السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
سينما الإعلام السياسى!

سينما الإعلام السياسى!


نعم.. يجب ألا نترك السينما للسينمائيين، ولا الدراما للدراميين.
نعم.. يجب ألا نترك المسرح للمسرحيين ولا الأغانى للمغنين.
نعم.. يجب ألا نترك الأدب للأدباء ولا الشعر للشعراء ولا الرسم للرسامين.
نعم.. يجب ألا نترك الإعلام للإعلاميين ولا الصحافة للصحفيين.

السينمائيون مجموعة من الجهلة الذين لا يشغلهم سوى الفلوس وترتيب أسمائهم على الأفيش، والأدباء يكتبون ما لا يفعلون والشعراء يتبعهم الغاوون، والرسم حرام أصلاً، والصحفيون ينشرون ما لا يعلمون والإعلاميون يفتون فيما لا يفقهون.
نعم يجب ألا نترك الدراما للدراميين، ولا الإذاعة للإذاعيين ولا التليفزيون للتليفزيونيين.
كل هذه القوى «الناعمة» لا هى ناعمة ولا حاجة، ولكنها من أسلحة الدمار الشامل التى يجب منعها عن الخونة والجهلة والعامة والغوغاء.
نعم.. يجب ألا تعطى مفاتيح وشفرات إطلاق هذه الأسلحة الخطيرة سوى لحفنة محدودة من أولى الأمر منا، الذين يعرفون ما لا نعرف، ويفهمون ما لا نفهم، الذين يصحون وينامون على حب الوطن، ويضعون على رنة هواتفهم أغنية «يا حبيبتى يا مصر».
نعم.. يجب ألا تعطى مفاتيح القوى الخشنة أو الناعمة إلا لهؤلاء، ولمستشاريهم ومساعديهم وصبيانهم من المخلصين، العاشقين لتراب وغبار مصر، الذين لا يسعون وراء الدنانير والريالات، ولا يتزلفون للأمراء والشيخات، ولا تشغلهم المناصب والألقاب، أو ترتيب أسمائهم فى قوائم الدعوات.
يجب ألا تترك «ناعمة» فى أيدى من لا يعرف قدر نعومتها، ولا لمن لا يعرف أن «ناعمة» هى أخت نعم ونعمت، وبنت عم نعمة، وجمعها نعم، التى يملكها ولى النعم!
فى الواقع.. يجب ألا يسمح للمفكرين بالتفكير، ولا للسينمائيين بـ«التسييم»، مادام الله حبانا بأرسطو عصره وسقراط أوانه، الذى يفكر عنا، ويفهم فى الكتابة والصحافة والإذاعة والتليفزيون والسينما والدراما أكثر منا، وكل ما علينا أن نفعل، هو أن نصغى وننفذ، فإذا قال «شي» شهقنا، وإذا قال «ييس» نهقنا!
انظروا إلى العالم من حولنا، لقد تحولنا إلى نسخة من رواية وفيلم «1984» التى كتبها الإنجليزى جورج أورويل فى نهاية الأربعينيات، التى تنبأ فيها بقيام حرب عالمية ثالثة مدمرة، حيث سقطت الدول، وتمكن الإرهاب من العالم، ولم يبق سوى بلد وحيد آمن، قام فيه النظام بتأميم الإعلام والثقافة والفنون، لا يسمح فيه للمرء بقراءة الصحف أو الكتب أو مشاهدة الأفلام أو التليفزيون، إلا ما يسمح به النظام، بل ما يقوم بضخه عبر قنواته وصحفه المؤممة، وهو نظام ابتكر جريمة جديدة، وقتها، اسمها «جريمة التفكير»، وإدارة جديدة فى الداخلية، اسمها «شرطة التفكير»!
فى هذا العالم المضروب بالإرهاب والإرهابيين، وبالعملاء والمخربين، بالخوف والشك والفقر، لا يجد الناس ملاذا آمنا سوى صوت ووجه «الأخ الأكبر» العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، زعيم الحزب الواحد الحاكم، أما بطل الرواية، فهو أشبه بواحد صاحبنا، إعلامى وما هو بإعلامي، مؤرخ وما هو بمؤرخ، مفكر وما هو بمفكر، بل مجرد موظف فى وزارة «الحقيقة» التى لا عمل لها سوى إخفاء الحقائق واستبدالها بالأكاذيب. يعمل صاحبنا ككاتب، عمله هو إعادة كتابة مقالات الصحف القديمة بطريقة «عصرية»، تقنع البسطاء والبلهاء أن التفكير من عمل الشيطان وأن الحرية هى سبب خراب البشرية.. وأنه يجب ألا تترك السينما للسينمائيين، ولا الدراما للدراميين، ولا الصحافة للصحافيين. 