الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الرئيس الجاد

الرئيس الجاد


للرئيس السيسى بالتأكيد عشرات الصفات الحسنة التى يتحلى بها مثل الكثير من المصريين، لكن الواقع يقول أن كل إنسان عادة ما تكون له صفة بمثابة المفتاح لشخصيته، أو هى الصفة التى تغلب غيرها من الصفات، فتصبح عنوانا للشخصية وطريقا لفهمها.

فِى ظنى أن أبرز ما تتجلى فيه جدية الرئيس السيسى هو السياسة الخارجية لمصر، ذلك أن النتائج توحى أن الرجل يأخذ ما يتعلق بدور مصر ومكانتها بجدية شديدة وهو فيما يبدو لنا جميعا يتعامل مع الدول الكبرى سواء فى الإقليم أو فى العالم بنوع من الود الحازم، أو الحسم الرقيق. والمعنى أن مصر تسير فى سياستها الإقليمية والعربية وفق أچندتها الخاصة جدا، ووفق أولوياتها هى، وهى فى ذلك بالتأكيد ترفض طلبات لدول كبيرة سواء فى الإقليم أو فى العالم، لكن ما يثير الإعجاب حقا، ويشى باحترافيه السياسة المصرية، أن هذا الرفض من جانب مصر لا يؤدى لا إلى عداء مع هذه الدول، ولا إلى قطيعة معها، بل إن العلاقات معها غالبا ما تسير إلى الأفضل حتى لو مرت ببعض فترات التوتر، لقد رفضت مصر أن تتورط فى حرب اليمن بقوات برية على الأرض، ورفضت أيضا أن ترسل قواتها إلى سوريا، بل إنها دعمت الدولة السورية فى مواجهة عصابات داعش، وقد كان هذا مخيبا لآمال دولة حليفة لمصر مثل السعودية، وأدى إلى توتر فى العلاقات عبر عن نفسه بانقطاع إمدادات البترول السعودى، وبتقارب فى العلاقات بين السعودية وقطر.. لكن الأمر لم يستغرق سوى عدة شهور لتعود إمدادات النفط السعودى، ولتقود السعودية نفسها دول الخليج لمقاطعة قطر بينما مصر حاضرة بقوة فى المشهد، ولا شك أن هذا دليل تمكن واحترافية وجدية كبيرة للسياسة المصرية وللرئيس أيضا.
شيء من هذا يمكن أن تلمسه فى العلاقة.. مع الولايات المتحده الأمريكية، والتى شهدت تحسنا كبيرا بعد فوز الرئيس ترامب.. نتيجة لـ (كيمياء) خاصة جمعت بين الرجلين ولفراسه صائبة دفعت مصر للرهان على فوز المرشح الجمهورى، ومع ذلك فإن هذا التقارب لم يدفع مصر لأن تكون ذيلا للسياسات الأمريكية ولا تابعا لها.. وقد عبر هذا عن نفسه فى العديد من المواقف، كان أهمها وأكثرها سخونة الموقف من كوريا الشمالية، حيث تمسكت مصر بالموقف الذى تمليه رؤيتها الخاصة ومصلحتها الوطنية.
أما آخر المواقف فقد كان الموقف من حزب الله.. حيث كان موقف مصر أحد العوامل الحاسمة التى أدت إلى إخماد احتمالات حرب أهلية تبتلع هذا البلد العربى الجميل والصغير أيضا وكان الموقف المصرى أيضا فى هذه المرة نابعا من إرادة مصر ورؤيتها للمنطقة حتى ولو تعارض مع رؤية دولة صديقة مثل السعودية.. من ليبيا إلى اليمن.. ومن العراق حتى لبنان ومن الخليج إلى القرن الأفريقى يستعيد العملاق المصرى دوره الذى غيب لسنوات طويلة بفعل فاعل، لكن أكثر الناس لا يعلمون.