
وائل لطفى
مقاولو الهدد فى السياسة المصرية!
ليس الهدف من هذا المقال الهجوم على أشخاص ولا على تيارات بعينها بقدر ما يهدف إلى التوقف أمام ظاهرة طالما شهدتها السياسة المصرية والمعارضة المصرية بالتحديد، وهى أنها كانت تعرف دائمًا ما ترفضه لكنها لم تكن تعرف بنفس اليقين ما الذى تريد بناءه وما إذا كانت تملك القدرات اللازمة لهذا البناء أم لا؟.
وكما يعرف الكثيرون فإن «مقاول الهدد» هو ذلك الشخص الذى يتخصص مع فريقه فى هدم الأبنية القائمة بالفعل وإزالتها ثم بيع أنقاض البناء بعد تقسيمها لأقسام مختلفة ، وهو يختلف عن «مقاول البناء» الذى يقوم بوظيفة عكسية وهى تعمير الخرائب وتحويلها إلى مبان ومشروعات يستفيد بها الناس.
وكما هو واضح فإن الوظيفتين متعارضتان ولو شكليًا ،وكما هو واضح أيضًا من مصلحة «مقاولى الهدم» أن تتخذ قرارات الإزالة بسرعة كبيرة ذلك أن هذا هو ما يوفر لهم الفرصة لممارسة العمل الذى يتقنونه ولا يكادون يعرفون غيره، ولا يظنون أنهم يستطيعون خدمة المجتمع بغيره، مع مراعاة أنهم كثيرًا ما يظنون أن الهدم هو الخطوة الأولى نحو البناء، بغض النظر عن ما إذا كان ذلك صحيحًا، أو كانوا يملكون القدرة على البناء أم لا؟.
ينطبق هذا بكل تأكيد على دعوة مقاطعة الانتخابات الرئاسية المصرية ومحاولات التشكيك فى شرعيتها دون مراعاة لخصوصية الحالة المصرية، ودون مراعاة لمصلحة الوطن، ولما تقتضيه طبيعة المرحلة.. فحقيقة الأمر أنه لم يتم استبعاد أى مرشح مدنى ترشح لمواجهة الرئيس ، ما تم هو تطبيق القانون على رئيس أركان سابق رأت المؤسسة العسكرية أنه خالف القانون حين ترشح دون الحصول على إذن، أما فى حالة الفريق شفيق فأغلب الظن أنه رأى أنه ليس من مصلحته الشخصية أن يترشح وفق حساباته الخاصة، وفِى الحالتين لم يكن من المنطقى أن يترشح أكثر من مرشح ينتمى للمؤسسة العسكرية لأن لهذا آثارًا خطيرة على المؤسسة يقدرها قادتها أكثر من غيرهم، ولعل اللافت للنظر أن التيار المدنى ظل طوال السنوات الماضية فى حالة انسحاب وانزواء ولَم يسع لمواجهة الضغوط التى تعرضت لها الحياة السياسية ولا لمجابهتها، ولَم يسع للاستقرار على مرشح بديل، ثم خرج فجأة ليعلن مقاطعته للانتخابات وعدم اعترافه بشرعيتها، وهو ما يرجح نظرية إجادة بعض سياسيينا لمقاولات الهدم وليس لمقاولات البناء.
ومن زاوية أخرى فنحن أمام رئيس اجتهد فى الإنجاز وهو بكل تأكيد يحتاج إلى فترة ثانية كى يستكمل ما بدأه، فى بلد يواجه خطر الإرهاب والتدخل الخارجى، ومن ثم فإن وقوف التيار المدنى أو بعض قادته فى معسكر الإخوان المسلمين وقوى الإرهاب هو مؤشر خطر كبير على هذه القوى وعلى مصداقيتها وعلى الأفكار التى تمثلها..والله أعلى وأعلم.>