
وائل لطفى
هل أنت حقا من هنا؟
الأستاذ (عز الدين شكرى) .. قرأت مقالك الذى يحمل عنوان (رسالة إلى الرئيس.. نحن لا نقتل الأسرى) والمنشور فى المصرى اليوم بتاريخ يونيو الماضى، لقد فهمت من السياق أنه تمت إعادة نشر المقال عقب صدور أحكام الإعدام بحق الإرهابيين الذين ارتكبوا حادث كمين الفرافرة، وبالتالى فإننى أفهم أنك تطالب بعدم إعدام إرهابيين ارتكبوا أعمال قتل فى حق مواطنين مصريين أولا، وجنود فى القوات المسلحة ثانيا.
لقد أثار مقالك عند إعادة نشره ردود فعل غاضبة على جميع المستويات، ومع هذا فإننى أحببت أن أخصص مقالى هذا للرد عليك، لأن ما قلته خطير جدا على عدة مستويات، أولها أنك تبتدع موقفا جديدا وتخرج عن إجماع المثقفين المصريين منذ عقود وحتى الآن، لقد فرق المثقفون المصريون دائما بين معارضتهم للسلطة وبين موقفهم الجذرى من الإرهاب، لقد عارض اليساريون عبدالناصر ودخلوا سجونه ثم تصالحوا معه.. لكنهم فى كل الأحوال كانوا ضد الإرهاب وضد الاتجار بالدين، وهو نفس ما فعله الليبراليون فى عهود الحكم المختلفة التى انتمى حكامها لثورة يوليو وما بعدها، لكنك الآن تبتدع منهجا جديدا وتدافع عن حق الإرهابيين فى القتل باسم الدفاع عن الحق فى الحياة.. فهل أنت مدرك لخطورة اللعب مع الإرهاب.
إننى لا أنكر أنك أديب مرموق وأنا شخصيا أعجبتنى بعض رواياتك، ولكن هذا لا يمنعنى من أن أقول لك إن مقالك مليء بالمغالطات المخزية منها اعتبارك تنفيذ حكم الإعدام فى المقبوض عليهم (يتخطى حدود القصاص إلى الانتقام والقتل العمد)، وهذه مغالطة كبيرة منك، ذلك أن المقبوض عليهم هم متهمون بالقتل تمت محاكمتهم وفق نصوص القانون وثبت فى حقهم الاتهام، ومن ثم فإن تنفيذ العقوبة هو تطبيق لصحيح القانون، وإن كان ثمة انتقام فى الموضوع فهو انتقام المجتمع ممن حاولوا هدمه، لكن هذه ليست المغالطة الوحيدة، ذلك أنك ترتكب مغالطة أخرى تصل إلى حد الجريمة حين تساوى بين الإرهابيين القتلة الذين يسفكون الدماء وبين عاملين مصريين تم إعدامهم خطأ مثل خميس والبقرى ( عاملان تم إعدامهما عام 1954 عقب إضراب كفر الدوار)، إنك تتساءل فى براءة: (هل ردع إعدام محمد خميس ومحمد البقرى العمال عن الإضراب؟).. أى قدرة على المغالطة تلك التى تجعلك تساوى بين عاملين كانت كل جريمتهما تحريض زملائهما على الإضراب فى وقت حرج، وبين إرهابيين قتلة يقودون حربا ضد المصريين ويستعملون كل تكتيكات الحروب الحديثة من أجل قتل الجنود والضباط المصريين وتيتم أبنائهم، إنك تمارس نفس اللعبة الخبيثة مرة أخرى حين تساوى بين الإرهابيين وتجار المخدرات وتسأل: (هل ردع الإعدام تجار المخدرات عن نشر سمومهم بين الناس؟)، إنك هنا تمارس نفس اللعبة الخبيثة، وتساوى بين الإرهاب وبين الجرائم العادية، وأنا أقول لك إن الإرهاب ليس جريمة عادية إنه أفظع الجرائم وأكثرها وحشية وخسة وبالتالى فإن عقوبة مرتكبه يجب أن تتماشى مع ما ارتكبه من جرم.
إننى مندهش جدا من قدرتك على المغالطة وخداع الذات وسوق الحكم الساذجة لبيع فكرة فاسدة مثل فكرتك وبالذات حين تقول: (كلما قلت دموية المجتمع كلما نأى بنفسه عن الفعل الذى يكافحه).. هههه هل أنت معنا هنا فى مصر، نحن نواجه حرب وجود، وإرهابًا يتسلل من الغرب والشرق معا، وإرهابيين يستخدمون أسلحة جيوش، وخطط حرب عصابات يضعها وينفذها محترفون، فأى فعل هذا الذى نكافحه ولا يجب أن نرتكب مثله؟، نحن نواجه حرب بقاء لو كنت معنا، أنت لا تتحدث عن إعدام مجموعة من المراهقين ارتكبوا جريمة قتل، أنت تتحدث عن أعضاء فى داعش والقاعدة يستهدفون الكنائس والمساجد والجنود ويحولون الناس إلى إشلاء فى غمضة عين.. فهل أنت حقا معنا؟؟