الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
لا يحفظون الأسرار!

لا يحفظون الأسرار!

هم مواليد ما بعد 1995 إلى عام 2009، وهم أول جيل يتعرف على التابلت والهواتف الذكية والإنترنت منذ طفولتهم.. هم أرباب التكنولوجيا فى عالم اليوم، ورغم أن ما يَقْرُب من نصف هذا الجيل  لا يزالون فى مراحل الدراسة.. فإنهم الجيل الأهم بالنسبة للعالم – جيل Z – وقد صار غالبيتهم من حاملى بطاقات الهوية، ورخصة القيادة، بل والحق فى الانتخابات.



يقوم المختصون بدراسة خصائص هذا الجيل للاستفادة من تلك المعرفة فى مجالات مختلفة.. تأتى مجالات التسويق على رأس تلك الاهتمامات فى عالم لا تحكمه سوى المادة ويتبع آليات السوق فى كل مناحيه.. ويقولون إن جيل Z هو الأذكى على الإطلاق فى التسوق، فهم عمليون جدًا، يشترون ما يحتاجونه، وتساعدهم قدراتهم على التسوق الرقمى بشكل مذهل يخدم مصالحهم المالية فيحصلون على أفضل السلع بأقل الأسعار.. 

وجيل Z يتمتع بذكاء خارق فى البحث عن المعلومات والقيام بالمهمات الدراسية، ويحصل على خبراته ومعارفه من المصادر الرقمية الموسوعية، وعلى الأكثر المرئية بشكل شبه متكامل.. فهم الأكثر مشاهدة ليوتيوب والأقل اعتمادًا على الكتب الورقية، أو الخبرات المتوارثة.. ولكنهم فى الوقت نفسه الأكثر تركيزا فى البحث، والأقل تركيزا فيما يخص الوقت؛ لأنهم يملّون بسرعة وينجذبون للجديد والغريب والسريع.. كما أنهم الأكثر انفتاحا سياسيا إذ لا يتبعون توجهات آبائهم بالضرورة، ويؤمن غالبيتهم بالفكر التقدمى مهما تنوعت اتجاهاتهم السياسية.

الأهم الذى لا يلتفت له كثيرون ليس خصائص الجيل الشرائية والتكنولوجية، ولا حتى فيما يخص التعلم، ولا السياسة، بل ما يهم حقا هو الخصائص الاجتماعية.. تتشكل الخصائص الاجتماعية لجيل Z عن طريق الميديا وليس عن طريق الأسرة والعائلة كما كانت الأجيال السابقة له.. فتنمو لدى هذا الجيل نزعة عولمية فيما يخص العادات الاجتماعية.. إذ غالبا ما تندثر التقاليد المحلية فى مقابل العولمية الاستهلاكية التى تجعل حتى الإنسان مجرد سلعة.. إذا كانت العلاقة toxic فاترك هذا الشخص فورًا.. 

ذلك الجيل لم يتعلم أن العلاقات الإنسانية لها طبيعة خاصة تشمل بعض الخصوصية التى تصل إلى حد اعتبارها من الأسرار المقدسة.. فالعلاقات عند جيل Z هى صور اللقاء والغداء مع الأصدقاء على فيس بوك، أو فيديو الرحلة البحرية مع الخطيب على إنستجرام.. إذا جاء عيد الحب فلا بد أن تصف علاقتنا جملة على السوشيال ميديا وبجانبها صور الهدايا المتبادلة.. فليعلم كل العالم أنهما تزوجا، أو تطلقا، أو أن هناك مشاكل بينهما.. ولا بد أن تعرف كل البشرية تفاصيل علاقات الأصدقاء.. والزيارات.. والمغامرات.. لا توجد لحظة واحدة غير موثقة وغير معلنة!!

لقد أخطأ جيل الآباء حينما انساق فى تلك العولمة الجديدة عوضا عن أن يعلم أبناءه قدسية وسرية العلاقات الإنسانية.. لا بد أن تحتفظا بما لا يعلمه سواكما؛ فى الحب وفى الصداقة أيضا.. ليس ضروريا أن توثقا كل اللحظات بالصور.. لأن التوثيق يمنع الخيال، ويعوق عمل الذاكرة أحيانا.. لا يصح أن تسجل المكالمات.. ولا أن تأخذ صورة لمحادثات خاصة بينك أنت وصديقك أو أنت وزوجتك.. حتى ما تكون أنت نفسك إنسانا صالحا للدخول فى أى علاقة صحية، احتفظ لنفسك ببعض الخصوصية.

تلك السطحية التى اعتمدها هذا الجيل المسكين، جعلت علاقاته الاجتماعية هشة جدا تتفتت على أرض الواقع.. ويعتبر هذا هو الفشل الأكبر بين أبناء هذا الجيل.. إذ تعزو بعض الدراسات عن جيل Z السبب الأكبر للاكتئاب والعزلة: الفشل فى إقامة علاقات ناجحة، فى حين كانت أسباب الاكتئاب فى أجيال سابقة تتعلق بالفشل فى الدراسة، أو العمل أو الحصول على المال..

لصاحبه: «الخصوصية قوة.. ما لا يعلمه الناس، لا يستطيعون أن يهدموه».