
وائل لطفى
أمريكا حليف مريع!
فى عددها الصادر الثلاثاء الماضى شنت نيويورك تايمز هجوما على مصر قالت فيه إن مصر «حليف فظيع» وأنا أرد وأقول إن أمريكا حليف مريع، وأقول أيضًا مع المتنبى إنه من نكد الدنيا على المرء أن يصادق من ليس من عداوته بد، وهذا هو حال مصر مع أمريكا عموما ومع الرئيس الأمريكى ترامب خصوصا، لكن هذا ليس هو الموضوع الذى أريد أن أتحدث فيه..
الموضوع الرئيسى هو أن النيويورك تايمز ساقت ما تظنه أدلة اتهام ضد مصر فى حين أننى أعتقد أنها أدلة شرف مصر واستقلاليتها ووطنية نظامها، أما الموضوع الآخر فهو أنك تستطيع أن «تبرم» أدلة الاتهام هذه وتظعها فى عين كل من اتهم مصر والرئيس السيسى بالتبعية لأمريكا، أو للرئيس ترامب.. تقول نيويورك تايمز: إن «مصر سلكت طريقا يبعد عن توجهات الولايات المتحدة، بل وأضرت بمصالحها الخارجية فى ضوء إحراج القاهرة واشنطن فى مجلس الأمن»، وأقول إن مصر ليس مطلوبا منها أن تتخلى عن عروبة القدس، أو أن توافق على أن تصبح القدس عاصمة لإسرائيل، وأن لا أحد يستطيع دفع ثمن ذلك، لذلك فموقف مصر فى مجلس الأمن هو الموقف الطبيعى وهو دفاع عن دور مصر أكثر مما هو عداء لأمريكا، وتقول النيويورك تايمز إن «مصر وقعت اتفاقا مع روسيا بقضى بأحقية الدولتين فى استخدام متبادل للقواعد الجوية»، وأقول إن ما يضايق أمريكا هو التقارب مع روسيا، وما يضايقها أنها لم تعد المتحكم الوحيد فى رقبة مصر، وأن العلاقة لم تعد علاقة تبعية كما كانت فى عصر مضى، أما الاتهام الثالث فهو مثل الاتهام الأول وهو اتهام لمصر بالعروبة، فالجريدة تتهم مصر بدعم الجيش الليبى الذى يناهض الحكم الإخوانى فى طرابلس والذى يحظى بدعم أمريكا، والحقيقة أن مصر هى التى يجب أن تتهم أمريكا وآخرين بدعم الإخوان فى ليبيا بعد كل ما كان، ليبيا منطقة مهمة للأمن القومى المصرى، وهى منطقة نفوذ حيوى، والانهيار الأمنى فيها يؤثر على مصر بشدة، لذلك فإن ما تراه مصر صوابا يكون هو الصواب، إذ لا يفتى فى ليبيا ومصر على حدودها.
الجريدة تتهم الجيش المصرى بأنه يرفض تلقى تدريبات أمريكية على مقاومة الإرهاب، وهذا اتهام مضحك، فلا يوجد جيش وطنى يلام على أنه يرفض اختراقه من ضباط دولة أخرى، وقد طردت مصر الخبراء الروس وهى تستعد لحرب أكتوبر، ولم يمنعها ذلك من تحقيق الانتصار، وهو ما سيحدث فى سيناء قريبا بإذن الله.
كل الاتهامات التى تسوقها الإدارة الأمريكية، وتنشرها نيويورك تايمز هى بالنسبة لى أدلة الشرف والاستقلال كما قلت، أما ما تطالب به من تخفيض المعونة العسكرية الأمريكية والتى تقدرها بخمسمائة أو ثمانمائة مليون دولار فهى عقوبة انقضت مدتها، ذلك أن مصر تجاوزت فى نوعية وحجم تمويل وتنوع تسليحها ما تأتى به المعونة، وأظن أن هناك من فكر منذ سنوات فى أن ذلك سوف يحدث فى يوم من الأيام، إذا تمسكت مصر ورئيسها بالواقعية السياسية وتجنبت المزالق الخطرة- وهى ستفعل- فإن مصر بدون الرضا الأمريكى ستكون أفضل والأيام بيننا.