الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
خلاف الأشقاء بين مصر والسعودية

خلاف الأشقاء بين مصر والسعودية


فى العلاقات المصرية السعودية ثمة فارق كبير  بين الثابت والمتغير، الثابت أنها علاقات استراتيجية ثابتة راسخة.. والمتغير أنها تشهد خلافا فى الرأى حول الوضع فى سوريا واليمن.. وأسوأ شىء يمكن أن يحدث هو أن يغطى المتغير على الثابت فيشوهه.. أو يغير من ملامحه.. أو يحتل محله ليصبح هو الأصل.. عبر التاريخ القريب كانت مصر دائما فى المقدمة.. وكانت السعودية فى الخلف تساند وتدعم.. كانت مصر تحارب.. وكانت السعودية تساند، عقب نكسة 67 ساندت السعودية مصر ووقفت وراءها فى مؤتمر الخرطوم.. لكن الحقيقة أنها بجانب مساندتها لمصر كانت تساند نفسها أيضا.. كانت تدافع عن النظام العربى التى هى -السعودية-جزء رئيسى منه.. كان حكماء المملكة وحكامها يعرفون أنه بدون مصر قوية وقادرة تستطيع إسرائيل لو أرادت أن تجتاح الوطن العربى فى ساعات.. كانت مصر ومازالت هى القوة الإقليمية السنية التى يمكن أن تأتمنها المملكة على سلامتها ومستقبلها.. قوة إقليمية مؤتمنة.. ليست ذات مذهب مختلف وأطماع توسعية مثل إيران.. وليست دولة استيطانية عنصرية توسعية مثل إسرائيل.. كانت مصر.. دائما هى مصر.. الدولة التى يمكن أن يأتمنها شعب المملكة على سلامتها.. كانت مصر حليفا كبيرا للسعودية بلا أى أطماع.. لذلك كانت السعودية دائما خلف مصر.. وكانت مصر أيضا خلف السعودية.. لم يكن فى الأمر منٌْ ولا صدقة.. كانت وستبقى مصلحة مشتركة يقدم فيها كل طرف ما لديه للآخر.. وحين بدا أن طموحات الرئيس العراقى الراحل صدام حسين قد تجاوزت سقف حدوده لتعدد بقاء دول الخليج وعلى رأسها السعودية.. اختارت مصر السعودية.. وكان لموقفها الأثر الأكبر فى أن تعبر دول الخليج الأزمة التى هددت بقاءها بسلام.
ومرة أخرى لم يكن فى الأمر من ولا صدقة.. كانت مصر تقدم ما لديها والسعودية أيضا تقدم ما لديها.
نعم وقفت السعودية بكل قوتها خلف مصر فى 30 يونيو.. ولكن مصر أيضا بثورتها فى 30 يونيو منعت عن السعودية خطرا داهما كان أهل المملكة يعرفونه جيدا ويتوخونه جيدا.. حيث كان الإخوان الذين فازوا بحكم مصر يتلمظون للقفز على عروش الدول الخليجية كلها.. والمملكة على رأسها.. كانت السعودية فى 30 يونيو تساند مصر.. لكنها كانت تساند نفسها أيضا.. وتدفع عن عرشها وعن شعبها شرا كاد أن يطالها.. ومرة أخرى لم يكن فى الأمر من ولا صدقة.. بل مصلحة سعودية مؤكدة فى مساندة مصر.
لم تكن المساندة -بعد 30يونيو - من جانب واحد.. ردت مصر الجميل السعودى.. ورفعت شعار (مسافة السكة) وكان الشعار يعنى أن مصر لن تقف صامتة إزاء أى خطر يهدد أمن دول الخليج أو سلامة بقائها.. ولم يكن يعنى بكل تأكيد أن ينجر الجيش المصرى فى مغامرات هنا أو هناك.. أو أن يرفع الجندى المصرى سلاحه فى وجه عربى آخر سواء فى سوريا أو فى اليمن.
رفضت القيادة المصرية الوقوع فى هذه الخطيئة، وهنا كان الخلاف. ولا ضير أن يكون هناك خلاف بين الأشقاء.. مادام كل طرف سيلتزم باحترام الطرف الآخر وتقدير وجهة نظره.. وهو ما يجب على الجميع الالتزام به حفاظا على عمق العلاقات.
غير صحيح ما يجرى ترويجه عبر كتائب الإخوان المسلمين حينا، وعبر أصوات فردية فى الإعلام السعودى حينا آخر من أن مصر انحازت لروسيا ضد السعودية.. مصر انحازت لأمنها القومى ولسلامة أراضيها.. مصر لا تحتاج قرار روسيا كى تعرف ماذا تفعل إزاء سوريا.. التلاميذ المبتدءون يعرفون أن أمن مصر القومى يبدو فى سوريا.. وأن جيشها هو الجيش (الأول) لذلك يبدأ ترقيم الجيوش المصرية باسم الجيش (الثانى) و(الثالث).. ليس مطلوبا من مصر أن تنحاز لقرارات تساند تنظيم القاعدة وجبهة النصرة وشذاذ إرهابيى العالم.. لأن ثمة رغبة سعودية فى إزاحة بشار الأسد.. من حق مصر أن تبحث عما فيه مصلحتها وأمنها القومى مادام ذلك لا يتعارض مع أمن السعودية الذى التزمت مصر بالدفاع عنه.
أعتقد أن على صوت الحكمة والعقل أن يتدخل.. وأعتقد أن على الجميع أن يضبط غضبه لأن البدائل ستكون ضارة جدا للطرفين.. وهذا ليس فى مصلحة مصر.. ولا فى مصلحة السعودية أيضا.