
عاطف حلمي
تخيل يا راجل!
تذكرت وأنا أستمع للمعلقين قبل بدء مباراة كلاسيكو الأرض منذ أيام بين ريال مدريد وبرشلونة، الجملة الشهيرة للفنان سمير غانم فى إحدى المسرحيات «تخيل يا راجل كل ما أطلب رقم بالتليفون يرد عليً نفس الرقم».
> بديهيات
قال أحد المعلقين: تخيل اللى واقفين فى بوابات الاستاد بنات ومفيش أى مشاكل، أصل الناس هنا جايين يستمتعوا ويقضوا وقت حلو»، وأكمل آخر «شوف واحد رافع علم ريال مدريد وماشى عادى وسط جمهور برشلونة ولا حد كلمه».
جملة سمير غانم وتعليقات معلقى المباراة، إذا أخذناها من سياقها لتصبح مجردة وجعلنا شخصاً لا يدرك مغزى ما يقال يسمعها سوف يضرب كفاً بكفٍ ويتعجب مما نقوله فهى لا تعدو كونها بديهيات.
> عفوية
تعليقات المعلقين العفوية تعكس مدى ما وصل إليه المجتمع ومدى ما نحتاجه حتى نلحق بركب الدول المتقدمة والمتحضرة، فهناك خلل ما أصاب المجتمع جعلنا أكثر عنفاً وأكثر عشوائية حتى بات حضور الجماهير مباراة من دون شغب مشكلة.
> مؤشرات
وما يحدث على الساحة الكروية هو انعكاس لحالة مجتمعية، وجهة نظرى المتواضعة فإن تحضر الدول يقاس بأربعة مؤشرات رئيسة، هى: نسبة الطبقة الوسطى فى المجتمع فكلما زادت زاد الاستقرا، فهى الطبقة الأساسية التى يقوم عليها أى مجتمع.
> تكافؤ
المؤشر الثالث يستند إلى تكافؤ الفرص، ووضع الرجل المناسب فى المكان المناسب، وفى هذا المجال فإن الخلل لا تخطئه العين فأصبحت المهن والمناصب وحتى أصغر الوظائف بل والمهن الإبداعية تورث مما يشيع حالة من الإحباط لدى الأجيال الجديدة.
> ومرور
أما المؤشر الرابع فهو لا يجد منا أى اهتمام رغم أهميته البالغة، وهو احترام اشارات المرور، فمن لا يحترم إشارة المرور وهو فى طريقه إلى عمله كيف سيحترم عمله أصلاً، ومن لا ينضبط فى الشارع كيف سينضبط خلف الأبواب المغلقة، ومن لا يدرك مدى خطورة استهتاره على حياة الآخرين كيف سيقدر قيمتهم الإنسانية.
> منظومة
هذه المؤشرات مجتمعة تعكس مدى مشكلتنا المجتمعية، ومدى حاجتنا ليس لإصلاحات جزئية، بل لإعادة هيكلة كاملة للمنظومة برمتها، فلم يعد لدينا من ترف الوقت نقضيه فى حلول جزئية فلقد اتسع الخرق على الراتق. >