفِى ظنى أن هذه القصص ستكون منبع إلهام لمئات الآلاف من الشباب فى مصر تحاصرهم الصعوبات ويظنون أن أحدا لم يواجه صعابا قبلهم.. ولعل وزيرة الهجرة وطاقمها الكفء يضيفون مثل هذه الجلسة فى قادم المؤتمرات.. لقد منحنى مؤتمر (مصر تستطيع) شحنة من الطاقة الإيجابية كنّت فى أمس الحاجة إليها وكانت رسالته أن العلم والمهنية هما طريق الشرفاء إلى تحقيق ما يريدون وهما أيضا طريق مصر لتحقيق ما تريد.
أما على المستوى الشخصى فلا أُذيع سرا حين أقول إننى منحاز لكل امرأة تتصدى للعمل العام فى مجتمع مازال يضطهد النساء، وأننى منحاز لوزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم التى تجمع بين التعليم الجيد والروح القيادية والإخلاص الوطنى وهو ما ينطبق على أفراد طاقمها الصغير والملهم ولا أملك إلا أن أدعو أن يكثر الله من أمثالهم فى مصر لأن ذلك هو طريقها الوحيد الآمن نحو المستقبل.>